منذ خمسة أشهر لم يتلق موظفو الاتحاد العربي للنقل البري رواتبهم، أي أن حجب رواتبهم تم قبل انتشار الكورونا وخرابه، وليس بسبب الحجر وعدم القدرة على تسديد الالتزامات من قبل البلدان العربية أعضاء الاتحاد ومجلس إدارتهم وهيئتهم العامة.
معاناة الاتحاد العربي للنقل البري، ليست فريدة، والتقصير العربي نحو مؤسسات العمل العربي المشترك لا يقتصر على عدم تسديد الالتزامات لهذه المؤسسة العربية، بل تشمل العديد من الاتحادات والمنظمات المهنية والنوعية، ناهيك عن توقف اجتماعات ونشاطات القطاع الأكبر من المؤسسات العربية، وهذا يعود لعدة أسباب:
أولاً: ضعف القدرة المالية لدى العديد من البلدان العربية وعدم توفرها بسبب الحروب البينية العربية التي دمرت سوريا والعراق وليبيا واليمن، واستنزاف قدرات الأطراف العربية الأخرى، مما جعلها في حالة إرباك وعدم قدرة لتسديد التزاماتها العربية، وانعكاس ذلك على عمل ومهام هذه المؤسسات القومية.
ثانياً: تراجع الحماس السياسي نحو العمل العربي المشترك فالأولوية القومية لم تعد هي معيار الحضور والأهمية لدى العديد من الأطراف العربية، خاصة بعد غياب بلدان عربية أساسية عن إدارة العمل العربي المشترك وتتميز بالحرص الشديد على مؤسسات الجامعة العربية وتعزيز دورها، كل منها لها ظرفها ومتاعبها.
ثالثاً: استجابة لسياسة خبيثة بتحريض أميركي ودسائس ومؤامرات إسرائيلية، وتمرير ذلك تحت ذرائع ومسميات ودوافع مختلفة، تستهدف إزاحة العمل العربي المشترك، وإنهاء الترابط القومي بين أبناء الأمة الواحدة، ودلالة ذلك فاقعة تحت عناوين اسم منطقتنا « الشرق الأوسط وشمال افريقيا» حتى لا يُقال بلدان العالم العربي، أو الوطن العربي، أو العالم العربي، وحينما يُقال « الشراكة لبلدان حوض البحر الأبيض المتوسط» بدلاً من التعاون العربي الأوروبي، بين مجموعتين من البلدان، وبين هويتين من البشر: العرب وأوروبا، وبهدف إدخال المستعمرة الإسرائيلية عضواً في هذه المجموعة تحت مسمى بلدان حوض البحر المتوسط، وإلغاء أي عمل عربي أوروبي مشترك، ومحاولات شق البلدان العربية وتقسيمها كما حصل في السودان، وكما يحصل للعراق وسوريا، لدوافع خبيثة، وإن كان حق الكرد شرعياً في المساواة الكاملة، مثلهم مثل العرب.
البرنامج العدواني، يعمل على تعظيم الخلافات العربية مع كل من إيران وتركيا وأثيوبيا، والتي تتورط بسياسات هضم حقوق العرب، والتدخل في شؤونهم الداخلية، والمس باستقلالهم، وتحريض استفزازي ضار بين مذاهبهم كما يحصل في العراق واليمن وسوريا وغيرها.
ليست بريئة فقدان مؤسسات ومنظمات العمل العربي المشترك احتياجاتهم المالية وإفقارها، وتعليق نشاطاتها، بل هي سياسة منهجية مدروسة لإزالة مظاهر التضامن العربي والمصالح القومية ضد العدو القومي المشترك: المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي الذي يحتل:1- أراضي ثلاثة بلدان عربية فلسطين وسوريا ولبنان، 2- ويتطاول على أقدس مقدسات المسلمين والمسيحيين: المسجد الأقصى أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، ومسرى ومعراج سيدنا محمد، ومهد السيد المسيح وقيامته وبشراه، فالتطاول يستهدف مصالحنا الوطنية والقومية وقيمنا ومقدساتنا الإسلامية والمسيحية ولا رادع له، ومع ذلك يعمل البعض على تطبيع العلاقات معه وتسويقه كطرف موجود لا فكاك منه معنا وعلينا.