اليوم الاربعاء 30 إبريل 2025م
كوريير: انسحاب ديوكوفيتش من دورة روما علامة مقلقةالكوفية ليفركوزن مهتم بالتعاقد مع تن هاغ أو تشافيالكوفية كوريا الشمالية تختبر مدمرة نووية جديدةالكوفية ترامب يمزح مبديا رغبته في أن يكون البابا القادم للفاتيكانالكوفية مقتل 11 من عناصر الأمن في هجوم مسلّح على مقرهم بريف دمشقالكوفية الإمارات: إحباط محاولة غير مشروعة لتمرير أسلحة للجيش السودانيالكوفية "حل الدولتين"..نحو "دولتي اليهود" في فلسطين!الكوفية الإبداعات في دول الحضارات!الكوفية هل يمكن التوصل إلى تسوية سلمية؟الكوفية تطورات اليوم الـ 44 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية الصحة: 35 شهيدًا و109 مصابين في غزة خلال الـ24 ساعةالكوفية الصحة بغزة: وصل مستشفيات قطاع غزة 35 شهيد، و 109 إصابة خلال 24 ساعة الماضيةالكوفية نداء عاجل لمنظمة الصحة العالمية بشأن ظروف الأسرىالكوفية فلسطين تحرز المركز الثالث في البطولة العربية لكرة السرعةالكوفية جيش الاحتلال يستدعي عشرات آلاف عناصر الاحتياط بهدف توسيع الحربالكوفية 19 شهيدا في قصف الاحتلال المتواصل على مناطق متفرقة من قطاع غزةالكوفية "الإحصاء": معدلات البطالة في غزة 68% وفي الضفة 31%الكوفية غوتيريش: إدخال المساعدات إلى غزة غير قابل للتفاوضالكوفية طهران تندد بتهديدات فرنسية بفرض عقوبات جديدةالكوفية عدوان الاحتلال على جنين ومخيمها يدخل يومه الـ100 وسط استمرار عمليات الهدم والنزوحالكوفية

باسم الأَب وغزّة والأُخوة الشهداء السّتة

13:13 - 14 إبريل - 2025
المتوكل طه
الكوفية:

كتب المحلل السياسي المتوكل طه قصيدة رثاء للإخوة الستة الذين استشهدوا جراء قصف طائرات الاحتلال لمدينة دير البلح وسط غزة.

كانوا له مثلما كانت الشمسُ للأرضِ،    إذ بلغوا عَرْشَه،    فاطمأنَّ..لكنّها الحربُ؛ تأخذُ منّا الهواءَ،    فتختنقُ الشَهَقاتُ،    وما مِن زمانٍ يعودُ،    ولا مِن بُكاءٍ يُعيد.

كبروا بين كبشٍ وحُزنٍ،    ونّذْرٍ،    وليلٍ طويلٍ،    وَعِيد.

وظلَّ على سَمْتِه يحرثُ الطينَ،    يسقي اليراعاتِ من عينه،    وابتنى غيرَ دارٍ لكي يسكنَ الطيرُ والزَّغبُ المُطمئنُّ،    وترقى على كتفِ القوسِ ناريّةٌ،    قد تردّ اللظى عن منامٍ خفيفٍ،    يُداعبه عودةً للبلادِ،    التي سرقوها،    فكان كما اللاجئين الذين ينامون كي يحلموا بالرجوعِ،    وما من وعودٍ وما من وعيد.

ودبّت حروبٌ،    فكان ينقّلُ أحفاده بين أحضانه،    وانزوى تحت أشجاره،    ودعا اللهَ كي يحفظَ الفلذاتِ،    وغصّ كثيراً،    لأنّ مياهَ الفصولِ دماءٌ،    وخبزُ الوضيمةِ فَحمُ الثريد.

وراح يخبُّ،    هنا أو هناكَ،    فيلقي الذي نزحوا في الدروب،    فيبكي عليهم! وظلّ على هذه الحالِ عشرةَ آلاف مجزرةٍ في الطريق..يجرُّ الخيامَ وبعضَ الفِراشِ،    ويبقى يصلّي،    فلا بأسَ إن ماتَ،   لكنّه لا يريدُ لأبنائه أن يموتوا،   فقلبُ الأُبوّةِ هشٌّ ولا يستطيعُ احتمالَ الحديد.

وماتوا!فماذا نقولُ وماذا نزيد؟

قامَ..صلّى وسلّمَ،   ثمّ توضأ ثانيةً بالترابِ..وقال:لهُ الحمدُ في كل حالٍ وفي كلِّ حينٍ.لكَ الحمدُ يا ربُّ،   أكرمتني كرماً واسعاً،   فَلهم جنّةُ الخُلدِ،   هذا جزاءٌ عظيمٌ.سنمضي جميعاً إلى القبرِ،   مهما بلغنا من العُمْر،   والفوزُ مَن فازَ بالجنّتينِ،   فحمداً كثيراً،   وآملُ يا ربّ ألّا أظلّ وحيداً،   فَدَع لي صغيري الحفيدَ الوحيد.

وقالَ؛تعالوا نُصلّي عليهم،   فإنّي رضيتُ..فأبكى الرجالَ وهالَ الشريد..

