غزة - عمرو طبش: داخل غرفةٍ صغيرةٍ متهالكةٍ ومهددة بالسقوط جدرانها متأكلة، وسقفها لا يتحمل العينان بالنظر إليه، تقطن عائلة الرواغ المكونة من خمسة أفراد، تواجه فقرٍ شديد في بلدة المغراقة، الواقعة وسط قطاع غزة، تلك الغرفة المأساوية التي لا تقيهم برداً شتاء ولا حراً صيفا.
أسرة المواطن سلامة الرواغ صاحب الـ"30 عاماً"، تعيش كغيرها من العائلات في فقر شديد، فعندما تدخل إلى غرفتها تصدم من هول المفاجأة، ومن حجم المشاهد الصعبة، التي تعبر عن مأساة العائلة، التي لا تجد أدنى متطلبات الحياة.
أغلقت الأبواب
عندما أغلقت جميع الأبواب أمام المواطن سلامة، وعجز عن توفير الاحتياجات الخاصة لأسرته، وخاصةً لأطفاله الذين يشتهون أشياء كثيرة، ولكن لم يجدوها، نظراً لتوقف والدهم عن العمل وعدم وجود مصدر دخل يلبي جميع طلباتهم، فقرر الرواغ الاضراب عن الطعام منذ 10 أيام، حيث بدأت حالته تتدهور يوما بعد يوم.
10 أيام من الإضراب
يروي المواطن سلامة الرواغ تفاصيل معاناته لـ"الكوفية"، أنه مضرب عن الطعام لليوم العاشر على التوالي، نظراً لوضعه المعيشي والاقتصادي الصعب للغاية الذي يعاني منه بشكل كبير وخاصةً في ظل جائحة كورونا، موضحاً أنه خريج علاقات عامة من جامعة فلسطين، ودق أبواب جميع المؤسسات ليتمكن في الالتحاق بأي فرصة عمل تناسب تخصصه، ولكنه لم يجد أي فرصة، في ظل تكدس أعداد الخريجيين وانتشار البطالة في غزة.
5 شيقل لا تكفي
وأضاف أنه بعدما أغلقت جميع الأبواب أمامه، اتجه الى العمل في الأعمال الحرة والشاقة بعيداً عن تخصصه الجامعي، ليقدر على إعالة زوجته وأطفاله الثلاثة، الذين يعيشون في غرفة واحدة متهالكة وجدرانها متآكلة تكاد أن تسقط عليهم في أي لحظة، والتي لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، متابعاً أنه كانت يوميته تقدر بمبلغ بسيط من 5 الى 15 شيقل، ولكنه قبل عام توقف عن العمل بسبب عدم وجود أي عمل.
وواصل الرواغ حديثه بأنه طرق جميع أبواب الجهات الرسمية والمسؤولين، لتوفير عمل، بعدما بقى بدون عمل لمدة عام، وتدهور وضعه المعيشي بشكل كبير، الذي عجز عن توفير الاحتياجات الأساسية لأسرته، ولكن كان الرد دائماً من قبلهم "انتظر وهات وراقك ولكن لا حياة لمن تنادي"، مؤكداً أن اسمه محجوب من أي مساعدات تقدم للأسر الفقيرة في قطاع غزة، وخاصة المنحة القطرية.
الانقسام سبب كل المشاكل
وأشار الى أنه "أنا من مواليد الـ90، لا لقيت وظيفة ولا لقيت شغل ولا لاقيت حاجة تنفعني، لقيت الانقسام، وحروب، وفقر، ومعاناة وبس هذا يلي لقيته"، موضحاً أن دق جميع الأبواب ولكن كانت بدون نتيجة، فكان هذا الأمر كان سبباً رئيسياً في إعلانه بالإضراب عن الطعام.
انكسار في عيون أطفالي
وبين أنه يعاني الويلات يومياً عندما يشاهد أطفاله يطلبون منه احتياجاتهم الخاصة ولكنه يعجز توفير عن أي احتياج حتى لو بسيط، متابعاً " أنا والله في بعض الأحيان لما ما أقدر أوفر الأكل لأطفالي، بضحك عليهم وبجيبلهم خبز وشاي حتى يوكلوا، بس ممكن الواحد بيقدر يصبر على الأكل والشرب ولكن ما بيقدر يصبر على الظلم".
ونوه الرواغ الى أنه يستطيع العمل وليس عاجزاً، وإنما يحتاج الى عمل يعمل فيه في أي مكان حتى لو كان بأجر بسيط، مشيراً الى أنه لو كان ابن مسؤولاً أو ابن قيادياً أو ابن تنظيم، لكان عن طريق الواسطة الوضع اختلف كلياً، ووجد عملاً يعمل فيه بكرامة بدون أي ذل ومعاناة، "ولكن للأسف أنا من عامة الشعب والفئة الفقيرة المهمشة".
تدهور الوضع الصحي
وحول وضعه الصحي بعد اضرابه عن الطعام، أوضح أن وضعه الصحي يتدهو يوما بعد يوم، خاصةً أن يمتنع عن الطعام ويكتفي بشرب الماء والملح، إذ أنه يعاني من بطنه بشكل شديد وخاصةً في فترات المساء، بالإضافة الى خروج رائحة كريهة من فمه، ويشعر بصداع مستمر ودوخة شديدة عندما يذهب إلى المرحاض.
وحمل المسؤولين وأصحاب القرار خطيته وخطية أطفال وزوجته في رقبتهم، خاصةً أن وضعه الصحي يتدهور كل يوم نتيجة اضرابه عن الطعام، موضحاً أنه مطالبه بسيطة ويستطيع أي مسؤول بتنفيذها، هو العيش في حياة كريمة، مؤكداً على استمراره في الاضراب حتى اخر نفس في حياته، وتنفيذ مطالبه البسيطة.
أين دور المسؤولين؟
وطالب الرواغ المسؤولين وأصحاب القرار بالوقوف عند مسؤولياتهم تجاه قضيته، والنظر اليه بعين الرحمة والشفقة، والنظر الى أطفاله الذي يشتهون أشياءً كثيرا كباقي الأطفال ولا يجدونها.
مأساة جيل التسعينات
أما زوجة المضرب عن الطعام سلامة الرواغ، فأكدت أن زوجها عندما توقف عن العمل، وأغلقت جميع الأبواب أمامه، وعجز عن توفير الاحتياجات الأساسية للمنزل وخاصةً الأطفال، اتجه إلى الإضراب عن الطعام، لأن هذا الحل الوحيد، لعل وعسى أي مسؤول يكون لديه رحمة وينظر الى حالته.
وأشارت الى أن جيل التسعينات في قطاع غزة، هو جيل ضائع حقه بشكل كامل، من مساعدات، وظائف ومن كل شيء، منوهةً الى أنه في حال تأتيهم مساعدة بسيطة، فإن مسؤول المساعدة يأخذ نصف المساعدة اليه، وفي حال تم الرفض، يحرمهم ذلك المسؤول عن المساعدات.
انظروا لنا بعين الرحمة
وأضافت زوجة المضرب أن الغرفة التي تعيش فيها هي وأسرتها متهالكة ومتوقع في لحظة سقوطها، مبينةً "روحنا على وزارة الأشغال لترميم تلك الغرفة، ولكن بعتونا على وزارة الشؤون الاجتماعية وعالفاضي، وبرضوا ما قعدنا روحنا حتى نتلقى مساعدة من المنحة القطرية ولكن تفاجأنا انه الاسم محجوب وحكولنا انه الأسماء من الشؤون، ولكن حياة لمن تنادي".
وتوجه رسالة الى كل المسؤولين وأصحاب القرار أن زوجها يحتاج الى مصدر دخل حتى لو بسيط، وقادر على أي عمل، "احنا بدنا الناس تنظرلنا بعين الرحمة والشفقة احنا بدنا حياة كريمة للأطفال.