اليوم السبت 21 ديسمبر 2024م
عاجل
  • اندلاع مواجهات بين الشبان و قوات الاحتلال ببلدة بيتا جنوب نابلس
اندلاع مواجهات بين الشبان و قوات الاحتلال ببلدة بيتا جنوب نابلسالكوفية الفلسطينيون في مواجهة الشرق الأوسط الجديدالكوفية حرب الإبادة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيرهالكوفية بث مباشر || تطورات اليوم الـ 442 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية رئيس تشيلي يضع 45 ألف ضوء بشجرة الميلاد تضامناً مع غزةالكوفية "الصحة" تناشد المجتمع الدولي إدخال المساعدات والأدوية والطعام لمستشفى كمال عدوانالكوفية الصحة: 21 شهيدًا و61 مصابًا بـ3 مجازر في القطاع خلال 24 ساعةالكوفية فيديو وصور || مستوطنون يهاجمون قرية سوسيا جنوب الخليلالكوفية 78 يومًا وشمال قطاع غزة يتعرض للقصف والحصار والتجويعالكوفية بالفيديو//.. جنود يتنافسون على قتل المدنيين وجثامين متروكة للكلاب الضالةالكوفية بالفيديو// الاحتلال يغتال أربعة شبان في طولكرم بينهم قائد كتائب الأقصىالكوفية بالفيديو// صفقة أم مرواغة سياسية.. الاحتلال يطالب بالضغط على حماس لتنفيذ هذا الشرطالكوفية بابا الفاتيكان يندد بـ" قسوة" الاحتلال بعد قتله 7 أطفال في غارة بغزةالكوفية أبو صفية: مستشفى كمال عدوان تحت تهديد مستمر وإطلاق النار بمحيطه لم يتوقفالكوفية واشنطن توافق على بيع أسلحة لمصر بقيمة 5 مليارات دولارالكوفية أونروا: كل الطرق في غزة تؤدي إلى الموتالكوفية انتشال جثماني شهيدين إثر قصف من طائرة مسيرة إسرائيلية في منطقة خربة العدس شمال شرقي مدينة رفحالكوفية فيديو || مستوطنون يهاجمون قرية برقا شرقي رام اللهالكوفية استشهاد طفل بانفجار لغم من مخلفات الاحتلال قرب بيت لحمالكوفية مجلس الأمن يمدد مهمة قوات حفظ السلام بالجولانالكوفية

الابتكار في خدمة الدمار

11:11 - 21 سبتمبر - 2024
رامي مهداوي
الكوفية:

في الصراعات الحديثة، أصبح التفوق التكنولوجي معيارا رئيسا في تحديد الفائز، وإسرائيل تقف في مقدمة الدول التي استثمرت في تطوير تقنيات الحرب. ولكن هذا التفوق، رغم أهميته، لا يمكن فصله عن الجرائم الوحشية التي ترتكب في ظله. العمليات الأخيرة التي نفذتها إسرائيل باستخدام أجهزة «البيجر» المفخخة تُظهر حجم الابتكار التكنولوجي الإسرائيلي، ولكنها في الوقت ذاته تسلط الضوء على استغلال هذه التقنية لارتكاب جرائم جماعية ضد الإنسانية، مثل تلك التي شهدتها غزة وجنوب لبنان.
ما يميز العمليات الإسرائيلية الأخيرة هو استخدامها لأجهزة «البيجر» كسلاح حرب، وهو أمر غير مسبوق في النزاعات العسكرية. فبتفجير آلاف الأجهزة في وقت واحد، قتلت إسرائيل المئات وأصابت الآلاف، ولم تميز بين مقاتل ومدني، بين رجل وطفل. العملية التي نفذتها الاستخبارات الإسرائيلية تعتبر استعراضاً شيطانياً للقوة التكنولوجية، حيث تمكنت من استبدال أجهزة النداء المستوردة بأخرى مفخخة دون أن يكتشف أحد، وفجرتها بتزامن مثالي لتحقيق أكبر عدد من الضحايا.
هذا النمط من الحروب يوسع الفجوة بين الأطراف المتصارعة، حيث تعتمد إسرائيل بشكل كامل على التكنولوجيا المتقدمة، مثل الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، والطائرات بدون طيار، لتوسيع نفوذها وتعزيز هيمنتها في المنطقة. وبالمقابل، تعتمد المقاومة، سواء «حزب الله» أو الفصائل الفلسطينية، على الشجاعة والأيديولوجيا والاستعداد للتضحية. ولكن في مواجهة التفوق التكنولوجي الإسرائيلي، تجد هذه الفصائل نفسها عاجزة عن مجاراة إسرائيل في ساحة المعركة التقليدية.
لا يمكن إغفال أن التفوق التكنولوجي كان دائما عاملا حاسما في تغيير مسارات الحروب عبر التاريخ. فالمغول مثلاً ابتكروا الأقواس المركبة التي سمحت لهم باكتساح نصف العالم، والعثمانيون صمموا مدافع عملاقة فتحت لهم أبواب القسطنطينية. أما بريطانيا، فقد استفادت من تفوقها البحري والتكنولوجي لتصبح إمبراطورية عالمية. وفي الحرب العالمية الثانية، كانت القنبلة النووية نتاج التفوق العلمي الأميركي الذي حسم الحرب لصالح الحلفاء.
إسرائيل، اليوم، تستفيد من تفوقها في مجالات مثل الأمن السيبراني، الذكاء الاصطناعي، وتصنيع الأسلحة المتقدمة. ورغم صغر حجمها وسوقها المحدود، استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة كقوة تكنولوجية في الاقتصاد والحرب. هذا التفوق هو ما يمنحها اليد العليا في الصراعات المستمرة، سواء في غزة أو جنوب لبنان، حيث تتمكن من توجيه ضربات مدمرة دون أن تتكبد خسائر بشرية كبيرة في صفوفها.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: إلى متى يمكن لإسرائيل أن تستمر في هذه الحروب غير الأخلاقية؟ فالتفوق التكنولوجي وحده لا يمكن أن يحقق لها انتصارا دائما. صحيح أن إسرائيل قد تستطيع سحق خصومها عسكريا في المدى القصير، ولكن على المدى الطويل، الحروب التي تعتمد على تدمير المدنيين والبنى التحتية لن تؤدي إلا إلى تعميق الكراهية وتأجيج الصراعات. فقد نجحت إسرائيل في قتل الآلاف، لكنها في الوقت ذاته حفرت قبرا أعمق لعملية السلام، ودفعت أعداءها إلى البحث عن طرق جديدة للمقاومة.
ما يجعل الصراع، اليوم، أكثر تعقيدا هو تحول الحرب من ساحة المعركة التقليدية إلى حرب العقول والتكنولوجيا. فبينما تطور إسرائيل تقنياتها، نجد أن الفصائل المقاومة قد تتجه إلى أساليب جديدة. هذه الحروب الإلكترونية والتقنية قد لا تحقق لإسرائيل الأمان الذي تسعى إليه، بل قد تكون بداية لفصل جديد من الصراع أكثر تعقيداً.
بهذا المنطق، تواصل إسرائيل عملياتها التدميرية في غزة ولبنان، دون اعتبار لأي مبادرات سلام. ولكن كما انتهت الأسطورة، قد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة مع واقعٍ لا يمكن لتقنياتها المتقدمة أن تحسمه. فالتفوق التكنولوجي قد يربح معركة، لكنه لن يربح الحرب.
يبقى أن نقول، إن إسرائيل قد حققت "انتصارات" تكنولوجية وعسكرية، لكنها في المقابل فقدت كثيراً من إنسانيتها وأخلاقياتها. هذه الحروب التي تشنها قد تحقق لها مزيداً من النفوذ على المدى القصير، لكنها ستبقى في نظر العالم، وخاصة في نظر شعوب المنطقة، مجرد قوة تدميرية، لا يمكن أن تتوقع سوى المزيد من الحروب والدماء.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق