- شهيدان ومصابون جراء قصف تل الزعتر بمخيم جباليا شمالي قطاع غزة
برلين: لا تزال ألمانيا ترفض منح تأشيرات دخول لـ 32 طفلا جريحا من قطاع غزة بهدف العلاج في المستشفيات الألمانية.
فبعد أن وافقت 40 مؤسسة علاجية في ألمانيا على استقبال أطفال مصابين بجروح خطيرة من غزة لتلقي العلاج، رفضت وزارتا الداخلية والخارجية الألمانيتين منحهم تأشيرات دخول إلى الأراضي الألمانية، بادعاء المخاوف الأمنية.
ومنذ شهور، سعت منظمات غير حكومية؛ مثل منظمة اللاجئين في كولن، والجمعية الألمانية لجراحة التجميل، إلى نقل 32 طفلًا مصابًا من غزة إلى ألمانيا، لتعذر علاجهم في غزة، وجمعت لذلك تبرعات لتغطية تكاليف رحلات الطيران وطلبات التأشيرات وتكاليف العلاج في المستشفيات.
لكن الخطة توقفت بعد اعتراض وزارتي الداخلية والخارجية على دخول مرافقين بالغين وحتى، ولو مرافق واحد لكل طفل، وفق ما كشفت عنه القناة الأولى الألمانية "أيه آر دي" شبه الرسمية.
بدورها، نشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" المحافظة الألمانية تقريرًا بعنوان: "كرة طاولة حتى الموت"، تناولت فيه الكيفية التي تمنع فيها وزارتا الخارجية والداخلية علاج أطفال غزة المصابين بجروح خطيرة في المستشفيات الألمانية.
فرغم موافقة مستشفيات على تحمل تكاليف العلاج، إلا أن الحكومة الألمانية منعت دخول الأطفال الجرحى.
وفي مؤتمر صحفي عقدته وزيرة الداخلية نانسي فيزر، بداية الشهر الجاري، رفضت بشدة تحمل أي مسؤولية، وأعلنت بقسوة أن "ألمانيا التزمت أخيرًا باستقبال أطفال من أفغانستان، والدور الآن على الدول الأخرى للتعامل مع أطفال غزة".
ويتناول تقرير الصحيفة بالتفصيل كيف تمكنت المديرة الإدارية للجمعية الألمانية لجراحة التجميل والترميم، كيرستين فان آرك، من تنظيم أسرّة المستشفيات لاستقبال الأطفال المصابين بجروح خطيرة في غزة في غضون أسابيع قليلة.
كما وافق 40 من كبار الجراحين في ألمانيا، منذ مارس/ أذار الماضي، على استقبال ما مجموعه 40 طفلًا وعلاجهم مجانًا، مع ضمان تكاليف السفر والإقامة.
وبين التقرير أن الأطفال الـ 32 الذين تم اختيارهم للعلاج يعانون من إصابات خطيرة، وإن الأمر يتعلق بإنقاذ حياتهم من إصابات في الحجاب الحاجز أو الأحشاء، وإصابات كبيرة من الحروق الناجمة عن الانفجارات، فضلًا عن أضرار جسيمة في الأنسجة الرخوة أو الأعضاء الداخلية أو إصابات في الأطراف، والتي لا يمكن بسببها إنقاذ الذراعين والساقين إلا من خلال العلاج الفوري خارج غزة.
وأجرى المنظمون مفاوضات مع السفارة الألمانية في القاهرة التي سينقل الأطفال عبرها جوا إلى المانيا، وتمت مناقشة الموضوع عدة مرات في مجلس الوزراء الألماني، دون نتيجة، ونصحت وزارة الخارجية الألمانية بنقل الأطفال المصابين، دون مرافق من ذويهم.
وبدورها، انتقدت المنظمات غير الحكومية بشدة موقف الحكومة الألمانية، وقالت دانييلا نيوندورف من "مؤسسة اللاجئين": "لا يمكن تفسير هذا بالنسبة لي. لماذا يمكن لبلدان أخرى القيام بذلك ونحن في ألمانيا نرفض بطريقة أو بأخرى جلب 20 طفلًا مع مرافقيهم لمدة ثلاثة أشهر؟".
وأضافت: "سترحب دول أوروبية مثل إيطاليا بالأطفال من غزة مع الأشخاص المرافقين لهم"، وتابعت: "السياسة في ألمانيا تدار على ظهور هؤلاء الأطفال".
من جهته، دعا حزب اليسار الألماني الحكومة الفيدرالية إلى السماح للأطفال المصابين بجروح خطيرة من غزة ومرافقيهم بدخول ألمانيا.
وقالت الرئيسة المشاركة جانين ويسلر لصحيفة " Tagesspiegel": "يجب على وزارة الداخلية الاتحادية إصدار تأشيرات إنسانية لدخول الأطفال المصابين بجروح خطيرة من غزة ومرافقيهم بدلًا من منع علاجهم في المستشفيات الألمانية".
وانتقدت ويسلر موقف وزارة الداخلية برفض منح تأشيرات دخول للأطفال الجرحى من غزة، قائلةً: إن "حجة وزارة الداخلية بأن الأشخاص المرافقين يمكن أن يمثلوا خطرًا أمنيًا شديدًا على ألمانيا هو شبهة عامة عنصرية تقوض أي حق إنساني من حقوق الإنسان".
من جانبها، تساءلت العضو في الحزب كورنيليا موهرينغ: "كيف سمحت بلدان أخرى مثل إيطاليا والولايات المتحدة وغيرها بالفعل لمئات المصابين من الأطفال بجروح خطيرة والأشخاص المرافقين البالغين بالدخول لمساندة أقاربهم خلال فترة العلاج".
وأشارت موهرينغ إلى وعد وزير الصحة كارل لوترباخ، بعد الهجوم الصاروخي الروسي الأخير على مستشفى للأطفال في كييف، بإحضار الأطفال الأوكرانيين المصابين إلى ألمانيا لتلقي العلاج، معتبرة أنه من "الصعب أخلاقيًا تحمل أن ترفض زميلة لوترباخ وزيرة الداخلية نانسي فيزر علاج الأطفال الفلسطينيين في ألمانيا".
وأكدت أن حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، "وهذا وحده هو الذي يمكن أن يكون بوصلة عملنا السياسي". وختمت حديثها بالقول: إنها "مسألة حياة أو موت بالنسبة لهؤلاء الأطفال".
من جهة أخرى، عبّر المجلس التنسيقي للمسلمين في ألمانيا عن استنكاره قراري وزارتي الداخلية والخارجية بمنع دخول الأطفال الفلسطينيين الجرحى للعلاج، معتبرًا الوزارتين مدانتين وموقفهما غير إنساني.
ووصف المجلس التنسيقي هذا الرفض بمثابة "إعلان إفلاس"، و"يظهر تصرفًا يفتقد لأدنى معايير الإنسانية من قبل الجهات المسؤولة"، مبينا أن رفض منح التأشيرات من الوزارات المعنية عرّض الكثيرين منهم لمزيد من الضرر، وأن التأخير عرّض بعضهم لعمليات بتر مؤلمة لأعضائهم، وأصبح آخرون في عداد الأموات.
وأضاف أنه لو حصل تجاوب مع خطط المنظمات الإغاثية، لكان من الممكن إنقاذ أطراف العديدين منهم.
هذا، ولا تزال المنظمات غير الحكومية والمستشفيات الألمانية تأمل بأن تنجح حملتها لجلب الأطفال الجرحى من غزة إلى ألمانيا.
وفي حين تستمر المفاوضات مع السلطات الألمانية منذ شهور، لكن مع مرور الوقت تغيرت قوائم الأطفال الجرحى الذين سيتم نقلهم مرارًا وتكرارًا، وتقول منظمات الإغاثة إن بعض الأطفال استشهدوا متأثرين بإصاباتهم وهم ينتظرون تأشيرات الدخول.