- إطلاق نار من طائرات الاحتلال "الأباتشي" شمال شرق البريج وسط قطاع
- جيش الاحتلال يطلق قنابل إنارة بالأجواء الجنوبية لمدينة غزة بالتزامن مع إطلاق نار من آلياته العسكرية
لا أغالي، ولا أداهن، ولا أضخم صورة شعبي، إنما أحاول بموضوعية شديدة اعكس بعض ملامح الشعب، التي تعكسها قسوة وشظف العيش، وحجم الجرائم التي يتعرض لها منذ قرن مضى، وثقل ووحشية الهجوم الصهيوأميركي عليه، الموازي لمستوى الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة ودول الغرب الرأسمالي لدولة مارقة وخارجة على القانون، دولة النبت الشيطاني الإسرائيلية، التي لا جذور لها في الأرض، ولن يكون لها جذور مستقبلا. نعم الشعب العربي الفلسطيني ولاد، ومنتج، ومعطاء، ومبدع، ومضحي ومقدام ومقاوم من طراز رفيع. لا يتوقف يوما عن العطاء، رغم كل ما يحيطه من إحباط، وبؤس وانهيارات من كل جانب، وتآكل داخلي نتاج الانقلاب والانقسام، وارتهان بعض القوى لأجندات اقليمية ودولية، وغيرها المرتبطة بالأزمات العضوية التي تنهش الجسد الفلسطيني على اكثر من مستوى وصعيد.
هذا الشعب العظيم كل يوم ينتج شكلا من أشكال المقاومة، ويؤكد للقاصي والداني بإرادته وتصميه على الدفاع عن ذاته وحقوقه الوطنية قادر على الحد من تغول دولة الإرهاب المنظم الصهيونية، ووقف هجومها الوحشي لبعض الوقت، والتصدي لسياسة التطهير العرقي بالقدر الممكن، والكفيل بتعظيم وتعميق وتوسيع اشكال المقاومة الشعبية، التي تضاهي كل جبروت وغطرسة دولة الاستعمار الإسرائيلية واسلحتها التقليدية والنووية.
وإذا توقفنا أمام تجربة عائلة صالحية في الشيخ جراح أول أمس الإثنين الموافق 17 يناير الحالي (2022)، نجد ان العائلة البطلة شقت طريقا ونموذجا جديدا وابداعيا في مواجهة حملة التطهير العرقي الإسرائيلية، التي استهدفت بيوتهم ومحالهم، التي لجأوا اليها بعد نكبة العام 1948 عندما هجروا من قريتهم عين كارم، ودافعوا عبر بوابة القضاء الإسرائيلي الاستعماري على مدار 23 عامًا عن مساكنها، والحؤول دون هدمها، وحمت ابناءها ال17 من التشرد والنكبة مجددا، ورفضت اخلاء بيوتها، وقام محمود صالحية وأبناء عائلته بالتحصن والمرابطة فوق بيوتهم، واحضروا كالونات البنزين والكاز، ووضعوا أسطوانات الغاز في ارجاء العقار، وهددوا بتفجير انفسهم والمنازل في حال أصرت واقدمت قوات الجيش وحرس الحدود والشرطة والأجهزة الأمنية المختلفة على وضع شفرة الكباشات الصهيونية في أي جدار للمبنى. رغم ان قوات عسكرية من مختلف الأجهزة مجوقلة قامت بتطويق المكان منذ ساعات الصباح الأولى لتنفيذ العملية الاجرامية الجديدة، ورافقتهم عصابات البلدية الصهيونية للسيطرة على العقار، الذي تبلغ مساحته ستة دونمات، بذريعة تحويله لـ"المنفعة العامة"، الذريعة الواهية والمفضوحة. لا سيما وأن عقار عائلة صالحية لا يبعد كثيرا عن فندق شيبرد، الذي هدم عام 2011، وبني على انقاضه 28 وحدة استعمارية، ويتم العمل هذه الأيام على توسيع عدد الوحدات الاستيطانية في المنطقة. بالإضافة لمخطط جمعية "عطيرت كوهنيم" الاستعمارية، التي حولت قصر المفتي البالغ مساحته 500 مترا إلى كنيس، كما تقوم حاليا على تهويد ارض "كرم المفتي" ومساحتها 25 دونما إلى حديقة عامة. وذات الأسلوب الاستعماري المفضوح، الذي تتبعه الدولة الاستعمارية في النقب لتهجير وتشريد أبناء قرى السياج الفلسطينيين من أراضيهم بذريعة "تشجير" و"غرس" الأرض.
لكن عائلة صالحية المتواجدة في مكان العقار المهدد، والذي يتألف من منزلين ومنشأة تجارية وقطعة ارض تستفيد منها 22 عائلة فلسطينية تعلمت الدرس، وانكوت بمرارة التشريد، وشاهدت بام اعينها ماذا جرى ويجري للعائلات، التي تمت السيطرة على عقاراتها، او التي هدمت منازلها، او أجبرت على هدم بيوتها في القدس العاصمة او غيرها من مآسي ونكبات متجددة.
وتعميقا لروح التكافل والتضامن توافد للمكان منذ الصباح الباكر رغم البرد القارص والشديد اعداد كبيرة من أبناء القدس للتضامن مع عائلة صالحية، وشدت من ازرهم في مواجهة التغول الاجرامي، وعزز من صمودهم البطولي، مما أرغم القوات الصهيونية الرضوخ والاذعان لإرادة عائلة محمود صالحية ومغادرة المكان بعد عشر ساعات طويلة. لكن على العائلة البطلة، وكل عائلات الشيخ جراح ان تتذكر، ان أجهزة الأمن الصهيونية لن تسلم بالأمر الواقع. لذا يجب الاحتياط، والانتباه من إمكانية العودة المفاجئة لهم في ساحات الفجر ودون انذار مسبق لارتكاب جريمة الهدم وهم نيام على الأقل للمشتل والمحال التجارية.
بالنتيجة الواقعية الملموسة، نحن أمام تجربة ونموذج مقاومة شعبية جديدة مثلتها عائلة صالحية، وشكلت إضافة نوعية لأشكال المقاومة الشعبية يفترض أن تستفيد منه العائلات المقدسية عموما وفي الشيخ جراح خصوصا، وكل عائلة مهددة بهدم بيتها لردع دولة الإرهاب المنظم الإسرائيلية، وتطوير هذا الشكل بما يفاجىء أجهزة الموت الإسرائيلية ويربكهم، ويحول دون تنفيذ مخططهم الاجرامي. فضلا عن التدخل الاممي لحماية أبناء الشعب الفلسطيني من الإرهاب الصهيوني.