اليوم الجمعة 10 يناير 2025م
دلياني: اعتداءات المستوطنين الإرهابية جزء من استراتيجية إسرائيلية رسمية لتهجيرنا ومحو وجودناالكوفية جنين.. مشهد مروع يعكس انتهاكًا صارخًا للقوانين الإنسانيةالكوفية حرائق لوس أنجليس تتسبب بـ10 قتلى وتلتهم 10 آلاف مبنىالكوفية بايدن: جوزيف عون «رجل من الطراز الأول»الكوفية ميقاتي يلتقي عون: نحن أمام مرحلة جديدة لسحب السلاح من جنوب الليطانيالكوفية نشوة الإنجازات التكتيكية الإسرائيلية برسم التقديرات الخاطئةالكوفية الصفقة ...!الكوفية ترامب: كبير أمام العالم، صغير أمام إسرائيلالكوفية هل تكون صفقة التبادل أول إنجازات ترامب؟الكوفية تطورات اليوم الـ 462 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية وزير الخارجية المصري: لا يمكن نشر أي قوات أجنبية في غزة أيا كانت جنسيتهاالكوفية 7 شهداء وإصابات في استهداف الاحتلال لمناطق متفرقة من قطاع غزةالكوفية جنين: اشتباكات مسلحة عقب حصار قوات الاحتلال منزلا في بلدة قباطيةالكوفية مطالبة حقوقية بإدراج إسرائيل في القائمة السوداء للأمم المتحدة المتعلقة بالعنف الجنسيالكوفية الاحتلال يشن حملة اعتقالات ومستوطنون ينفذون اعتداءات في الضفةالكوفية آليات جيش الاحتلال تقتحم بلدة طلوزة شمال مدينة نابلسالكوفية قوات الاحتلال تقتحم بلدة حبلة جنوبي قلقيليةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم بلدة عصيرة الشمالية في نابلسالكوفية قوات الاحتلال تقتحم قرية كفر نعمة غربي رام اللهالكوفية غوتيريش: لا بديل للأونروا يستطيع توفير الخدمات للاجئين الفلسطينيين بالأراضي المحتلة بما في ذلك القدس الشرقيةالكوفية

هل تكون صفقة التبادل أول إنجازات ترامب؟

10:10 - 10 يناير - 2025
رجب أبو سرية
الكوفية:

في الوقت الذي حضر فيه عاموس هوكشتاين الى بيروت على عجل في محاولة لإنقاذ المنجز الوحيد في الشرق الأوسط المسجل باسم الرئيس الأميركي جو بايدن، كان موفد الرئيس المنتخب الذي لم يبدأ بعد ولايته الثانية دونالد ترامب يغادر الى الدوحة، حيث تجري جولة من المفاوضات بين إسرائيل وحماس حول صفقة تبادل المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس بوقف الحرب على غزة، وحيث أعلن هوكشتاين من بيروت بأنه يسعى لتمديد مهلة الستين يوماً الممنوحة للجيش الإسرائيلي ليخرج من الأرض اللبنانية التي يحتلها، ويتوقف عن متابعة خروقات وقف إطلاق النار، كان مبعوث ترامب ستيف ويتكوف، يعلن عن أمله بتحقيق نتائج طيبة فيما يخص صفقة التبادل في غزة، قبل تنصيب ترامب المقرر في العشرين من الجاري.
كانت سابقة في تاريخ الولايات المتحدة أن يقوم مبعوث الرئيس الذي لم يستلم بعد مقاليد الحكم، بدلاً من مبعوث الرئيس الذي ما زال يجلس في البيت الأبيض، بمهمة رسمية، وفي الوقت الذي ما زالت فيه هوكشتاين في بيروت، أعلنت الأوساط الإسرائيلية بالتفصيل عن الوثيقة التي تشكل أساس اتفاق صفقة التبادل في غزة، ذلك الاتفاق الذي ظل يراوح مكانه ويدور حول نفسه مدة أكثر من أربعة عشر شهرا، بما يعني بأن الفضل، إن تم إعلان الاتفاق خلال الأيام القادمة، إنما يعود الى مبعوث ترامب، والى مكانة ترامب وتأثيره على المتفاوضين ورعاة التفاوض معاً، وذلك حتى قبل أن يدخل البيت الأبيض ويمارس صلاحياته رسميا، وهذا بالنظر الى أن إدارة بايدن بقيت طوال أكثر من عام تسعى وراء تلك الصفقة، وكانت ترى فيها مهمة مركزية لها، لدرجة أن بايدن ربط مصيره الرئاسي بها، ومن ثم ربط مصير حزبه ومرشحته الخاسرة كامالا هاريس بتلك الصفقة.
