- طائرات الاحتلال تشن غارات شرق مدينة غزة
- صافرات الإنذار تدوي في نهاريا خشية تسلل طائرات مسيرة
غزة: 12 عاما مضت على آخر انتخابات أجرتها نقابة الصحافيين الفلسطينيين، ومازالت مشكلة عدم التوافق والاتفاق بين الأطر الصحفية عالقة، وترى تلك الأطر أنها مهمشة وتعاني من سياسة الإقصاء والتفرد.
منذ انتخاب مجلس النقابة عام 2012، ما زال هذا المجلس مختلفا عليه من الأطر الصحفية، لا سيما أنه جاء عبر انتخابات جرت في ظروف سياسية معقدة خلفها الانقسام بين حركتي حماس وفتح، إذ اقتصرت عملية الاقتراع المباشر حينها على الصحفيين في الضفة الفلسطينية، وأخرى أجريت إلكترونيًا في قطاع غزة، بعد أن منعت حركة حماس إجرائها في القطاع، وبقي البيت الصحافي منذ ذلك الحين مسيسا، وارتبط كحال بقية المجالات الأخرى في فلسطين، بالحسابات السياسية.
أصل الخلاف
اختلاف الصحفيين مع نقابتهم يرجع إلى تغليب الجانب السياسي، ما أدى إلى عدم المهنية، بالإضافة إلى الركود وضعف التصدي للانتهاكات التي يتعرض لها، وإغلاق باب الانتساب فيها أمام عدد كبير من الزملاء على الرغم من مطابقتهم لشروط العضوية.
وإلى جانب ذلك فإن النقابة لا تنشر أسماء أعضائها في قطاع غزة لأسباب مجهولة، ولا حتى نظامها الداخلي، وأخيراً عدم إجراء انتخابات بصورة دورية وبدعوة جميع الصحفيين لها من كل الفئات والأحزاب.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، أعلنت نقابة الصحفيين في شهر أبريل الماضي جدولا زمنيا ولوائح خاصة بتنظيم الانتخابات تستند إلى تعديلات أجرتها على لوائح وأنظمة النقابة خلال اجتماع نظمته في شهر يناير الماضي أطلقت عليه "المؤتمر الاستثنائي" وحرمت بموجبه شرائح صحفية كاملة من المشاركة في الانتخابات المقبلة المقررة يوم الرابع والعشرين من الشهر الجاري.
خطوات تصعيدية
في المقابل، قدم صحفيون في قطاع غزة طعنا في قانونية انتخابات النقابة، وطالبوا لجنة الانتخابات بوقفها فورا.
وجاءت هذه الخطوة التي تقدم عدد من الصحفيين الحاصلين على بطاقة عضوية والمسددين اشتراكاتهم، في اليوم الأخير الذي أعلنته النقابة للطعن على القوائم المرشحة حسب جدولها المعلن، وجاء في نص الكتاب الذي تم تسليمه مباشرة للجنة المشرفة على الانتخابات: "نتقدم لسيادتكم بهذا الطعن للاعتراض على العملية الانتخابية جملةً وتفصيلاً، وبالتوالي على المرشحين أعضاء قائمة شهداء الصحافة الفلسطينية بسبب مخالفة ذلك النظام".
وطالب الصحفيون اللجنة بوقف العملية الانتخابية فورا، لحين البت بهذا الطعن وفقاً للإجراءات القانونية، على اعتبار أن الإجراءات المنتهجة من قبل الأشخاص الذين يديرون النقابة كان دوما مثار تساؤلات وتفتقر إلى المهنية والتسويغ القانوني، فضلا عن التأجيل المتكرر لإجراء الانتخابات بحجج وذرائع واهية، ولم تراعي كل الدعوات التي طالبت على الدوام بتصويب أوضاع النقابة ووقف احتكارها والسيطرة عليها من فئة محددة، وأشخاص لا ينتمون إلى مهنة الصحافة.
وفي ظل تجاهل النقابة لمطالب الصحفيين، اعتصم الحراك الصحفي النقابي في قطاع غزة مطلع الشهر الجاري أمام مقر نقابة الصحفيين في غزة، للتنديد بإجراءاتها في تنفيذ مسرحية انتخابات هزيلة وغير قانونية وغير شرعية لسلب حق الصحفيين النقابي واقصاء المئات وحرمناهم من عضوية النقابة، وفق بيان للحراك.
مبادرة لإنهاء الأزمة
ومع تصاعد الأزمة، أصدرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بياناً صحفياً، بشأن التباينات القائمة حول عقد مؤتمر نقابة الصحفيين المزمع عقده خلال اليومين القادمين، ومناقشة الأمر في اجتماع لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية.
وأكدت الجبهة حرصها على وحدة النقابات والاتحادات الشعبية، وعلى أن تعكس عضويتها تمثيلاً حقيقياً وشاملاً للفئات التي تمثلها، ودون أي إجحاف نتيجةً للانتماء السياسي.
كما شددت على ضرورة تعزيز ديمقراطية النقابات والاتحادات من خلال عقد مؤتمراتها الدورية، وانتخاب قياداتها على مختلف المستويات، وعلى رفض أي محاولات لتعميم الانقسام البغيض على النقابات والاتحادات الشعبية، والعمل على أن تكون ميداناً نقيضاً له، وعامل إسناد لجهود إنهائه.
وأوضحت الشعبية أن التحديات والمؤامرات التي تواجهها الساحة الفلسطينية، والاعتداءات الصهيونية التي لا تتوقف في الضفة والحرب الأخيرة على قطاع غزه، تستدعي أكثر من أي وقت مضى البحث في وحدة الاتحادات والنقابات الفلسطينية، كما في المؤسسات الوطنية.
وفي هذا السياق، قالت الشعبية: "تكمن أهمية معالجة التباينات والخلافات بشأن عقد مؤتمر نقابة الصحفيين بمسؤولية عالية؛ كي تتمكن القيام بمهامها المحورية على أكمل وجه في فضح سياسات العدو وجرائمه، ومخططاته التصفوية أمام الرأي العام الدولي".
وتابعت "في الوقت الذي نؤكد فيه على شرعية نقابة الصحفيين، ندعو إلى حوار مسؤول بين الأجسام الصحفية كافة لبحث التباينات القائمة، وبما يقود لاتفاق على عقد مؤتمر خلال فترة يُتفق عليها دون إقصاء لأحد، ويعزز من مكانة ودور النقابة".
دعوات لبدء حوارٍ جادٍ وفعّال
بدوره، رحب المكتب الحركي المركزي للصحفيين في ساحة غزة مساء اليوم الأحد، بالدعوة الكريمة التي أطلقتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لإنجاز حوارٍ بين الكتل الصحفية يقود إلى تنظيم مؤتمرٍ جامعٍ لنقابة الصحفيين خلال فترةٍ محددةٍ وبمشاركة الجميع.
ودعا المكتب الحركي المركزي للصحفيين، الرفاق في الجبهة الشعبية إلى استكمال ما بدأوه بهذه الدعوة الكريمة، والانتقال إلى التنفيذ الفوري من خلال بدء حوارٍ جادٍ وبنّاءٍ وفعّال في أقرب فرصةٍ ممكنةٍ وبرعاية الجبهة الشعبية التي تحمل دعوتها مبادئ الروح الوطنية وقيم المسؤولية تجاه الكل الصحفي.
كما رحب الحراك الصحفي النقابي قطاع غزة، بالبيان الصادر عن الجبهة الشعبية، مؤكدا أن "الفريق المسيطر على النقابة لا شرعية له ولم ينتخب من الجمعية العمومية للنقابة ولا يحق له ممارسة الأدوار التي يقوم بها".
وأضاف، "أكد بيان الرفاق في الشعبية ما هو مؤكد بوجود حالة إقصاء للصحفيين بسبب انتماءهم السياسي ومنعهم من الحصول على عضوية نقابتهم ونضم صوتنا الى صوتهم بضرورة وحدة النقابات والاتحادات الشعبية وعلى أن تعكس عضويتها تمثيلاً حقيقياً وشاملاً للفئات التي تمثلها ودون أي إجحاف نتيجةً للانتماء السياسي
وثمن الحراك، موقف قيادة الجبهة الشعبية بالدعوة إلى حوار مسؤول بين الأجسام الصحفية كافة لبحث التباينات القائمة وبما يقود لاتفاق على عقد مؤتمر خلال فترة يُتفق عليها دون إقصاء لأحد ويعزز من مكانة ودور النقابة"، معربا عن جاهزيته التامة للاستجابة لدعوة الحوار في أي وقت يرونه مناسبًا.
وأوضح ان القراءة الواعية والاشرافية من قيادة الجبهة الشعبية لتداعيات الأزمة الجارية في حال واصل الفريق المسيطر على النقابة اجراءاته غير الشرعية تدعونا الى الترحيب الفوري بالدعوة والتي نأمل أن يستجيب لها العقلاء من جميع الأطر النقابية الصحيفة وخاطفي النقابة.
ودعا الحراك، الرفيق المناضل القائد جميل مزهر نائب الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى رعاية هذا الحوار والبدء به فورًا.
مطالب الحراك الصخفي
إلى ذلك، أصدر حراك الصحفيين الفلسطينيين بيانا لاحقا للمواقف الصادرة حول مؤتمر نقابة الصحفيين، ودعوة الجبهة الشعبية لحوار شامل.
وذكر الحراك في بيانه، "نضع بين أيديكم رؤية أولية يمكن الاستناد عليها لبدء إصلاح نقابة الصحفيين الفلسطينيين"، وتتمثل بالتالي:
أولًا: دعوة الكتل الصحفية كافّة (داخل النقابة وخارجها) إلى حوار معمّق لا يكون على قاعدة المحاصصة الحزبية، حول واقع نقابة الصحفيين، وأبرز الإشكاليات التي تواجهها النقابة، وذلك برعاية مؤسسات وجهات محايدة.
ثانيًا: الإعلان عن مرحلة انتقالية مؤقتة للنقابة، لا تزيد عن 6 أشهر، تعالج فيها هذه الكتل بالتعاون مع المؤسسات الراعية الملفات العالقة، كالنظام الداخلي، وملف العضوية.
ثالثًا: في هذه المرحلة، يتم الاستناد إلى النظام الداخلي 2011، لحين إجراء تعديلات شاملة بناءً على نظام داخلي جديد يتم إقراره في مؤتمر عام.
رابعًا: يتم تشكيل لجنة عضوية تضم في عضويتها ممثلين عن الكتل الصحفية، إضافة إلى المؤسسات الراعية لعملية الإصلاح، وتتمثل مهمّة اللجنة بفتح ملفات أعضاء الهيئة العامة وتدقيقها، إضافة إلى استقبال طلبات انتساب جديدة في الضفة الغربية وغزة.
خامسًا: يتم تحديد جدول زمني لعقد المؤتمر العام، والانتخابات بعد هذه المدة، وتتولى المؤسسات الراعية مسؤولية الرقابة عليها.
سادسًا: تتولى الأطر الصحفية مسؤولية إعداد استراتيجية عمل لنقابة الصحفيين، تضمن تقديم خدمات أساسية للهيئة العامة، إضافة للتعامل مع المستجدات التي تؤثر على بيئة واستمرارية العمل الصحفي في فلسطين.
حراك عربي
ومع اشتداد الأزمة، بعث الحراك الصحافي النقابي مذكرات إلى نقابات صحفية عربية وفي مقدمتها نقابة الصحفيين المصريين، دعاهم فيها إلى التدخل لإصلاح نقابة الصحفيين الفلسطينيين ووقف مسرحية الانتخابات التي تنفذها الجهات المسيطرة على النقابة وطرد الدخلاء على المهنة من عناصر الأجهزة الأمنية وغيرهم.
وقال الحراك الصحفي في مذكرته "إن نقابة الصحفيين الفلسطينيين عطلت إجراء الانتخابات وإصلاح النقابة لتشمل جميع العاملين في مهنة الصحافة على قاعدة المساواة ودون تمييز، واستمرت على هذه الحالة دون رقابة على الإجراءات، ولا مراجعة على الممارسات منذ عام 1999م، وظل يتعاقب على هذه النقابة أشخاص وهيئات لا يلتزمون بأنظمتها ولوائحها، واستمروا في تعطيل إجراء انتخاباتها، وتجاهل كل النداءات التي سئمت من كثرة ترديد هذا المطلب، ولا شك أن الدور الذي لعبه اتحاد الصحفيين العرب، ساهم أكثر من مرة في تحريك هذا الملف".
وقال الحراك الصحفي في مذكرته "ومن الواضح أن النقابة في هذه الأيام تسعى للالتفاف من جديد على الانتخابات، عبر فبركة مسرحية مفضوحة لانتخابات النقابة تعزم على عقدها في 23+24 من شهر مايو أيار الجاري، دون تصويب ملف العضويات، وتصفيته من الدخلاء الذين فرضوا أنفسهم على المهنة، سواء من المدراء العامين في وزارات السلطة، أو الشخصيات الأمنية التي لديها سجلات وظيفية في العمل ضمن الأجهزة الأمنية، وممارسة التعتيم على طبيعة عمل هؤلاء والادعاء بأن لهم ملفات صحيحة دون أن يتم إظهارها، فضلاً عن ممارسة المنع والحرمان لآلاف الصحفيين الحاصلين على شهادات جامعية في الإعلام، ويمارسون الصحافة في عشرات المؤسسات الصحفية التي لا تريد النقابة الاعتراف بها، والتمييز بينها لاعتبارات سياسية وفئوية، وشخصية".
وتساءل "وإلا كيف نفهم أن قنصل لدولة أوروبية مسجل عضو في النقابة، والمتحدث باسم الحكومة الفلسطينية ومستشار لرئيس الحكومة برتبة وزير، إضافة الى مئات عناصر الأمن".
وأضاف الحراك " لقد حاولنا في الحراك الصحفي النقابي وعلى مدار سنوات دفع النقابة، والذين ينتحلون شخصية مجلسها النقابي منذ قرابة 10 سنوات وبدون انتخابات بزعامة النقيب المكلف ناصر أبو بكر، إلا أنهم ظلوا يصمون آذانهم عن مطالبنا الواضحة والعادلة بالانتساب لنقابتنا وانتخاب من نثق بأنه سيقودها نحو مزيد من الحريات للممارسة الصحفية، ومنع الانتهاكات بحق الصحفيين، وقاموا بعقد ما أطلقوا "المؤتمر الاستثنائي"، حشدوا إليه موظفي التلفزيون الرسمي والإذاعة والوكالة الحكومية والجريدة الرسمية، وأيضًا دون استبعاد الدخلاء، أو دعوة المستحقين، وتم التحفظ من قبلنا على هذا المؤتمر الفاشل الذي شاب إجراءات عقده وما نتج عنه من قرارات الكثير من الخروقات غير القانونية التي تستوجب التحفظ عليها عبر الأصول القانونية المكفولة دستوريًا".
وشدد الحراك الصحفي النقابي على ان مجلس النقابة بهيكليته الحالية ضرب بعرض الحائط جميع التوصيات التي سلمت له لإجراء تعديلات على نظامها الداخلي، الذي لا يعرف أساسه ومتى تم إقراره أصلاً، وبدلاً من الأخذ بتعديلات الصحفيين والمؤسسات المختصة، تم إجراء تعديلات لا تليق بنقابة الصحفيين، وتقديم مزيد من التساهل في منح عضوية النقابة لمن يستحق، ومن لا يستحق، وفتح الباب على الغارب لمزيد من التخريب والتدمير لكيان النقابة، وجعلها رهينة للسلطات الحاكمة سياسيا وأمنيا، بدلاً من جعلها كياناً مدافعًا عن حقوق الصحفيين أمام تلك السلطات.
وأوضحت المذكرة أن ملاحظات الحراك شملت اختراقات واضحة للنظام الداخلي للنقابة، والشروع في اعتماد إجراءات مبنية على تعديلات في النظام غير مقرة حسب الأصول، وإعلان جدول زمني للانتخابات قبل النظر في الطعون التي قدمها الصحفيون للجنة الانتخابات، والجهات التي تراقب تطبيقها، مما اضطر هؤلاء الصحفيين وهم بأعداد كبيرة إلى انتداب بعضهم لتقديم دعوى قضائية أمام المحاكم الإدارية لوقف كل الإجراءات غير القانونية التي ينتهجها أدعياء تمثيل النقابة، وجاري النظر من قبل القضاء في تلك الدعاوى".
تصويب أوضاع النقابة ضرورة وطنية
ووسط هذه الشكوك لا تزال التساؤلات مشرعة حول إمكانية ولادة جسم نقابي يجمع الصحفيين، ويوحد جهودهم في سبيل خدمة القضية الفلسطينية، التي هي بحاجة ماسة لجهد إعلامي مشترك يصلح الأوضاع الداخلية، ويفضح جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.