بعد أن تبدد التفاؤل من البعض بخصوص فوز ترامب برئاسة البيت الأبيض خاصة بعد تعيينه لشخصيات معروفة بعدائها للشعب الفلسطيني وتنكرها ليس فقط لحقوقه بل لوجوده أيضا.
لا بد من الحذر من مخاطر الرهان على معادلة الدولة الفلسطينية مقابل التطبيع.
صحيح أن ترامب هو رجل مال واقتصاد وصفقات ولكن هناك من يتناسى البعد الثقافي والفكري له.
إن ترامب ينتمي للنخبة التي تؤمن بالتفوق العرقي الأمر الذي يفسر معاداته للأجانب والمهاجرين وإصراره علي شعار أمريكا أولا.
لا أعتقد أن ترامب الثاني أي الذي فاز بالولاية الحالية سيختلف عن ترامب الأول الذي كان رئيسا للفترة ما بين 2016-2020.
لقد أعلن ترامب أثناء الدعاية الانتخابية أن مساحة إسرائيل ضيقة وبحاجة لأن تتوسع ووجه اللوم لمنافسته كاميلا هاريس من الحزب الديمقراطي بأنها تكره إسرائيل وأنها لو فازت فلن تستمر إسرائيل لمدة عامين كما حذر مستشارة للأمن القومي محكمة الجنايات الدولية بعد قرارها بإيقاف كل من نتنياهو غالانت بتهمة ارتكابهما لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وقال انتظرونا يوم 20/1 أنتم والأمم المتحدة أي يوم تسلم ترامب الحكم في تهديد يتسم باستخدام وسائل القوة الغاشمة وفي محاولة لاستبدال سيادة القانون بشريعة الغاب .
لقد قام ترامب في دورته السابقة بإعلان صفقة القرن والتي صاغها مع نتنياهو آنذاك .
تم ذلك بعد أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والإعلان عنها عاصمة لدولة الاحتلال كما تم بعد قطع المساعدات عن الأونروا.
إن الدولة الفلسطينية المعلنة حينها منه ومن نتنياهو كانت علي أجزاء مبعثرة ومتناثرة ومقطعة الأوصال من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وتتضمن ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية لدولة الاحتلال وإن عاصمة الدولة ستكون بجوار أحياء من القدس حيث أن القدس بشقيها ستكون عاصمة لدولة الاحتلال فقط .
إن إدارة ترامب الراهنة ذات التوجه اليميني والتي ينتمي البعض منها للمسيحية الصهيونية لا تلتقي مصلحيا فقط مع دولة الاحتلال بل أيديولوجيا أيضا.
إنهم ينتمون لمدرسة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتفوق الأثني أي تفوق البيض بالولايات المتحدة وتفوق اليهود في فلسطين المحتلة الأمر الذي يتطلب الانتباه إلى خطورة هذه الإدارة التي رحب بها رموز اليمين الفاشي بدولة الاحتلال.
لقد أعلن سموتريتش عن الاستعداد لضم الضفة الغربية وقام بتقسيمها إلى معازل وبانتوستانات وأكد ذلك نتنياهو نفسه منتظرين لحظة تولي ترامب الرئاسة.
ربما يحاول ترامب إعادة طرح صفقة القرن معدلة عبر إعادة الإعلان عن إمكانية قيام دولة فلسطينية وهي بهذه الحالة ستكون أكثر مسخا وكاريكاتورية من دولة صفقة القرن الأولى حيث سيسمح لدولة الاحتلال بضم مساحات واسعة من الضفة أقلها المنطقة المصنفة ج والتي تبلغ مساحتها حوالي 60% من مساحة الضفة وذلك لغقناع السعودية بالتقدم باتجاه التطبيع مع دولة الاحتلال.
وعلية ففي الوقت الذي يجب الترحيب فيه بالجهد الذي تقوم به السعودية على مستوي حشد الدول العربية والإسلامية بما يشمل العديد من دول العالم وصل عددها إلى تسعين دولة وذلك تحت شعار التطبيع مقابل الدولة الأمر الذي من المرجح أن يؤثر باتجاه تعديل موازين القوي السياسية لصالح العرب في مواجهة ترامب وهو رجل المال والأعمال والمصالح الاقتصادية فإنه من الضروري في ذات الوقت التنبيه بمخاطر المناورات الخادعة التي قد يلجأ لها ترامب بالشراكة مع نتنياهو عبر الموافقة على الإعلان عن دويلة فلسطينية مشوهة ومقطعة الأوصال وتحت السيادة الاحتلالية ومسلوبة الحق في تقرير المصير ومشطوب منها حق العودة، وأن يتم الإعلان عن ذلك مقابل التطبيع.
وبهدف إحباط مخططات الضم والتهويد ومخاطر التهجير لا بد من العمل الفوري لترتيب البيت الداخلي وإنهاء الانقسام والاستفادة من المكانة القانونية والسياسية الجديدة التي أصبحت تحتلها دولة فلسطين بعد الاعترافات العالمية بها للتمسك بها كما هي معرفة بالقانون الدولي أي بما يشمل الأراضي الفلسطينية المحتلة بالعام 1967 كاملة وغير منقوصة.
انتهى.