صحيح أنه كان لنتنياهو دخل كبير، بل اليد الطولى في ذلك الأمر، وهو كان يسعى إلى فوز الجمهوريين وليس ترامب بالتحديد، في انتخابات الرئاسة، ذلك أن الديمقراطيين، كانوا أقل تأييداً لليمين الفاشي الإسرائيلي في حرب إبادته لغزة، وفي حين كان بايدن أقرب للجمهوريين، وعلى يمين الديمقراطيين، فإن كل الجمهوريين كانوا على يمين بايدن، وترامب ليس أكثرهم شراسة ضد الشعوب، أو أكثرهم انحيازا للفاشيين الإسرائيليين، لكن مع ذلك فإن استمرار الحرب منذ أكثر من ستة اشهر، أي بعد أسابيع من اجتياح رفح، وبعد اتفاق وقف النار على الجبهة مع لبنان، لم يعد له ما يبرره من طرف إسرائيل، سوى حاجة نتنياهو لها لبقاء ائتلافه الحاكم متماسكاً، كما أن الهدف الأهم لنتنياهو وهو جر أميركا للحرب مع إيران، لم يعد محتملاً فيما تبقى من أيام بايدن في البيت الأبيض، أما مع ترامب فيمكن له أن يأمل بها مجددا، أو على الأقل لن تحتاج اسرائيل وليس نتنياهو فقط، لبذل الجهد من أجل منع أميركا من العودة للاتفاق مع ايران حول برنامجها النووي، والأهم من كل ذلك نتنياهو بحاجة الى أن يرضي ترامب، وواضح بأن ترامب عبر مبعوثه ستيف ويتكوف أراد اتفاق الصفقة.
يدلل ذلك على أن ترامب سيكون مختلفا كثيرا، على الأقل في علاقته مع نتنياهو عما كان عليه ما بين عامي 2016_2020، حين كان نتنياهو يسيّره بأصابعه، كما لو كان رجلاً آلياً، بل هناك ألف سبب وسبب يدعونا الى القول، بأن ترامب خلال ولايته القادمة لن يكون مختلفاً عما كان عليه في ولايته الأولى وحسب، بل إنه سيكون أقوى من سلفه الرئيس الضعيف جو بايدن، ولهذا فإن السياسة الأميركية الخاصة بالشرق الأوسط لن ترسم في إسرائيل، كما كان الحال خلال السنوات الأربع الماضية، وحتى السنوات الأربع التي سبقتها، بل إن أميركا ستبدو أكثر اتزاناً، وستسعى الى عقد الصفقات السياسية، وستبعد الشرق الأوسط عن حالة التوتر التي أحدثها نتنياهو وفريقه الفاشي الحاكم في اسرائيل، بمساعدة جو بايدن، الذي قام بدوره بإحداث حالة التوتر في شرق أوروبا على الحدود بين روسيا وأوكرانيا.
مع ذلك، فلا بد من القول، بأن كل ذلك لا يعدو كونه يقع في خانة التوقعات، ونتنياهو نفسه المحنك سياسياً وصاحب التجربة الطويلة، والذي يعرف الأميركيين جيداً بعد أن تعايش مع خمسة رؤساء أميركيين على التوالي، الديمقراطيين: بيل كلينتون، باراك أوباما وجو بايدن، والجمهوريين: جورج بوش الابن، ودونالد ترامب، هو نفسه لا يعرف بالضبط كيف ستكون علاقته مع ترامب، وهو ما زال يرسل موفديه لكسب ود الرجل، كما أنه يدرك بأن الأمور لا تدار في أميركا لا بشكل شخصي ولا بشكل حزبي فقط، بل هناك اعتبارات كثيرة، وأن أميركا حالياً بحاجة الى الحلفاء إن كانوا أولئك الذين في الغرب الأوروبي وكندا، أو في الشرق، استراليا واليابان وكوريا الجنوبية، أو هؤلاء الذين في الشرق الأوسط، حتى تغلق الأبواب التي فتحتها بريكس روسيا والصين لتغيير النظام العالمي، ولهذا ثمن، كذلك يدرك بأن حربه بما تخللته من جرائم حرب إبادة أحدثت تحولات داخل المجتمع الدولي، بما فيه داخل أميركا نفسها، والتي لوحظ تأثيرها حتى في فوز ترامب بالانتخابات، بعد أن منحه المسلمون أصواتهم عقابا لبايدن على مشاركته نتنياهو تلك الحرب بالذات.
ولهذا فإن نتنياهو عمل وفق صيغة أن «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم»، أي أنه توصل لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، دون إعلان وقف الحرب، وأبعد ما يمكنه الوصول اليه مع غزة، هو صفقة جزئية، بدلا من صفقة «الكل مقابل الكل» كما تفضل حماس، وكما يفضل كثير من الإسرائيليين المطالبين منذ وقت طويل بالتوصل لصفقة التبادل من عائلات المحتجزين ومناصريهم من المعارضة والشارع، بما يؤكد بأن نتنياهو يستجيب لمطلب ترامب بعقد الصفقة قبل العشرين من الجاري، لكن بما يبقي على باب الحرب موارباً، وهي الحرب التي لم تعد مطلوبة بحد ذاتها، سواء في غزة أو لبنان، ولكن لتحقيق هدف ضرب إيران أخيرا، وهو هدف يبدو أنه بعدما لم يتحقق في عهد بايدن، فإنه أبعد ما يكون عن التحقق في عهد ترامب الذي يفضل التركيز حتى على مسار آخر في الشرق الأوسط، هو مسار مواصلة قطار التطبيع، أي مع السعودية، وهي الحلقة الأخرى من سلسلة الفشل الذي منيت به إدارة بايدن، ويبدو أنه سيكون هدفاً مركزياً في عهد ترامب، خاصة وأن مسيرة التطبيع قد سجلت باسمه قبل أربع سنوات مضت، باتفاقيات ابراهام 2020.
على أي حال فإن تفاصيل اتفاق الصفقة تظهر عبث الحرب التي اندلعت بين إسرائيل وحماس، فكلا الطرفين لم يحققا ما أعلناه لا قبل الحرب ولا خلالها، وبعد كل الدمار والقتل والخسائر على الجانبين، يعود الطرفان دون تحقيق الأهداف العسكرية والسياسية التي أعلناها، فنص الوثيقة يتحدث عن إعادة إعمار غزة وفق مراحل، فيما بات التهجير وإعادة الاستيطان في خبر كان، كذلك وبعد أن كشفت الحرب رغبات مخفية لفاشيي الحكم في إسرائيل بالتوسع وفق خرائط قيل عنها تشمل مواقع تاريخية، أو أي شيء من هذا القبيل، ضمن إطار إسرائيل من الفرات الى النيل، فإن الأمور تعود الى ما كان مطروحا، ربما في «صفقة العصر»، مع تعديل مهم يتوافق مع استحقاق التطبيع مع السعودية.
والوثيقة التي كان حضور مبعوث ترامب بمثابة إعلان عن موافقة الإدارة الأميركية القادمة عليها، لم تتعد كونها اتفاقا جزئيا، أو مرحلياً خاصاً بصفقة التبادل، بل هدنة، أقرب لما جاء عليه اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، بما يعني، بأن كل شيء يمكن أن ينهار، ويصبح كما لو أنه لم يكن في أي يوم تال، والضمانة تتمثل فقط في موقف واشنطن الذي سيتلقى زخماً قوياً مع دخول ترامب البيت الأبيض، ولهذا فإن أهم تأكيد جاء من الدوحة هو ما قاله المسؤولون المصريون من أن إبرام الاتفاق بات ممكناً قبل نهاية الأسبوع المقبل، أي مع لحظة دخول ترامب البيت الأبيض.
وحيث أن جوهر الوثيقة المعلن من قبل هيئة البث الإسرائيلية «كان»، هو الهدنة التي تتراوح ما بين 6 _ 8 أسابيع، فإن ذلك يعني بكل بساطة بأن ما جرى يعني رضوخا لما طالب به ترامب، وأن فترة الهدنة هي جس نبض لما سيتضح من سياسة ترامب تجاه الشرق الأوسط، حيث سيكون بيده هو فقط مفتاح تغيير الوجهة إلى طريق عقد الصفقات السياسية، أو البقاء على طريق الحرب التي شقها نتنياهو مع بايدن، بما يفضي لجحيم لن يحرق شعوب ودول المنطقة فقط، بل الوجود الأميركي أيضاً.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق