اليوم الاربعاء 15 يناير 2025م
عاجل
  • الإعلام العبري: المستوى السياسي يبلغ الجيش بشأن الاتفاق
تطورات اليوم الـ 467 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية الإعلام العبري: المستوى السياسي يبلغ الجيش بشأن الاتفاقالكوفية الإعلام العبري: نتنياهو أُبلغ بـ«إنجاز» صفقة تبادل الأسرىالكوفية استشهاد الناشط أحمد أبو الروس بقصف مركبته بالنصيرات وسط قطاع غزةالكوفية حكومة الاحتلال: 3436 أسيرا من غزة في السجون الإسرائيليةالكوفية نتنياهو سيعقد اجتماعا تشاوريا بعد قليل بخصوص صفقة تبادل الأسرىالكوفية مؤتمر صحفي لرئيس مجلس الوزراء القطري مساء اليوم للإعلان عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في غزةالكوفية مراسلنا: طائرات الاحتلال تستهدف منزلا بشارع عوني ضهير شمال شرقي مدينة رفح جنوبي قطاع غزةالكوفية موسم الرياض: الملاكم السعودي زياد المعيوف يتأهب لـ«ذا لاست كريشندو»الكوفية هيئة البث الإسرائيلية: مصدر مطلع يكذب ديوان نتنياهو ويؤكد أن حماس قدمت ردا إيجابيا على إبرام الصفقةالكوفية مكتب نتنياهو: خلافا للأنباء حركة حماس لم تعط ردها بعد بخصوص الصفقةالكوفية «رئيس الوزراء» يدعو العالم لمواصلة الضغط على إسرائيل حتى بعد هدنة غزةالكوفية "الثنائي الشيعي" من تهمة "الهيمنة" إلى "عقدة الإقصاء"..نواف كاشفاالكوفية هل تسمحون لي بالنجاة؟الكوفية قالت شهرزاد: رواية بيان أبو نحلة من غزةالكوفية صفقة التبادل: حسابات الربح والخسارةالكوفية فوز ثمين لفدائي السيدات على لبنان في تصفيات آسيا لكرة الصالاتالكوفية وصول الطائرة الإغاثية السعودية الـ11 إلى دمشقالكوفية سوريا تعتقل أحمد المنصور بعد بثه فيديوهات تهدد الحكومة المصريةالكوفية انطلاق صاروخ يحمل مركبتين فضائيتين من أمريكا واليابان إلى القمرالكوفية

قالت شهرزاد: رواية بيان أبو نحلة من غزة

15:15 - 15 يناير - 2025
فيحاء عبد الهادي
الكوفية:

ولما كان اليوم الثمانون بعد المائتين، للعدوان الإسرائيلي الوحشيّ، على قطاع غزة الأبيّ، ومع تباشير يوم السبت، الثالث عشر من تموز، من العام ألفين وأربعة وعشرين ميلادي، والسابع من محرّم، من العام ألف وأربعمائة وستة وأربعين هجرية؛ الذي شهد قصفًا إسرائيليًا مجنونًا على مواصي خان يونس، نتج عنه استشهاد واحد وسبعين، وإصابة تسعة وثمانين، من الفلسطينيين، وشهد مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال استشهد بسببها ثمانية عشر من المصلّين، في مخيم الشاطئ، بجانب مدرسة شهداء الشاطئ؛ حدّثتني ياسمين وادي قالت: حدّثتني بيان أبو نحلة، عن نزوحها الأول من بيتها في القطاع، منذ بداية العدوان الإسرائيلي بالصواريخ على حيّ تل الهوا، في الجنوب الغربيّ لمدينة غزة، والذي تعرّضت مبانيه وبنيته التحتية إلى غارات جيش الاحتلال، على مدى السنوات، ومن بينها العمارة التي تسكن فيها، والتي قصفت إثر عدوان الجيش الإسرائيلي على غزة، عام ألفين وواحد وعشرين؛ الأمر الذي دفعها وأسرتها، للتفكير في الانتقال للسكن مع عمها وجدتها، في مدينة رفح، خاصة لرعاية أمها، التي تعاني من ورم خبيث في كبدها وطحالها؛ ما كان يستدعي سفرها إلى القدس شهريًا لمتابعة علاجها.
وكان أيها الجمهور السعيد، ذو الرأي الرشيد؛ أن حزمت بيان وعائلتها جواز سفرها وبعض ملابسها وهويتها الفلسطينية، وما تيسّر من الأشياء الضرورية، وخاصة أقلامها وعلبة ألوانها المائية، وتركت جهاز الكمبيوتر المحمول وبعض الوثائق الرسمية، بالإضافة إلى ألبوم صورها وشهادة تخرّجها وأعمالها الفنية.
تتساءلون عن حياة بيان وعائلتها في رفح يا سادة يا كرام، بعد أن تحوّلت الزيارة القصيرة إلى إقامة طويلة، واستضاف بيت جدها من النازحين أربعين، فلم يعد هناك مجال للهدوء، أو أي خصوصية. عاد الزمان إلى الوراء، حيث لا خبز ولا وقود ولا ماء ولا حليب ولا دواء ولا فراش ولا غطاء ولا مستلزمات عناية شخصية، ولا رعاية صحية، ولا مستلزمات صحية نسوية، ولا مسكّنات في الصيدليات والمستشفيات والمستوصفات، ولا بضاعة في المحلات، وإن وجدت تكون بأسعار خيالية.
شمّرت النساء عن سواعدها، وأعملت خيالها وعقلها، وابتكرت وأبدعت بناء على احتياجها؛ استخدمت الفحم والحطب لإشعال النار، لطهي الطعام، واخترعت ما يشبه الخميرة، كي تخبز لعائلتها ما يقوم بأودها، وتفنّنت في طبخ الحبوب الجافة، ومعلّبات البازيلا والفول، التي لا يوجد للأكل غيرها، كما اخترعت ما يشبه البَكَرَة، كي تعبئ المياه الشحيحة – حين تتوفّر - بوعاء (جردل)، وتربطه بحبل، حتى يتمّ سحبه إلى أعلى.
لم يسلم النازحون في رفح من القصف والقتل يا سادة يا كرام، لاحقتهم الأحزمة النارية، والقذائف الصاروخية، وخاصة في الليل وهم نيام، ليستيقظوا فزعين على أصوات كأنها زلزال.
روت بيان عن الرعب الذي عاشته وعائلتها وجيرانها ليلًا، وعن الخطر الذي كان يهدّدها دومًا، حين لم تكن تستطيع إنارة البيت أو فتح النوافذ، خوفًا من القصف والقذائف.
روت والألم يعتصرها، والدمع يترقرق من عينيها، عن مجزرة مستشفى المعمداني المُريعة، أول مجزرة بعد السابع من أكتوبر من العام ألفين وثلاثة وعشرين، التي قصف فيها المستشفى وعياداته الخارجية، ومركز تشخيص السرطان، حيث تم استخدام سلاح خاص على المرضى يقطع أجسادهم، ويتسبب في جروح كأنها سكاكين تقطع أطرافهم، وفوجئ أطباء المستشفى بدخول الجرحى عليهم أثناء عملهم، وعمّت الفوضى المكان، وتناثرت أشلاء الضحايا، وامتلأ المستشفى بأجساد الشهداء، الذين بلغوا خمسمائة شهيد وشهيدة، كان بينهم صديق بيان؛ «محمد سامي» الفنان، صاحب المبادرات، الذي كان متطوّعًا ينظم نشاطات ثقافية وفنية وترفيهية للأطفال، الذين كانوا يقيمون مع عائلاتهم في باحة المستشفى.
أما صديقتها حليمة الكحلوت الفنانة؛ فقد استشهدت نتيجة قذائف الزنانة، مع عشرة من أفراد عائلتها في غزة يوم الثلاثين من أكتوبر، وكانت قد سبقتها إلى الشهادة يوم الثالث عشر من الشهر ذاته الفنانة التشكيلية، ومعلمة التربية الفنية هبة زقوت؛ التي قُصف بيتها في غزة على رأسها ورؤوس طفليها آدم ومحمود.
ولم تجد الفنانة بيان، وسيلة لمواجهة سواد الأيام، سوى ألوانها المائية ودفاترها وحبرها وأقلامها، التي حرصت أن تلازمها في رحلة نزوحها. كان الرسم بالنسبة لبيان، وسيلة لفصلها عن الزمان والمكان، ركّزت على رسم الأحداث والشخصيات، من الواقع والخيال، كي تستطيع احتمال الآلام. كان همّها ممارسة فنها، الذي حاولت نقله للصغار حولها؛ كي يكون وسيلة للتسلية والتفريغ في آن، كانت تطلب منهم رسم أي شيء بعيد عما يشاهدونه يوميًا من قصف، ومجازر، وقتل؛ لكنهم كانوا لا يرسمون سوى بيت مقصوف، وعمارات مهدومة، ودبابات، وطيارات، وصواريخ، ورصاص، وخيم، وصور شهداء، وأصدقاء، ومعتقلين، ومقاوِمين.
بقيت بيان في رفح أيها الأفاضل، حتى وصلها الإذن بمغادرة رفح إلى مصر مع والدتها، لمرافقتها في رحلة علاجها. لم تفكر الصبية قبلها لحظة بإمكانية نجاتها، كان الموت والدمار والخراب يحيطها وعائلتها وصديقاتها ومعارفها ويحتِّم هلاكها.
ووووووو وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام الجراح.  

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق