- شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزة
- إصابات بقصف الاحتلال مركبة في مدينة صور، جنوب لبنان
خاص الكوفية-ميرفت عبد القادر: الثوار لا تقتلهم الأسوار ولاتحكمهم زنزانة محتل، يحاربون سجانهم بصبرهم وإيمانهم الحتمي بالوطن والحرية.. حاضرون رغم القيد لاتغيبهم السجون .. كما هو حال "مانديلا فلسطين" الأسير القائد مروان البرغوتي.
23عاماً من الأسر، ولا يزال اسمه يتردد في كل مناسبة وطنية أو أزمة فلسطينية، سواء في هتافات المتظاهرين التي تنادي باسمه أو في تحليلات السياسيين والصحافيين، كخيار لقيادة الشعب الفلسطيني ليصفه البعض بالوريث الشرعي لحركة فتح بعد الشهيد ياسرعرفات.
مروان حسيب إبراهيم البرغوثي (64 عاماً) من قرية كوبر قضاء رام الله، قيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وأبرز رموزها.
التجربة النضالية والأسر
انضم لصفوف حركة فتح وهو في عمر 15 عاما، وتعرض للاعتقال أول مرة وعمره 17 سنة (عام 1976) لمدة عامين بتهمة الانضمام للحركة، ثم أعيد اعتقاله في 1978 وأفرج عنه في مطلع 1983، ولم يلبث قليلا خارج السجن حتى اعتقل مرة أخرى وأطلق سراحه في العام نفسه.
وبعد إطلاق سراحه في 1983 ترأس مجلس الطلبة بجامعة بيرزيت، وانتخب رئيسا لمجلس الطلبة لثلاث سنوات متتالية، كما كان من أبرز مؤسسي حركة الشبيبة الفتحاوية، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى عام 1984 واستمر التحقيق معه لعدة أسابيع ثم أفرج عنه.
أعيد اعتقاله في مايو/أيار 1985 لمدة 50 يوما تعرض خلالها لتحقيق قاس، ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية خلال العام نفسه قبل اعتقاله إداريا في أغسطس/آب.
نشاطه في الانتفاضة الأولى
برز دوره خلال الانتفاضة الأولى عام 1987 في تشكيل القيادة الموحدة، وسرعان ما أصبح مطاردا من قوات الاحتلال الإسرائيلي، حتى اعتقل وأُبعد للأردن بقرار من وزير الدفاع الإسرائيلي حينها إسحاق رابين.
بعد الإبعاد للأردن توجه إلى تونس وبدأت رحلته التنظيمية السياسية، واقترب من قيادة الصف الأول في حركة فتح. وخلال هذه الفترة عمل مع خليل الوزير ورافقه في زيارته الأخيرة إلى ليبيا، قبل أن يتم اغتيال الوزير بعد عودته إلى تونس بأيام.
انتخب مروان البرغوثي عضوا في المجلس الثوري لحركة فتح في مؤتمرها الخامس عام 1989. وبقي في المنفى عضوا في اللجنة العليا للانتفاضة في منظمة التحرير الفلسطينية، وعمل في اللجنة القيادية لحركة فتح، وتعامل مباشرة مع القيادة الموحدة للانتفاضة.
عاد إلى الضفة المحتلةفي أبريل/نيسان 1994 عقب اتفاق أوسلو، وانتخب نائبا للراحل فيصل الحسيني، وتولى منصب أمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، وتم انتخابه عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني عن دائرة رام الله عام 1996 وعام 2006، وكان الأصغر عمرا بين النواب.
كان لمروان البرغوثي نشاط واضح سنوات قبل الانتفاضة الثانية، إذ بدأ إعادة ترتيب وبناء حركة فتح في الضفة المحتلة، وعمل على زيارة القرى والمخيمات وتطوير بنيتها التحتية، وذلك بالتنسيق مع المجالس البلديّة وهيئات مختلفة.
كما عمل على توسيع نشاطه السياسي بإجراء اتصالات ولقاءات مع ناشطي اليسار الإسرائيلي وجمعيات للسلام من حول العالم، وكان يأمل أن نهج السلام ونتائج اتفاقية أوسلو ستؤدي لإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
دوره في الانتفاضة الثانية
خابت آمال البرغوثي بعد شهر من اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، نتيجة لعدم تنفيذ الاتفاقيات على أرض الواقع، وقال إن سلاح حركة فتح حاضر وستحافظ عليه حتى الحرية والاستقلال.
كان لأبي القسام حضور بارز خلال الانتفاضة الثانية، فقد شارك في المظاهرات وكان يقدم واجب العزاء بزيارته بيوت أهالي الشهداء، وداوم على حضور اللقاءات الصحفية، وهاجم التنسيق الأمني، وطالب الأجهزة الأمنية بحماية الشعب الفلسطينيّ وكوادر الانتفاضة واستهداف العملاء.
