عشية الانتخابات، العام 1996، بعد أشهر معدودة على قتل اسحق رابين كان نتنياهو في وضع سيئ جدا. خصومه، على رأسهم شمعون بيريس، اتهموه بالتحريض الذي تسبب بالقتل. دخل «الليكود» وكل اليمين في وضع دفاعي. توقعت الاستطلاعات فوزاً ساحقاً لبيريس، عندها وبجهد أخير أطلق اسحق غوتنيك، رجل «حباد»، حملة تشمل أرجاء إسرائيل كان شعارها «بيريس سيقسم القدس». تقلصت الفجوة بين نتنياهو وبيريس من يوم الى آخر، ربما كانت هناك عوامل اخرى، بما في ذلك «ارهاب» اوسلو، الذي تسبب في تحول الأصوات من بيريس الى نتنياهو. ولكن معظم المحللين، في وسائل الاعلام وعلى الصعيد الاكاديمي، يدعون منذ ذلك الحين بأن حملة «بيريس سيقسم القدس» هي التي أصعدت نتنياهو الى سدة الحكم. إن البنّائين الكبار لشرقي القدس، البلدوزرات الحقيقيين، كانوا رؤساء حكومات «العمل» و»المعراخ»، وتيدي كوليك. بالضبط في فترة حكم «الليكود» انخفضت وتيرة البناء، ليس بسبب الإشباع أو نقص الطلب. على الرغم من ان الجميع فهموا أن عدم البناء السريع والمكثف من شأنه أن يتسبب بتقسيم المدينة، فان ارئيل شارون ترك جرافة الـ»دي 9» التابعة لرجال «مباي». اكتفى هو وايهود اولمرت، رئيس البلدية، بوتيرة جرافة الـ «جي. سي. بي».
في فترة ولايته الاولى (1996 – 1999) فان نتنياهو تقريبا لم يبن. عند عودته الى الحكم في العام 2009 تعهد، بشكل خاص في خطابات مليئة بالمشاعر في «يوم القدس»، بأننا سنملأ القدس أحياء جديدة، وبهذا نضمن أن المدينة التي توحدت لن تقسم الى الأبد. فعلياً، يمنع نتنياهو بناء أحياء جديدة. توقف الدفع قدماً بالبناء وبحي عطروت، الذي هو أمر بالغ الاهمية للحفاظ على الجبهة الداخلية الشمالية الشرقية للمدينة. يمنع نتنياهو البناء على اراض خاصة ليهود تقع بين المطار المتروك (لماذا؟) وبين المنطقة الصناعية في عطروت. كذلك هو يمنع تنفيذ رخص بناء سبق أن تم اعطاؤها مثل تصريح اقامة حي «حماة شموئيل د». وهذا ليس سوى القليل في مديحه. المكان الوحيد الذي نفذ فيه بناء هو الحي الديني رمات شلومو، وحتى هذا فقط جاء بسبب ضغط سياسي لزعماء الأصوليين الذين استندت إليهم حكومته. من المهم التأكيد على أن التجميد بخصوص باقي المواقع والاحياء يستمر أيضا في فترة رئاسة دونالد ترامب رغم أنه وادارته لم يتحفظوا على خطط البناء الإسرائيلية، وبالتأكيد في القدس.
الأسوأ من ذلك هو أنه رغم أنه كان من المتوقع جدا أن ترامب، ولو بسبب الاهمالات الاجرامية التي تصرف بها في ازمة «كورونا»، سيفقد وظيفته، فان نتنياهو واصل سياسة المنع حتى في النقاط الاكثر استراتيجية: جفعات همتوس، عطروت وإي 1. من يعرف نتنياهو يعرف أن جذور هذه الاخفاقات ليست في نواقصه في مجال الادارة (مثلا في ازمة «كورونا») «هو ببساطة لا يريد إغلاق خيارات التنازلات في القدس»، يقول مصدر له نفوذ كبير في العاصمة. أمر مهم. فقط الآن يكتب نير حسون («هآرتس»، 12/11) قبل أداء بايدن للقسم، فان بلدية القدس تحث الخطى في محاولة للدفع قدما ببناء في بعض المواقع التي جمدت طوال سنوات. هذه الجهود من شبه المؤكد ستنتهي كما في الماضي بخيبة أمل. الكابح المتميز سيواصل الكبح. اذا أضفنا الى ذلك أنه فقط في هذه الايام وبعد توقف طويل من قبل نتنياهو، صادقت الادارة المدنية على بناء حوالي 2800 وحدة سكنية في كل «يهودا» و»السامرة» (التي من غير المؤكد تماما أنه يمكن بناؤها في فترة بايدن) سنحصل على صورة حقيقية بخصوص الشخص الذي يتباهى بأنه يشبه هورودوس، الباني الأكبر لـ «يهودا» والقدس.
«هآرتس».. الايام