- إصابتان في استهداف طائرة مسيّرة (كواد كابتر) مواطنين بمنطقة الزنة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة
صباح طه: يقول نابليون بونابرت "المرأة التي تهز السرير بيمينها، تهز العالم بيسارها"، هذا هو الوصف الحقيقي للمرأة الفلسطينية التي شاركت في جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والنضالية كافة، فالكثيرات من النساء في المجتمع الفلسطيني عملن جاهدات من أجل بناء الوطن، فخضات تجربة الكفاح والنضال والعمل الوطني، وشاركت بقوة في العمل الاجتماعي، لتشكل بذلك أسمى معاني التضحية والصمود والتميز.
على مدار سنوات طوال واجهت المرأة الفلسطينية، ما واجه أبناء الشعب الفلسطيني منذ الانتداب البريطاني حتى الاحتلال الإسرائيلي من تشريد وتهجير ونزوح، نستذكر في هذا اليوم مجموعة من الفلسطينيات الفتحاويات اللواتي أثرين العمل الوطني والنضالي بتواجدهن:
دلال المغربي
الشهيدة دلال المغربي واحدة من أشهر المناضلات الفلسطينيات، ولدت عام 1958 في أحد مخيمات الفلسطينيين في بيروت، وهي ابنة لعائلة من مدينة يافا لجأت إلى لبنان عقب نكبة عام 1948.
قررت الانضمام إلى صفوف الثورة الفلسطينية والعمل في صفوف الفدائيين في حركة "فتح" وهي على مقاعد الدراسة، حيث تلقت العديد من الدورات العسكرية ودروس في حرب العصابات، تدربت خلالها على أنواع مختلفة من الأسلحة، وتم اختيارها رئيسة للمجموعة التي ستنفذ عملية فدائية في الداخل المحتل مكونة من عشرة فدائيين، وعرفت العملية بعملية "كمال عدوان"، والفرقة باسم "دير ياسين".
في صباح 11 مارس/ آذار 1987، نزلت دلال مع فرقتها من قارب كان يمر أمام الساحل الفلسطيني واستقلت المجموعة قاربين، ونجحت عملية الإنزال والوصول، دون أن يتمكن الإسرائيليون من اكتشافها لغياب تقييمهم الصحيح لجرأة الفلسطينيين.
نجحت "دلال" وفرقتها في الوصول إلى تل أبيب والاستيلاء على الحافلة بجميع ركابها الجنود، في الوقت الذي تواصل الاشتباك مع عناصر إسرائيلية أخرى خارج الحافلة، وأدت العملية لإيقاع المئات من القتلى والجرحى في الجانب الإسرائيلي، وعلى ضوء الخسائر العالية قامت حكومة إسرائيل بتكليف فرقة خاصة من الجيش يقودها أيهود باراك بإيقاف الحافلة وقتل واعتقال ركابها، حيث استخدمت الطائرات والدبابات لحصار الفدائيين، الأمر الذي دفع دلال المغربي لتفجير الحافلة وركابها مما أسفر عن قتل الجنود الإسرائيليين، وما إن فرغت الذخيرة أمر بارك بحصد جميع الفدائيين بالرشاشات فاستشهدوا جميعًا.
ربيحة ذياب
ولدت ربيحة ذياب في العام 1955م، في قرية دورا القرع شمال مدينة رام الله. انخرطت منذ صغرها بالعمل التنظيمي (الحزبي) وكذلك العمل السياسي والجماهيري والاجتماعي؛ واعتقلت لأول مرة عام 1968 وأفرج عنها بسبب صغر سنها، مقابل دفع غرامة مالية، واعتقلت في عام 1976 لمدة عام ونصف، كما اعتقلت في عام 1981 لمدة خمس سنوات أمضت منها في السجن أربع سنوات، واعتقلت خلال الانتفاضة الأولى أربع مرات خضعت خلالها للتحقيق، وفرضت عليها الإقامة الجبرية مرتين في كل مرة مدة 6 شهور، ومنعت من السفر إلى خارج فلسطين لمدة 19 عامًا؛ لذلك كله تعثرت مسيرتها التعليمية حيث التحقت بالجامعة في بيروت عام 1974 وتخرجت من جامعة بير زيت عام 1999، حيث حصلت على البكالوريوس في علم الاجتماع، أي بـعد 25 عاماً من الدراسة، فكانت فدائية عنيدة في مسيرة الثورة الفلسطينية، فارسة مبدعة في مسيرة بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية.
شغلت ربيحة ذياب خلال حياتها العديد من المناصب ومنها: وزير شؤون المرأة من 2009 حتى عام 2013م، عضو مجلس تشريعي من 2006 حتى وفاتها، وكيل مساعد وزارة الشباب والرياضة 2005.
توفيت بتاريخ 22 أبريل/ نيسان عن عمر يناهز 62 عاماً، تاركة خلفها تاريخ من الوطنية والنضال من أجل القضية الفلسطينية.