وبعد أقل من عام من اندلاع الانتفاضة انهالت الاتهامات الإسرائيلية على البرغوثي بمسؤوليته عن عدد من العمليات التي نفذتها كتائب الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح، وتعرض لعدة محاولات اغتيال.
محاولات اغتيال فاشلة
نجا مروان البرغوثي من عدة محاولات اغتيال فاشلة، أبرزها قصف موكبه أمام مكتبه في رام الله يوم 4 أغسطس/آب 2001، مما أسفر عن استشهاد مرافقه مهند أبو حلاوة.
وردا على هذه المحاولة هدد البرغوثي إسرائيل بتصعيد المقاومة، وبعد شهر أصدرت محكمة إسرائيلية مذكرة توقيف بحقه، وطلبت من السلطة الفلسطينية تسليمه بتهمة الضلوع في محاولات قتل وحيازة أسلحة بدون ترخيص والعضوية في تنظيم محظور.
كما أرسل الاحتلال الإسرائيلي خلال اجتياحه لرام الله سيارة ملغمة خصيصا للبرغوثي في محاولة أخرى لاغتياله باءت بالفشل.
وفي المؤتمر العام الخامس لحركة فتح 1989، اُنتخب عضوا في المجلس الثوري للحركة، وعاد إلى الوطن في أبريل 1994، وانتخب نائبا للشهيد القائد فيصل الحسيني، وأمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، ليبدأ مرحلة جديدة من العمل التنظيمي والنضالي، إذ بادر البرغوثي إلى إعادة بناء تنظيم حركة فتح في الضفة الغربية، إلى أن انتخب عام 1996، عضواً في المجلس التشريعي لحركة فتح وكان أصغر عضو فيه.
البرغوثي متزوج من المحامية فدوى البرغوثي ولهما أربعة أبناء: قسام، ربى، شرف، وعرب. وله ستة أحفاد، بحسب العمر هم: تاليا وسارة ورومي ومروان “ابن شرف”، وأمير، ومروان ابن قسام الذي ولُد في شهر آذار/ مارس من العام الحالي. وعند ولادته، كتبت زوجته فدوى:
تقول فدوى:"عند ولادة إبننا القسام في منتصف الثمانينات، كان أبو القسام في السجن وبالأخص في سجن عزل بئر السبع يقضي حكماً إدارياً، وكان مشاركاً في إضراب عن الطعام… وعندما وصلته بشارة ميلاد إبنه القسام وزع على الأسرى حلوان قليل من الملح، فلم يجد غيره في زنزانته ليوزعه على رفاقه من المضربين. اليوم وبعد هذه السنوات الطويلة يتكرر الموقف بولادة إبن القسام “مروان الصغير”، يسارع أبو القسام ليوزع الحلوى قبل الدخول في الإضراب مع إخوانه ورفاقه الأسرى إذا لم تتراجع سلطات الاحتلال عن مواصلة الاعتداء على حياة الأسرى ومكتسباتهم التي تحققت بالمعاناة والإضرابات المتتالية، فهل سيوزع أبو القسام الملح على إخوانه الأسرى بعد أكثر من ثلاثة عقود ونصف؟”.
لم يحظَ البرغوثي بالكثير من الوقت مع أبنائه، لكنه كان يتابع تربيتهم وتعليمهم. لم يرَ أحفاده ولكنه يعرف تفاصيل حياتهم وتواريخ ميلادهم وهواياتهم.
وفي 15 أبريل 2002 وفي مثل هذا اليوم، اعتقله قوات الاحتلال خلال اجتياح مدن الضفة، حيث تعرض البرغوثي لأشهر من التعذيب خلال التحقيق معه، ولأكثر من ألف يوم في العزل الانفرادي، وتم الحكم عليه عام 2004، بالسّجن خمسة مؤبدات و40 عاما.
تجدّدت الآمال بإطلاق سراح البرغوثي من خلال صفقة تبادل بين حماسودولة الاحتلال. ولكن الأمر ليس مرهوناً بشعبيته فقط، بل أولاً بنيّة الاحتلال للإفراج عنه وهذا ليس وارداً لا في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين ولا من خلال صفقات سابقة، إذ استُثني في صفقة شاليط في عام 2011 عندما أفرجت إسرائيل آنذاك عن 1027 أسيراً فلسطينياً، من بينهم يحيى السنوار مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
واليوم إسم مروان هو الرقم الأصعب في أي صفقة تبادل قد تحدث بين حماس ودولة الاحتلال بعد أسر عدد من الجنود في السابع من أكتوبر..
مروان القائد ذات الشعبية الجماهيرية الواسعة المتفق عليه فلسطينيا ووطنيا، يقبع في سجن الرملة، وسط مخاوف على صحته من استهداف الاحتلال له بعد أن قضى أكثر من 1000 يوم في عزل انفرادي.
مروان البرغوثي (أبو القسّام) مثّل نموذجا وطنيا ساطعا بنضالاته وتضحياته ومواقفه الملهمة لجماهير شعبنا، وعزله لن توهن إرادة قائد تَشهد له ساحات العمل النضاليّ بجسارته وإقدامه.