الكوفية:خاص الكوفية: كان وسيبقى الشهيد ياسر عرفات، رمزًا للمقاومة وأيقونةً للنضال الفلسطيني، ويمثل الشهيد القائد أبو عمار لمعاصريه ومَن خالطوه كنزًا لا ينتهي ومعينًا لا ينضب من النضال والوطنية والشهامة والاعتزاز بالوطن والذات.. في هذه الحلقات نرصد شهادات حية لمعاصري الشهيد القائد على تفاصيل حياته ومواقفه النضالية..
أكدت أمين عام حزب فدا الفلسطيني، زهيرة كمال، في حديثها عن الزعيم الراحل أبو عمار، أن عرفات كان ولا زال رمز فلسطين، ولم يسمح يوما بوجود خلافات بين الفصائل.
20 دقيقة من التصفيق لأبو عمار
وذكرت السيدة زهيرة كمال، أن "أول لحظة مميزة كانت عبارة عن لقاء غير مباشر في جلسة الأمم المتحدة من أجل حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، حيث كان هناك خلاف على إعطاء أبو عمار "الفيزا" للسفر من خلالها إلى جينيف، وبمحض الصدفة كنت متحدثة في الاجتماع، وحيث كنا جالسين، دخل أبو عمار القاعة ووقف كل الناس احتراما، وبدأوا ويصفقون له أكثر من 20 دقيقة متواصلة، وفي هذه اللحظة تملكني شعور غريب عند رؤية أبو عمار والعلم الفلسطيني، وكل الناس الذين يقفون لأبو عمار احتراما، كل هذه الأشياء تجعلك تشعر بفخر، لأنك ترى القضية محض اهتمام عالمي وتضامن من الجميع، وأن الرمز أبو عمار يحظى بكل الحب والاحترام من جميع رؤساء وشعوب العالم".
لم يسمح بوجود فرقة بين الفصائل
وأوضحت، أن "أبو عمار إنسان وحدوي مخلص لقضيته الوطنية الفلسطينية، ولفتت إلى أن كل مراحل القضية التي مرت بها، لم يكن عرفات يسمح بوجود فرقة بين الأطراف الفلسطينية، ويحرص على جمعهم وحل الخلافات بينهم والوصول إلى حل نهائي".
وأضافت، "ربما كانت مرحلة أوسلو صعبة، وأعتقد أن رؤية أبو عمار كانت، أن تأتي القيادات الفلسطينية داخل الوطن وتنطلق نحو القضية الجوهرية لفلسطين، حيث اعتبر هذا مكسبا كبيرا، لكنه عاش تجربة عملية جعلته يراجع موقفه، مشيرة إلى أن هذا ما جعل موقف أبو عمار صلبا في المرحلة الأخيرة، ولفتت إلى أن رفض أبوعمار التنازل في اتفاقية كامب، ورغم الحصار والضغوط التي وقعت عليه وتدمير المقاطعة الموجود بداخلها، كان هذا عنوان بداخله، اعترف بأنه كان خطأ تاريخي وأن إسرائيل غير مستعدة لأي عملية تنازل، أو الخضوع للقوانين الدولية، حيث ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، وهذا ما جعل الانتفاضة الثانية مسلحة".
أب للصغير والكبير
ووصفت السيدة زهيرة، أبو عمار قائلة، "إنسان يفرح ويغضب، ويتعامل مع القضايا الإنسانية وعنده المشاعر الأبوية، يحب أن يلعب مع الأطفال، حيث كان يأتي الأطفال على المقاطعة في الوقت الذي يرتاح فيه أبو عمار، "وقت القيلولة"، وقابلت بعض الأطفال هناك وتعرفت عليهم وسألتهم، ماذا تفعلون هنا وفاجئوني بأنهم أصدقاء أبوعمار، يأتون ويلعبون ويرسمون معه، وكنت أخذت ابن أختي الذي كان يصر على الذهاب لرؤية أبو عمار، وعندما رأى أبو عمار الطفل، حمله ولعب معه والتقط بعض الصور معه وقضى وقتا برفقته".
وتابعت، "أبو عمار كان دائما يهتم للآخرين أكثر من نفسه ويبدي غيره على شخصه، وكان يسعى دائما لطمأنة رفاقه عن الوضع الذي يمرون به، ويتمتع بمشاعر إنسانية، حيث لم يكن يمنع نفسه من التعبير عن أي شعور يراوده سواء بالحزن أو الفرح".
وزارة المرأة
وقالت كمال، "عند تعييني وزيرة للمرأة وكانت أول وزارة تشكل، كنت أحاول أن أكون تشاركية وأعرض خطتي على المؤسسات النسائية والتنموية، وأسمع عنهم بمصداقية، فأرسل أبو عمار رسالة بتعيين 20 امرأة بين مدير ومدير عام، فذهبت لأبو عمار وقلت له لا أستطيع أن أفعل ذلك، وأنه قمت بإعلان بالجريدة حول التعيينات والمواصفات الوظيفية، وأيضا الهيكلية التنظيمية لا تسمح لي بفعل ذلك، وكان مبدأي أن هذه القضية تتعارض مع مبادئي ومصداقيتي أمام الناس، وأن عليهم أن يخضعوا للشروط الوظيفية، وبالفعل وافق على ذلك، وامرأتين فقط نجحوا في الشروط المطلوبة، وبعد ذلك كان أبو عمار يوافق الرأي في قراري".
حضور كبير
وأكدت، أن "أبو عمار كان له حضور كبير في مصر ومحبوب جدا من الشعب، وأيضا في لبنان عند اندلاع المقاومة الفلسطينية من لبنان، كانت الناس تبكي عليهم وبحسرة تقول، إن الثورة الفلسطينية خرجت من لبنان، وفي تونس ما زالت تكن للقيادة والثورة الفلسطينية كل المحبة، والعراق كان من داعمين القضية الفلسطينية، والكثير من الشعوب العربية.
وأشارت إلى، أننا "اليوم نواجه خسارة على الصعيد العربي، وأن الشعارات أصبحت دون تطبيق على الأرض، وهناك تراجع عربي كبير تجاه القضية الفلسطينية، ولفتت إلى أن وضعنا السياسي المزري من تفكك بين القيادات والفصائل، يعتبر عامل رئيسي تجاه قضيتنا".
رمز فلسطين
وبينت، أن "أبو عمار كان وما زال رمز فلسطين، وكان يعيش حياة متواضعة بسيطة جدا سواء في تونس أو بالمقاطعة في فلسطين، وأشارت إلى أنه عند ذهاب الناس إلى المتحف بالمقاطعة، يذهلون ويتعجبون كيف لأبو عمار أن يعيش في مكان كهذا، حيث لا يوجد أي امتيازات ممنوحة للعائلة وله، وأكدت أن كل هذه المسائل جعلت الناس تحب أبو عمار وتلتصق به، وتكون معه بالسراء والضراء، ووقفت معه في أوج استقباله سواء بغزة أو رام الله، ولليوم جميع الناس تحييه وتحبه ويعيش فيهم".
يومًا بعد يومًا تتكشف حقائق جديدة وتظهر وثائق مكنونة في صدور وقلوب وذاكرة معاصري أبو عمار، تضيف رصيدًا جديدًا لهذا الخالد دومًا، فلروحه السلام.