- إطلاق نار من طائرات الاحتلال "الأباتشي" شمال شرق البريج وسط قطاع
فجر يوم 24 فبراير 2022، أعلنت روسيا عملية عسكرية نحو الجمهوريات التي أكدت استقلالها عن أوكرانيا في إقليم دونباس، تطبيقًا سريعًا وخلال 72 ساعة لقرار الرئيس بوتين يوم 21 فبراير.
العملية العسكرية الروسية، جاءت ضمن حسابات دقيقة جدا، ربما هي الأكثر حرفية بالمعني السياسي – الأمني، تمت وفق قياس ردود الفعل الفورية على "القرار التاريخي" بالاعتراف بدونيتسك ولوغانسك، وما تلاها من حرب سياسية – إعلامية سجلت تفوقا روسيا نادرا في قيادة المشهد العام.
بوتين، لم يذهب ليراقب تطورات المواقف الدولية وما صدر من "صراخ أوروبي ـ أمريكي"، وما أعلنته من "عقوبات اقتصادية" سيكون لها أثرا عكسيا تماما على شعوب تلك الدول، خاصة في مجال الطاقة التي لا بديل للغاز الروسي عنها، وفق ما أعلن وزير قطري، حاولت واشنطن توريط بلده في لعبة "البديل الغازي"، وما سيصاحبها من آثار اقتصادية شاملة على شعوب دول الغرب.
واصل الرئيس بوتين، التذكير بأن الأن القومي الروسي لن يكون تحت اختبار جديد، وما كان من انهيار للاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية، وما تبعها من إنهاء حلف واسو، لن يعود أبدًا، خاصة بعدما طعنت دول الغرب بكل الاتفاقات والتفاهمات التي كانت، وبكل وضوح لا يقبل التأويل حدد الأمر، لن يسمح لوجود قوات الناتو قرب حدود روسيا، ولن يسمح أبدًا لأوكرانيا أن تكون دولة نووية.
دون أي اهتمام بالمطالب الروسية المشروعة، استخف محور الشر الجديد (الأمريكي – الأوروبي) بما قاله بوتين، وظن أن الأمر لن يذهب كثيرًا إلى النقطة الأبعد، رغم الضجيج الكلامي، وبدلا من إعادة النظر في قراءة مشروعية المطالب، ذهبوا إلى تصعيد مستفز.
قبل أيام، تحدث أحد أبرز أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بيرني ساندرز، بعد موقف إدارة بايدن من المطالب الروسية، فأعاد للذاكرة الانتقائية، موقف الولايات المتحدة من نشر صواريخ روسية في كوبا عام 1962، فأعلن الرئيس كينيدي الاستنفار العام الذي شارف أن يصل إلى حرب كونية، باعتبار أن تلك الصواريخ تهدد "الأمن القومي الأمريكي"، فيما كوبا دولة مستقلة، بينما أوكرانيا جزء مباشر من الأمن القومي الروسي.
ساندرز وكذلك فعل بوتين، أعادا عرض كل حروب أمريكا ضد الدول الأخرى، بأسباب واهية جدًا، لا تصل لقيمة المشروعية الروسية، بما فيها الحرب على العراق وسوريا وتدمير دول بكاملها، فقط لتكريس هيمنة بلا جدوى.
العملية العسكرية الروسية انطلقت ليس لتعود خالية الوفاض، أو تجر خيبة أمل وهزيمة تعني نهاية الدولة الروسية الجديدة، والتي بدأت مع عهد الرئيس بوتين، ولذا لا خيار سوى اكمال المسار حتى النهاية، بالاستعداد الكلي للمطالب الروسية سلما، واجبار الحكم الأوكراني على الرضوخ لذلك، بعدما أعلنت موسكو انتهاء اتفاق مينسك الآن، وتبحث عن جديد الاتفاقيات تشترط لا قوات للناتو في أوكرانيا، ولا مجال للنووي فيها، وقد لا تكون تلك نهاية المطالب بل في مقدمتها، وعل ذلك يفتح الطريق لرحيل الرئيس الأوكراني الذي طعن كل ما وقع عليه، كونه لا يستحق البقاء.
العملية العسكرية الروسية لن تبقى حدود تأثيرها على المطالب المعلنة، لكنها واقعا عسكريا لإعادة رسم الخريطة السياسية – الأمنية العالمية، بما يعني انتهاء حقبة القطب الواحد إلى غير رجعة، وبداية عالم "متعدد الأقطاب"، يتعاون دون حروب ويتنافس دون احتكار أو ابتزاز.
التغيير العالمي، لن يقف عند حدود الأمن والسياسة، بل سيطال بالتأكيد الجانب الاقتصادي وتأثير أمريكا الانفرادي، وقياس العملة الدولارية، بما يمنع استمرار التلاعب أو السيطرة بالمال لفرض القرار السياسي.
العملية العسكرية الروسية ليست نزوة لحاكم يصفه الغرب وبعض صبيته بالحاكم الفرد، لكنها فعل لتصويب الخطأ التاريخي الذي حدث بعد انهيار المنظومة الاشتراكية، والتي لم تنتج عدالة أو مساواة أو تقدم لشعوب العالم، كما كان محور الشر العالمي وأدواته في البلاد العربية، ومنافقيه ممن يدعون الحرص على حقوق الانسان.
العملية العسكرية الروسية، بدأت ولن تنتهي دون قواعد تعيد الاعتبار للتوازن الدولي ضمن معايير مختلفة، ولكنها بالقطع لن تكون لصالح النفوذ الاستعماري الأمريكي السائد.
في أكتوبر 1917 رسمت روسيا ملامح عالم جديد، دونها ودون الاتحاد السوفيتي لكانت "الفاشية" سيدة العالم، ولما كان لـ "محور الشر السياسي العالمي الراهن" مكانة وحضورا، وفي فبراير 2022، تعيد روسيا صياغة ملامح عالم جديد، سيضع نهاية لهيمنة أمريكا التي طال زمنها.
عالم جديد بدأ في التكوين لنهاية عصر السواد الذي طال أمده...!
ملاحظة: لتذكير بعض مثقفي العار في بلادنا.. ابنة الشهيد عمر أسعد تطالب أمريكا اللي بدها حرب عشان تحمي حاكم فاسد غير قادرة ان تجبر دولة الفصل العنصري على محاسبة من أعدم والدها دون أي تهمة سوى أنه فلسطيني...هل تخجلون؟!
تنويه خاص: أبدع السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة رياض منصور بوضع كمامة حماية من "فايروس الأبرتهايد".. رياض سجلت براءة اختراع كفاحية جديدة، يجب أن تصبح كمامة الفلسطيني رمزًا.. كما هي الكوفية رمزًا..!