- الصحة اللبنانية: 4 شهداء و29 مصابا جراء غارة إسرائيلية استهدفت منطقة البسطة وسط بيروت
متابعات: في مثل هذا اليوم الرابع من أغسطس/ آب من العام 1929، ولِد الرئيس الشهيد القائد ياسر عرفات " أبو عمار"، وأبصر النور مقاتلا في المعارك، ومفاوضا عظيما في السلم.
نشأته
الرئيس أبو عمار يحمل الاسم المركب "محمد ياسر" عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني، وهو واحد من بين 7 أشقاء وشقيقات، فقد والدته زهوة أبو السعود، وهو في سن الخامسة، وانتقل للعيش مع والده في القاهرة، والتحق بإحدى المدارس الخاصة، وكان ذلك عام 1937.
لم يعش عرفات، طفولته وشبابه كسائر أقرانه وزملائه؛ فقد كانت اهتماماته تختلف عنهم، وكان مولعا بالسياسة، والشؤون العسكرية.
أبو عمار ومصر
شارك في تهريب الأسلحة والذخيرة من مصر إلى الثوار في فلسطين، وفي عام 1948، قاتل ضد العصابات الصهيونية ليعين بعدها ضابط استخبارات في "جيش الجهاد المقدس" الذي أسّسه الشهيد عبد القادر الحسيني، ويلتحق عقبها بكلية الهندسة في جامعة فؤاد الأول، المعروفة حاليا بجامعة القاهرة، ويؤسس "رابطة الطلاب الفلسطينيين" التي انتخب رئيسا لها عام 1950.
تخرج الشهيد عرفات في الجامعة عام 1955، ليؤسس بعدها رابطة الخريجين الفلسطينيين، والتي كانت محط اهتمام كبير من الإعلام المصري.
شارك عرفات إلى جانب الجيش المصري في صد العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وعمل ضابطا احتياطيا في وحدة الهندسة في بور سعيد.
حركة فتح
وفي أواخر عام 1957، سافر الشهيد ياسر عرفات مع عدد من رفاق دربه ومنهم الشهيد خليل الوزير "أبو جهاد" إلى الكويت للعمل مهندسا، لكنه أولى معظم وقته وجهده للأنشطة السياسية، وحمل هم القضية الفلسطينية، وشهدت تلك المرحلة تأسيس خلية ثورية أطلق عليها اسم حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".
كما عمل في تلك الفترة على إصدار مجلة "فلسطيننا- نداء الحياة" والتي تحمل الهم الفلسطيني، وبقي على اتصال دائم بالقيادات العربية للاعتراف بالحركة ودعمها وإكسابها الصفة الشرعية، إلا أن تكللت محاولاته بالنجاح، مع افتتاح أول مكتب للحركة عام 1963، وبعدها بعام أسس المكتب الثاني في دمشق، وشارك في المؤتمر التأسيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية في القدس عام 1964 كممثل عن الفلسطينيين في الكويت.
أطلق عرفات مع رفاق دربه في حركة "فتح" الكفاح المسلح بتاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول من العام 1964، من خلال تنفيذ أولى العمليات العسكرية وعرفت بـ"عملية نفق عيلبون"، وتمكن من دخول الأرض المحتلة في تموز 1967م، بعد شهر على سقوطها بيد الاحتلال عبر نهر الأردن، ليشرف بنفسه على عمليات الكفاح المسلح ضد الاحتلال.
بداية الكفاح المسلح
أطلق عرفات مع رفاق دربه منهم الشهيد خليل الوزير "أبو جهاد" في حركة فتح الكفاح المسلح لعام 1964، من خلال تنفيذ أولى العمليات العسكرية وعرفت بـ"عملية نفق عيلبون"، وتمكن من دخول الأرض المحتلة في 1967م، بعد شهر على سقوطها بيد الاحتلال عبر نهر الأردن، ليشرف بنفسه على عمليات الكفاح المسلح ضد الاحتلال.
قاد عرفات الثورة الفلسطينية التي تصدت لقوات الاحتلال في معركة الكرامة التي دارت رحاها في بلدة الكرامة الأردنية عام 1968 ونجا خلالها من محاولة إسرائيلية لاغتياله، وقال عنها إنها "شكلت نقطة انقلاب بين اليأس والأمل، ونقطة تحول في التاريخ النضالي العربي، وتأشيرة عبور القضية الفلسطينية لعمقيها العربي والدولي".
عينت حركة "فتح" الشهيد ياسر عرفات متحدثا رسميا باسمها في 14 أبريل/ نيسان 1968، وفي بداية شهر آب من العام ذاته عينته القائد العام للقوات المسلحة لحركة فتح "قوات العاصفة".
منظمة التحرير
عام 1969 انتخب رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، وشارك في القمة العربية الخامسة في العاصمة المغربية الرباط، وشهدت القمة للمرة الأولى وضع مقعد رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في الصف الأول اسوة برؤساء وقادة وملوك الدول العربية الأخرى، ومنحت المنظمة حق التصويت في القمة.
بعد انتهاء الوجود الفلسطيني المسلح في الأردن، انتقل عرفات إلى لبنان، وشارك بصفته رئيس اللجنة التنفيذية للمنظمة في مؤتمر القمة الرابع لحركة عدم الانحياز الذي عقد في الجزائر عام 1973، حينها قرر المؤتمر الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني، وانتخب عرفات نائبا دائما للرئيس في حركة عدم الانحياز.
بعد أن كرس مكانة المنظمة ونالت الاعتراف من معظم الدول، ألقى خطابه التاريخي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نوفمبر/13 تشرين الثاني من عام 1974، حينما قال عبارته التاريخية في ختام الخطاب: "جئت حاملا غصن الزيتون في يد، وفي الأخرى بندقية الثائر، فلا تسقطوا غصن الزيتون من يدي".
اغتيالات
تعرض الشهيد ياسر عرفات لمحاولات اغتيال عدة، أبرزها عام 1981 عندما أقدمت القوات الإسرائيلية على قصف مبنى مقر قيادته في "الفاكهاني" ببيروت، والتي نتج عنها تدمير المبنى بالكامل، ويدفن تحت أنقاضه أكثر من مئة شهيد.
وفي بيروت أيضا، حاصر جيش الاحتلال الإسرائيلي مكاتب منظمة التحرير والعديد من كوادر المقاومة على رأسهم الرئيس الراحل ياسر عرفات، طيلة 80 يوما، أبدى خلالها صمودا ومقاومة، وبعد وساطات عربية ودولية خرج أبو عمار ورفاقه إلى تونس المقر الجديد لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية في المنفى.
وهناك لاحقته إسرائيل قاصدة اغتياله، وقصفت 8 طائرات إسرائيلية مقر قيادته في حمام الشط بتونس في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 1985، ودمرته بالكامل.
أعلن عرفات من الجزائر في 1988، استقلال «دولة فلسطين» وعاصمتها القدس الشريف في خطابة الشهير خلال الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني.
في العام 1989 انتخبه المجلس المركزي الفلسطيني رئيسا لدولة فلسطين، ليتزوج في العام التالي من سهى الطويل في تونس، ورزق بابنته الوحيدة التي أسماها "زهوة".
بعد 27 عاما عاد عرفات من المنفى لتحتضنه أرض الوطن، استهلها بزيارة إلى قطاع غزة، ومدينة أريحا وكان ذلك عام 1994 قبل عودته النهائية للاستقرار في الوطن ليبدأ بعدها معركة بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية.
عام 1996 انتخب رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية بحصوله على نحو 88% من أصوات الناخبين التي جرت للمرة الأولى في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة، والقدس الشرقية.
بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 تعرض لحملة ممنهجة قادها ضده ارئيل شارون ووصمه بالإرهاب، وفي عام 2001 منعته إسرائيل من مغادرة رام الله وبدأت فعليا فرض حصار عليه فيها.
حاصرته قوات الاحتلال أثناء اجتياح مدن الضفة عام 2002، ومن كانوا برفقته داخل مقره بالمقاطعة في مدينة رام الله، وأطلق الجنود القذائف والرصاص التي طالت جميع أركان المبنى حتى وصل الرصاص إلى غرفته شخصيا، واستشهد أحد حراسه وأصيب آخرون بجروح، ولم ينسحبوا إلا بعد تفجير آخر مبنى فيها.
عاد الاحتلال لمهاجمة مقر ياسر عرفات من جديد وقاموا باحتلال مبنى المقاطعة طيلة ستة أيام وشنوا عليه عمليات قصف بالمدفعية الثقيلة، ودعت حكومة الاحتلال إلى التخلص من عرفات، بقتله أو إبعاده أو سجنه وعزله.
في ذكرى ميلاده
عام 2004 تدهورت الحالة الصحية للرئيس ياسر عرفات وأعياه المرض، وقرر الأطباء نقله إلى فرنسا للعلاج، وأدخل إلى مستشفى بيرسي العسكري، مع تزايد الحديث عن احتمال تعرضه للتسمم، وبقي فيه إلى أن استشهد فجر الخميس 11 تشرين الثاني/ نوفمبر 2004.
برحيل ياسر عرفات "أبو عمار" أصبح الفلسطنييون في حالة تشتت سياسي واجتماعي وضاعت بوصلتهم وتكالبت عليهم المؤامرات والتدخلات الخارجية وانقسموا فحملوا السلاح في وجوه بعضهم، وفي ذكرى ميلاده يتذكرونه بكثير من الفخر والاعتزاز.