بعد انتقال الكورونا من وباء الى جائحة عابرة للقارات والأمم، يتضح ان المسالة تتحول الان الى إدارة للذعر والخوف المعولم، تحقيقا لمارب واهداف تتجاوز المخاطر الفعلية للوباء، ضخ اعلامي غير مسبوق يبعث على الدهشة والشك في أهدافه.
فالطاعون الأسود في العصور الوسطى حصد ثلث البشرية والانفلونزا الاسبانية بعد الحرب الكونية الأولى حصد خمسين مليونا، وايبولا وانفلونزا الخنازير كانت أكثر خطورة من كورونا. إذن، من يدير اللعبة وهل انقلب السحر على الساحر، ام ان الامر لا زال تحت السيطرة بفضل التقدم العلمي الهائل.
اقترح التفكير والتأمل في الطريقة التي يستغل فيها نظام الليبرالية الجديدة هذا الوباء قبل استسلامه لنظام كوني جديد .بادارة وتوجيه الخوف المحلي والعالمي، ودون حروب عالمية كبرى ولا احتلال للشوارع ولا فتح حقيبة مفاتيح الترسانة النووية كما في أفلام هوليود.
اليوم يفرض منع عالمي للتجوال وحجرا صحيا طوعيا كما افعل شخصيا لليوم الخامس على التوالي بعد تبرد وعطس بسيط، منذ سنوات قليلة خاضت منظمات حقوق الانسان في بريطانيا صراعا مع الحكومة اليمينية ضد بطاقة الهوية الشخصية البيومترية، والتي تضع كل بيانات المواطن وامراضه ووضعه المالي وديونه وصحيفته القانونية على شريحة الهوية، في انتهاك صريح للخصوصية الشخصية، بدءا من اليوم ستمر مسالة تعرية البشر وكشف سترهم بكاميرات المراقبة في الشوارع، فلا تستغربن ان يوقفك شرطي ويسالك لماذا لم تدفع قرض رهن البيت، او ان لديك موعدا في العيادة، او ان حرارتك مرتفعة لماذا لا تجلس في البيت وفي العزل والحجز الطوعي، تمدد الدولة الرأسمالية الحديثة عمرها، بإرهاب التخويف من الموت في حدوده القصوى، فالنخبة حارسة النظام، أفلست فكريا، ولا تملك حلولا للازمة الاقتصادية الراهنة، فالكساد الاقتصادي يشابه أزمة 1929 التي حلت بحرب عالمية وستين مليون قتيل ودمار هائل، اما اليوم فلم يعد ممكنا معالجة الازمة بالحروب بسبب التطور الهائل لادوات الحرب والدمار.
واقتراح نخبة اليمين الشعبوي كان بالعزلة وبناء الاسوار العالية واغلاق الحدود. الجديد اليوم هو الانتقال الى حجر الفرد داخل اسوار البيت. وتتشارك كل النخب يسارا ويمينا في واقع العجز عن إيجاد حلول للكساد الشامل والافلاس القادم. بات الخوف من موجة احتجاجات كبرى، تطيح بما يسمى بالنظام هو المسيطر على العقول الحاكمة والمتحكمة، ما يجعل من استراتيجية الخوف والذعر أداة مؤقتة لوقف الانهيار. الغائب الأكبر في هذا المشهد المرعب هو المفكر النقدي، بعد ان احتل رجل العلاقات العامة والاعلام والتقنية المجردة والسياسيين الجهلة سدة حكم النظام العالمي المعاصر، وهات دبرها مع هذا النوع من القادة.