- الصحة اللبنانية: 4 شهداء و29 مصابا جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطة وسط بيروت
خاص: كان وسيبقى الشهيد ياسر عرفات، رمزًا للمقاومة وأيقونةً للنضال الفلسطيني، ويمثل الشهيد القائد أبو عمار لمعاصريه ومَن خالطوه كنزًا لا ينتهي ومعينًا لا ينضب من النضال والوطنية والشهامة والاعتزاز بالوطن والذات.. في هذه الحلقات نرصد شهادات حية لمعاصري الشهيد القائد على تفاصيل حياته ومواقفه النضالية..
قال الشيخ يوسف سلامة، وزير الأوقاف الأسبق، في حديثه عن الزعيم الراحل أبو عمار، إن عرفات كان سباقا لعمل الخير والتشجيع عليه، وقريب من جميع شرائح المجتمع الفلسطيني.
محبوب ومحب لشعبه
وأوضح سلامة، أن الرئيس الراحل ياسر عرفات رحمه الله كان محبوبا من شعبه وكان يحب شعبه، لذلك شعبنا الفلسطيني بادل أبو عمار الحب، وكان عرفات قريبا من جميع شرائح المجتمع الفلسطيني، فكان يقبل أيادي ورؤوس الأطفال، وقريب من العلماء، وقريب من الشباب ويقول إنهم أمل المستقبل، فالشباب بكل أمة عماد حاضرها وأمل مستقبلها، وقريب من الشيوخ، يحب أن يستمع إلى تجاربهم، وقريب من المرأة لأنها نصف المجتمع ولها مكانة كبيرة.
لم يتخلف يوما عن حضور مناسبة للأوقاف
وذكر سلامة، "عندما كنا نقيم الاحتفال السنوي لتكريم العملاء وحفظة القرآن على مستوى فلسطين، اتفقنا ذلك العام على دعوة الإمام الأكبر محمد سيد طنطاوي، شيخ الأزهر، ليكرم في الاحتفال ويكون ضيف فلسطين، وكانت المرة الأولى التي يأتي فيها، حيث ُسر أبو عمار كثيرا بحضوره، وكنا ننتظره في مطار غزة الدولي، ونقيم الاحتفال في ليلة القدر، وكان أبو عمار موجود في رام الله مع العلم أنه لم يتخلف يوما عن حضور مناسبة لوزارة الأوقاف، وكانت الأجواء ممطرة ورياح قوية حيث لا يمكن أن تقلع طائرة أبو عمار، فقرر أن يأتي برا نظرا لحبه لمصر وتقديرا لشيخ الأزهر، وأصر الرئيس على الحضور واستقبال شيخ الأزهر في مكتبه، وعند وداعه لم يلتزم أبو عمار بالبروتوكول الدبلوماسي، وأصر أن يودعه ويوصله بنفسه إلى المطار، وقام باصطحابه بسيارته وتوديعه، مؤكدا أنه يدل على إنسانية أبو عمار وتقديره لضيوف فلسطين، واحترامه واحتفاله وتشجيع حفظة القرآن والعلماء".
القرار المناسب في الوقت المناسب
وأكد سلام، أن "أبو عمار كان يستشير من حوله في كثير من القضايا، وبعد اقتحام المجرم شارون لباحات المسجد الأقصى المبارك عام 2000 طلب أبو عمار عددا من العلماء ورجال الأوقاف، وجلس وبدأ يتشاور معهم في معالجة الأمر، وكان يستشير الجميع ولكن في النهاية القرار له"، مؤكدا أن هذا ليس أنانية في أبو عمار، إنما هو صاحب المشروع، وهو الذي سيسجل التاريخ عن موقفه، لذلك كان يتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
تكريم الشيخ أحمد ياسين
وقال سلامة، إنه "في مناسبة تكريم الشيخ أحمد ياسين، لم يكن الشيخ يعلم وقتها أننا سنكرمه، وأيضا أبو عمار لم يكن يعرف ذلك أيضا، وقمت بتجليس أبو عمار، وأبلغني المكتب بتحرك أبو عمار نحو القاعة، وبدأ السلام الوطني، وأريد أن أخبر أبو عمار بأننا سنكرم الشيخ أحمد ياسين، حيث أنه لا يمكن أن تتحدث وقت السلام الوطني، فقلت لأبو عمار بصوت خافت جدا، الشيخ أحمد ياسين موجود، وما انتهينا من السلام الوطني، وقبل أن يجلس أبو عمار يسأل أين فضيلة الشيخ، فأشرت إليه بجانبنا، فنزل بسرعة وحمله بكرسيه وأجلسه بجواره، وارتفعت الهتافات والتكبير، وكان ذلك يوما مشهودا في تاريخ الشعب الفلسطيني".
يسر عند مخاطبته في أي أمر يتعلق بمساعدة
وأشار سلامة، إلى أن أبو عمار كان سباقا لعمل الخير والتشجيع عليه، وكان يسر عند مخاطبته في أي أمر يتعلق بمساعدة مريض او طالب أو محتاج، لأنه يعتبر أن كل عمل يقدم للمواطن الفلسطيني، يعزز صموده وثباته وبقاءه على هذه الأرض وتضحيته في سبيل هذا الوطن.
حصار المقاطعة
ولفت سلامة، إلى أن أكبر خطر واجه أبو عمار في فلسطين، عندما حوصر في مقره بالمقاطعة، وهدم الاحتلال كل شيء ولم يتبقَ سوى الغرفة التي يقف فيها أبو عمار مع بعض مرافقيه، وقتها خرج أبو عمار ليزلزل العالم عبر التلفاز، والناس ينظرون بصورة فظيعة والخطر محدق لا محالة، مشيرا إلى أن القيادة الإسرائيلية اتخذت قرارا بتصفية عرفات، فخرج أبو عمار على شاشة التلفاز بعزيمة المؤمن الأسد، وعزيمة قوم الجبارين التي كان يرددها دائما، وقال جملته، "يريدوني قتيلا أو أسيرا أو طريدا، وأنا أقول لهم شهيدا شهيدا شهيدا".
وتابع سلامة، "تواصلت مع أبو عمار وهو في الحصار، وكنت لا أعرف ماذا سأقول له لكي أخفف عنه، وبدأت بالحديث أن الرسول عليه السلام حوصر وخرج سليما معاف، وأقول له اصبر سيادة الرئيس وستخرج إن شاء الله، فقال لي "يا شيخ هو لو استشهد ياسر عرفات حيموت الشعب الفلسطيني؟".
يومًا بعد يومًا تتكشف حقائق جديدة وتظهر وثائق مكنونة في صدور وقلوب وذاكرة معاصري أبو عمار، تضيف رصيدًا جديدًا لهذا الخالد دومًا، فلروحه السلام.