- قصف جوي إسرائيلي في محيط مستشفى كمال عدوان شمالي قطاع غزة
- القناة 12 الإسرائيلية: إطلاق أكثر من 100 صاروخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل منذ ساعات الصباح
أخيراً انتهت فترة من أسوأ فترات الإدارات الأميركية على الأميركيين وعلى العالم، وبشكل خاص على الشعب الفلسطيني، فقد كان الرئيس السابق الخامس والأربعون، متطرفاً لا يقيم وزناً للقانون الدولي، كذلك كان حديث عهد بالسياسة الدولية، مهووساً بالظهور الإعلامي، وقد ظهرت خطورته ليس فقط على دول وشعوب العالم، ولكن على الشعب الأميركي، حين واجه استحقاق الانتخابات الرئاسية، ثم حين بدأت تظهر إشارات خسارته لها، فبدأ في الادعاء بأن الانتخابات مزورة، وفعل كل شيء مشين من أجل أن يبقى في البيت الأبيض لولاية ثانية، كما يبيح الدستور، وكما جرت العادة بالنسبة للرؤساء قبل ترامب.
لقد بلغت خطورة ترامب ذروتها بعد تدرج في رفضه لإرادة الشعب بطرده من البيت الأبيض، بتحريضه أنصاره من دعاة العرقية العنصرية البيضاء، لاقتحام مبنى الكابيتول يوم السادس من الشهر الحالي، لمنع ممثلي الشعب من نواب الكونغرس من المصادقة على انتخاب الرئيس السادس والأربعين جو بايدن، ما وضع أميركا ونظامها الديمقراطي في دائرة الحرج الدولي، ودق ناقوس الخطر، وفتح الباب لإجراءات عزل ترامب، وطرح السؤال المحرم حول ماذا لو قام الرئيس المهووس بالسلطة باستخدام الزر النووي ليدمر البشرية، كذلك كانت هناك توقعات بأن يشن حرباً غير محسوبة العواقب ضد إيران بتحريض من بنيامين نتنياهو.
يبدأ جو بايدن عهده إذاً بتركة ثقيلة خلفها الرئيس المنصرف دونالد ترامب، وهذا ما دفع الرجل، ليس بدافع الوفاء أو الالتزام بوعوده الانتخابية وحسب، ولكن بدافع إزالة الضرر الذي أحدثه ترامب بوجوده في البيت الأبيض، بتوقيع عدد من الأوامر التنفيذية، منها العودة عن الانسحابات التي أقدم عليها سلفُه من كل من اتفاقية باريس للمناخ التي تحارب الاحتباس الحراري، ومنظمة الصحة العالمية، كذلك وقف البناء في الجدار الحدودي مع المكسيك، ومواجهة «كورونا».
وهذا يعني بأن سياسة ترامب السابقة تجاه حلفاء أميركا الغربيين، من السهل على بايدن عكسها بجرة قلم، لكن هناك سياسات اتبعت خلال الأربع سنوات التي خلت، ليس من السهل على بايدن أن يفعل إزاءها الشيء ذاته، وما يهمنا نحن بالطبع، تلك المتعلقة بملف الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي، كذلك ملف إيران النووي لما له من علاقة بالتوتر الذي تنفخ فيه إسرائيل ليلَ نهار في الشرق الأوسط، والذي رأت مدخله التطبيع مع أربع دول عربية الذي ألحق الضرر البالغ بحل الملف الفلسطيني/الإسرائيلي.
من أجل الدخول لما هو ممكن أن يفعله بايدن بهذا الخصوص، نقول إن إدارة بايدن أولاً ترى أن الاتفاق مع إيران هو المدخل الصحيح، وأن اتفاق 2015 كان قد وضع حداً لتخصيب اليورانيوم الإيراني، وهناك إشاراتٌ أولى على بدء الاتصال بين إدارة بايدن وإيران، لكن السؤال هنا، هل يمكن أن ينتهي الأمر ببساطة بالعودة لذلك الاتفاق مع إلغاء قرارات الحظر الاقتصادي وينتهي الأمر، أم أن الأمر بحاجة لتفاوض جديد، كما تريد وتضغط إسرائيل من اجل التفاوض للتوصل لاتفاق جديد يشمل صواريخ إيران البالستية وغيرها، الأمر الذي ترفضه إيران.