ولما انتهوا ومشوا للقبورِ،   أتى صوتُ أشجارِهم من وراء الرّكامِ؛يحشرجُ،   مثلَ الثكالى على جثّةٍ من قديد.

 لقد بلغوا ساعةَ الكَشْفِ،   فالأكبرُ البِكْرُ يشبهُ والدَهُ في الملامحِ والسيرِ،   زوّجهُ منذ عشرين عاماً،   فصار أخاه المجازيّ طولاً،   ويضحكُ حتى النواجذ.يعشقُ شايَ المواقدِ،   وهو على سدَّةِ الحقلِ،   متّجهاً للسماءِ،   وقد يرجعُ العصْرَ للبيت منفرداً،   فالأبُ الشيخُ يبقى مع الغصنِ حتى يُضيءَ له الليلَ،   ثمّ يُصلّي العِشاءَ ويرجع مشْياً..وفي الحوش يجتمعون لكي يلعبوا معه،   قبل أن يذهبوا للمهودِ،   وينْقُدَهم ما تيسّرَ،   حتى تطيرَ الفراشاتُ من غدِها في المدارسِ،   فالصفُّ حلوى ودفترُ رَسْمٍ ووَجْهٍ سعيد.

ويعملُ ثاني الرجالِ بِمعملِه المخبريّ،   يحلّلُ أوردةَ المُتعبينَ،   ويقضي النهاراتِ مُنشغلاً بالقواريرِ،   حتى تزوّجَ أجملَ قارورةٍ أيقظت عِطْرَهُ،   ثُمّ جاءت له بالمراجيحِ،   فانشرحَ الصّدرُ،   حتى إذا قامت الحربُ راح ليعملَ ردْف الأطباءِ..ظلّ هنالك قلبَ العيادةِ،   ليلاً نهاراً،   وما نامَ،   إذ إنّهم قصفوا كلّ شيءٍ،   فلم يتبقَ سوى غرفتين هما للطوارئ والفحصِ..ظلّ،   وما عادَ للبيتِ إذ قصفوه،   فطارَ بمَن فيه،   أعني الوليدَ وأُمَّ الوليد.

وثالثهم سيّدُ الموجِ والصيدِ،  يعرفُ أمزجةَ الماءِ والرّيِحِ،  يركبُ قنديلَه،   ثم يمضي بعيداً ليرجعَ، عند الشروقِ مليئاً بأسماكِه النابضاتِ،   وفي البالِ حوريّةٌ لوَّعته،   فما ترك النّايّ،   بل جرّحَ البحرَ بالنهاوَندِ،   وساءَلَه عن حجازِ الدموع ورَجْعِ الصَّبا،   والفتى،   خلفَ أمواجه الباكياتِ،   يدورُ ويبحثُ عن نجمةٍ في البعيد.

ورابعهم ينقشُ المُدنَ الهالكاتِ على الرّوحِ،   حتى يُعادُ القوامُ لها مثلما نشأت،   فاهدموا ما استطعتم!لقد حَفَرَ البابَ والسوقَ والسورَ،   أبقى المآذنَ والشاطئ الذَهبيَّ،   وحدَّ المنازلَ بالوردِ،   ثمّ أتى بالنجومِ جميعاً لرصفِ الدروبِ،   وقال؛لها قمرٌ لا يغيبُ،  سيبقى بكامل أعراسه في الصعيد.

وخامسُ أخوته مَن يغنّي إذا اشتدتِ العاصفاتُ، ويبعثُ منديلَ عاشقةٍ للمجرّاتِ،   إذ فَقَدَت شمسَها،   أو يعودُ لها بالجحيمِ،   فتقبضُها في اليمين،   ويمشي بها للمتاريسِ،   حتى إذا هبّت النارُ،   ألقت جحيمَ براجِمها في الجنودِ،   وعادت،   تربّتُ فوقَ الجَنين الذي سوف يأتي،   ليقطعَ دابرَهم من جديد.

وسادسُهم قمرٌ هادئٌ،   يعرفُ اللهَ دون كلامٍ،   ويقضي اللياليَ مع شيخه،   أو يقول له؛لستُ مِثلَكَ،   إنّ التكاليفَ لا شيءَ إنْ ظلّ بيتيَ تحتَ الحصارِ المريرِ،   فما الصلواتُ إذا لم تكن صرخةً في الوجودِ؟وما الصومُ،   والناسُ جوعى؟وما الحجُّ إن بقي القيدُ في الكفّ؟هل يأبهُ اللهُ بالناسِ إن لم يثوروا على الحاكِمِ المُستبدِّ،   ولم يبعثوا النارَ في الجيشِ؟كونوا جهنّمَ في وجهِ دبّابةٍ للغُزاةِ،   وقولوا؛هنا غزّةُ النار،   فهل مِن مزيد!

وسابعُهم ألفُ ألفٍ،   من الشهداء؛الذين مضوا للفراديسِ،   لكنّهم لم يموتوا،   وظلّوا على شُرفات السماءِ،   وقد تركوا أرضَنا للضياءِ،   وخلّوا سماواتِنا للنشيد.     

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق