نشر بتاريخ: 2025/12/23 ( آخر تحديث: 2025/12/23 الساعة: 12:03 )
عمر حلمي الغول

أوقفوا التغول على الجنائية

نشر بتاريخ: 2025/12/23 (آخر تحديث: 2025/12/23 الساعة: 12:03)

العدالة الدولية تتعرض لحملة تشويه وملاحقة من قبل غلاة الغرب الامبريالي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية، التي جن جنون ادارتيها السابقة والحالية بعدما أصدرت محكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، بالإضافة لإصدار 3 مذكرات اعتقال بحق قادة من حركة حماس هم: إسماعيل هنية ويحي السنوار ومحمد الضيف، وثلاثتهم توفاهم الله خلال الشهور الماضية من الإبادة الجماعية. ولم يشككوا في موضوعية الاحكام الصادرة بحق القيادات الإسرائيلية فقط، بل اعتبروها "تجاوزا" و"خرقا" للقانون الدولي، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وشن قادة الادارتين حملة تحريض إعلامية وسياسية وقانونية شعواء على قضاة المحكمتين الدوليتين: العدل والجنائية، ومازالوا حتى الان ينفثون سمومهم وعدوانيتهم على قضاة الجنائية الدولية بذرائع واهية لا تمت للعدالة بصلة، انما دفاعا عن الباطل وقانون الغاب الأميركي والبريطاني والإسرائيلي ومن يدور في فلكهم.

وكان كريم خان، المدعي العام للجنائية الدولية كشف يوم الجمعة 12 كانون اول / ديسمبر الحالي، في وثيقة رسمية قدمها الى المحكمة، ان مسؤولين بريطانيين رفيعي المستوى مارسوا عليه ضغوطا غير مسبوقة في محاولة لمنع إصدار مذكرات توقيف بحق نتنياهو وغالانت، حسب تقرير نشر في صحيفة "الغارديان" البريطانية. ووفق ما تضمنته الوثيقة، تلقى خان في 23 نيسان / ابريل 2024 مكالمة من مسؤول بريطاني رفيع هّدد فيها بدراسة وقف تمويل المحكمة والانسحاب من نظام روما الأساسي في حال المضي بإصدار مذكرات التوقيف. واعتبر الجانب البريطاني أن إصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين بارزين خطوة "غير متناسبة".

وأضاف خان، انه واجه ضغوطا أميركية مماثلة، منها اتصال في ابريل نفسه من مسؤول أميركي حذره من "عواقب وخيمة" إذا صدرت أوامر الاعتقال، وأوضح أنه أكد في الرد عدم وجود مؤشرات على استعداد إسرائيل للتعاون مع المحكمة، وفي الأول من أيار / مايو 2024، تحدث مع السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي حذر من أن الخطوة قد تدفع "حماس الى إطلاق النار على الرهائن"، وهو ما كذبته الوقائع الماثلة للعيان بعد ان سلمت حماس الرهائن جميعا باستثناء رفات جثمان احد الرهائن، فيما وصفه المدعي العام بأنه ضغط سياسي مباشر. ثم ربط خان بين الضغط المباشر من قبل المسؤولين الاميركيين والبريطانيين، وشكوى التحرش الجنسي ضده، التي أبلغ بها في الثاني من مايو العام الماضي التي احيلت الى آلية الرقابة الداخلية، وأضاف إن الشكوى قدمت رغم عدم رغبة المشتكية، وأغلقت بعد إعلانها عدم مواصلة الإجراءات.

وإمعانا في التغول والبلطجة على قضاة الجنائية الدولية، فرضت الإدارة الأميركية يوم الخميس 18 ديسمبر الحالي، عقوبات على قاضيين إضافيين في المحكمة الجنائية الدولية، هما الجورجي غوتشا لورديكيباندزه والمنغولي إردينيبالسورن، اللذين كانا صوتا الأسبوع الحالي ضد طعن تقدمت به إسرائيل لإغلاق تحقيق في جرائم حرب في غزة. ووفق هيئة الأمم المتحدة، تأتي هذه الإجراءات ضمن سلسلة عقوبات أميركية طالت سابقا 9 قضاة ومدعين في المحكمة على خلفية التحقيق في جرائم حرب تتهم إسرائيل بارتكابها في قطاع غزة. مما دعاها يوم الجمعة 19 ديسمبر الحالي الى التنديد بالعقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، معتبرة أن ذلك يشكل تصعيدا في "التدابير الانتقامية" بحق المؤسسات الدولية. وفي السياق نشر مكتب المفوض الأممي السامي لحقوق الانسان على منصة "إكس" موقفا بذات الصيغة الأممية للتنديد بالموقف الأميركي.

هذا النهج العدواني من قبل غلاة الغرب لا يعكس التصعيد الانتقامي ضد القضاة الامميين، انما يشكل تدميرا منهجيا لصوت العدالة الاممية، وتسييد قانون الغاب، وحماية الدولة الإسرائيلية المرتكبة أبشع جرائم العصر الحديث في الالفية الثالثة – الإبادة الجماعية ضد الشعب العربي الفلسطيني -، وتعميم وإشاعة الإرهاب الدولاني في إقليم الشرق الأوسط عموما وفي الوطن العربي خصوصا، وإطلاق يد إسرائيل النازية لاستباحة شعوب المنطقة وسيادة الدول دون أي ضابط أو رادع دولي، ونتاج غياب المساءلة والملاحقة القانونية والسياسية والديبلوماسية، تواصل دولة المرتزقة الخزر الصهاينة همجيتها ووحشيتها على الشعب الفلسطيني، الامر الذي يفرض على الأقطاب الدولية التحرك فورا، واستخدام نفوذهم لردع الدولة الإسرائيلية المارقة والخارجة على القانون، وتعزيز دور هيئة الأمم المتحدة لإنفاذ القانون، وأيضا على الاشقاء العرب التحرك واستخدام أوراق القوة المتوفرة بأيديهم للدفاع عن الأمن القومي العربي في فلسطين وسوريا ولبنان واليمن وقطر وغيرها من الدول العربية، وحماية مستقبلها ومكانتها كدول مستقلة، لا دول تابعة وخاضعة لتغول وعربدة الولايات المتحدة.

العقوبات التي فرضتها واشنطن على القضاة التسعة تؤكد، أن الإدارة الأميركية ليست معنية بصناعة السلام، بل العكس وكفى الرئيس ترمب بيع الأوهام للعالم، أنه "صانع سلام" في 8 جبهات، بل هو صانع حروب ومنتج إرهاب.