أما في الشأن الفلسطيني، فإن إدارة بايدن لا يمكنها أن تقوم بإلغاء قرار ترامب الخاص بالقدس، في الوقت الذي يمكن القول فيه إن مجيئها قد دفن نهائياً صفقة ترامب، وبالتالي وضع حداً نهائياً لما كان يحلم به نتنياهو من إعلان ضم ثلث الضفة الغربية، فإدارة بايدن تقول بحل الدولتين وتعارض أي إجراءات أحادية الجانب، كذلك توسيع المستوطنات، لكنها لا ترى أن العودة للمفاوضات برعايتها بين الجانبين أمر ممكن فوري، أو بشكل سريع، وهنا نعتقد بأن إسرائيل ستواصل الضغط على إدارة بايدن، من أجل التقليل من العودة عما رأته إنجازات تحققت في عهد بايدن، خاصة فيما يخص التطبيع، وتجاوز الملف الفلسطيني في العلاقة مع الدول العربية، بل وتطالبها برعاية التحالف الأمني الجديد الإسرائيلي/العربي ضد إيران.
يبدو الخراب الذي أحدثه ترامب وتركه وراءه كبيراً، بحيث أن أولويات إدارة بايدن ستجد صعوبة خلال أربع سنوات قادمة في حلها جميعها، ذلك أن الإدارة الجديدة ستضع أولويتها للوضع الداخلي أساساً، ونقصد بذلك مواجهة «كورونا» بمشاكلها الخاصة بالجانب الصحي، بعد أوقعت 400 ألف ضحية من الأميركيين، وتلك الخاصة بالجانب الاقتصادي، كذلك يولي بايدن اهتماماً كبيراً بما حدث من انقسام داخلي، بسبب نشر أكذوبة تزوير الانتخابات، بل بسبب أن ترامب زرع بذور العرقية البيضاء، لتنبت قوة عنصرية متطرفة، بدأ يفكر الرجل في جمعها بحزب وطني خاص به، بعد أن تجاوز الانقسام الحاجز بين الجمهوريين والديمقراطيين، ليحدث بين الجمهوريين أنفسهم، ويقسمهم بين جمهوريين تقليديين وجمهوريين انجلانيكيين، أو مؤمنين بالعرقية البيضاء، أي جمهوريين ترامبيين كما قال نجله، وكما أظهر مايك بومبيو أحد رموز هذا المسار العنصري، الذي لا يرى بالتنوع الثقافي عنصر قوة.
برأينا أن الرئيس الكاثوليكي، وهو الثاني بالمناسبة بعد جون كيندي، من بين أغلبية من الرؤساء البروتستانت، رغم أن أغلبية الشعب الأميركي يعد كاثوليكياً، سيجد نفسه وإدارته منغمسين في تفاصيل سياسية داخلية وخارجية، وقد لا يهتم كثيراً بالنظام الديمقراطي الأميركي نفسه، حيث لا بد من طرح سؤال كبير ومهم بتقديرنا، مفاده، أن حادثة الكابيتول، كذلك وصول ترامب للبيت الأبيض من الأصل أظهر خطراً شديداً على أميركا والعالم، يذكر بوصول هتلر عبر الانتخابات للحكم، فالنظام الأميركي نظام رئاسي، للرئيس صلاحيات واسعة وكبيرة، وهو نظام شائخ ومعقد، صحيح أن أصوات الناخبين تحدد هوية الرئيس لكن وفق نظام معقد، وكثيراً ما فاز مرشح لم ينل الأغلبية الشعبية بالمنصب، كما حدث مع ترامب نفسه عام 2016، لأن المجمع الانتخابي هو الذي يصوت على الرئيس، وهنا تحسم حصص الولايات من أعضاء المجمع البالغ عددهم 538 صوتاً، هوية الرئيس، حيث تتباين حصص الولايات وفق تعدادها السكاني المتغير بناء على معدلات الولادة والهجرة، وهناك 11 ولاية من الولايات الخمسين تمتلك 270 من أصوات المجمع وهي كافية لفوز المرشح بالمنصب الرئاسي، حصتها تبلغ 56% من السكان، وهي نسبة قريبة من الدقة، لكن المشكلة في حصول المرشح على أصوات الولاية كلها بمجرد حصوله على أغلبية ناخبيها ولو ببضع مئات من أصوات الناخبين.
الأيام