مرت الحالة السياسية الفلسطينية بالكثير من المنعطفات والأزمات وصولاً إلى النكبات والانتكاسات، ولا سيما في ظروف محددة كانت خاضعة لمعايير ومحددات أكبر من حجم الواقع الذي يحيط في القضية، والتي تنطلق عناوينها الرئيسية من الهوية الوطنية، التي غابت عن المشهد نظراً لظروف استثنائية بسبب ضعف الأداء في ادارة الحالة الوطنية، نتيجة عوامل متعددة وكثيرة من أهمها حالة التناسي السياسي المتعمد أن الأرض الفلسطينية ما زالت محتلة وتعاني من العلة، التي لا يمكن التشافي منها إلا من خلال عملية استنهاض جديدة عنوانها البناء الوطني الشامل القائم على استدراك الموقف والانفتاح، حتى لا تبق القضية رهينة العجز ومرض الكساح.
لقد تم ارهاق الحالة الفلسطينية وإزهاق الحالة الوطنية من كثرة الاجتهادات والنظريات والمواقف المتعددة التي مضمونها الاستدراكات والاستنتاجات والتحليلات القائمة على الخوض باستمرار في متاهات التشعبات والتفصيلات البعيدة عن جوهر الأصل والأساسيات لدراسة واقعية ضمن برنامج شامل ومتكامل يجمل الموقف بكافة تفاصيله من البدايات إلى النهايات.
للخروج من عنق الزجاجة الخانق التي تضع به الحالة السياسية الفلسطينية نفسها وبمحض وارداتها، تحتاج إلى أخذ الدروس والعبر، والعودة إلى كل سيرة ومسيرة كان لها ايجابية الأثر للاستفادة منها وقراءتها بعقل مفتوح يدرك الحس السلوكي والمنطقي لمتطلبات العقل الواعي للبشر.
بلا همس.. خارج النص، العنوان الأشمل والأعم لتقييم الحالة السياسية الفلسطينية، من أجل العودة بها إلى رحى النص والخوض في تفاصيل الدرس دون أدنى لُبْس أو همس على طريق استقامة الفعل الوطني والسياسي القائم على وحدة الموقف والاستماع للغة العقل وللصوت الحقيقي الرافض للتفرقة والتشتت والنزاع، من أجل تحديث ارادة الواقع الفلسطيني عبر ادارة الصراع من أجل تعزيز فرص الصمود والبقاء، خوفاً مرة أخرى من التلاشي والضياع.