زليخة الشهابي
ولدت في مدينة القدس عام 1903م لوالدين مقدسيين؛ وكان والدها من أعيان القدس المعروفين؛ حيث شغل عدة وظائف إدارية عليا في العهد التركي، وفي عام 1927 تولى رئاسة بلدية القدس.
شاركت زليخة الشهابي بفاعلية في النضال الوطني عبر التاريخ الفلسطيني؛ ففي عام 1921 شكلت أول اتحاد نسائي فلسطيني؛ بهدف مناهضة الانتداب البريطاني، والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني؛ وفي فترة لاحقة تم تشكيل "لجنة السيدات العربيات" عقب عقد مؤتمر عام في القدس في شهر تشرين الأول/أكتوبر1929، حضرته 300 سيدة من كافة أنحاء فلسطين لتقديم احتجاج إلى المندوب السامي البريطاني ضد الهجرة اليهودية إلى فلسطين؛ ثم تفرغت مع رفيقاتها للعمل بجمع المساعدات وتوزيعها على المجاهدين وعلى المصابين وعائلاتهم؛ كما أسهمت مع السيدة ميليا سكاكيني في القدس في تنظيم حملة مجانية لتعليم الفتيات العربيات مبادئ القراءة والكتابة؛ وفي عام 1936 أسهمت في تأسيس الاتحاد النسائي العربي في القدس، وقادت أول مظاهرة نسائية توجهت لمقابلة المندوب السامي البريطاني للاحتجاج على اعتقال عدد من قادة الثورة الفلسطينية وإبعادهم في تلك السنة.
في عام 1950 أنشأت زليخة الشهابي في القدس مستوصف الاتحاد النسائي الطبي للعناية بالحوامل، ومركزاً لرعاية الأطفال؛ وتبع ذلك إنشاء روضة أطفال، ومركز لتعليم التطريز والخياطة للفتيات. وقد أسهمت في إنشاء "جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية" في القدس.
كما أسهمت في تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية؛ كونها رئيسة للاتحاد النسائي؛ كما أسهمت مع باقي سيدات القدس في لجنة الإسعاف التابعة للجنة المقاومة الشعبية التي تشكلت قبل عدوان 1967.
وأسهمت في إنشاء دار للمسنين في أريحا، وظلت تتابع نشاطاتها الوطنية والخيرية وعملها رئيسة للاتحاد النسائي العربي في القدس، حتى أقعدها المرض في أواخر حياتها، وتوفيت في القدس عام 1992م.
سميرة محمد زكي أبو غزالة
ولدت سميرة أبو غزالة عام 1928 في مدينة نابلس، وأنهت دراستها الابتدائية في الرملة، والثانوية في القدس 1947، ثم اختيرت ضمن أول بعثة دراسية للجامعة الأمريكية في بيروت لدراسة التربية وعلم النفس 1952، وحصلت على الليسانس في الأدب العربي من جامعة القاهرة 1956، والماجستير 1962.
درّست في كلية دار المعلمات في رام الله 57/ 1958، واشتغلت عشرين سنة في "المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب" بالقاهرة؛ وصارت أستاذة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لتدريس اللغة العربية للأجانب.
تعد سميرة أبو غزالة من مؤسسات رابطة المرأة الفلسطينية بالقاهرة 1963، وأول سيدة بالمجلس الوطني الفلسطيني 1965، وعضوة بالمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية 1985.
وقد تطوعت في الهلال الأحمر المصري في الرملة 1948، واختيرت أمينة سر الهلال الأحمر الأردني بالقدس 1950، وشاركت فيما لا يقل عن 50 مؤتمرًا اجتماعيًا وسياسيًا وأدبيًا، فلسطينيًا، وعربيًا، وعالميًا.
قدمت العديد من أحاديثها الأسبوعية من إذاعة رام الله، وكان لها عمود أسبوعي في جريدة "الدفاع" بالقدس، وقدمت عددًا من البرامج من "صوت العرب" بالقاهرة. ومن أبرز دواوينها الشعرية: "نداء الأرض" 1989، وكتاب "مذكرات فتاة عربية"، و "دراسات في الشعر القومي".
توفيت سميرة أبو غزالة في القاهرة في 12 نوفمبر/كانون الثاني 2017، بعدما سطرت اسمها في تاريخ النضال الفلسطيني.
سلافة جاد الله
ولدت سلافة سليم جاد الله، في مدينة نابلس عام 1941. تلقت تعليمها في مدرسة العائشية. عشقت التصوير منذ صغرها؛ فالتقطت عشرات الصور التي تظهر التفاصيل المتكاملة لمدينة نابلس.
في أواخر الخمسينات، بادرت سلافة مع شقيقها رماء، الذي رافقها في حبها للتصوير، وبعض الهواة لتكوين رابطة للفنون؛ من هنا انطلقت سلافة في بداية الستينيات لتكون من أوائل الفتيات اللواتي يطمحن لإتمام تعليمهن الجامعي في مجال التصوير السينمائي؛ فالتحقت بمعهد السينما في القاهرة الذي كان لا يزال في بداياته. نجحت سلافة بكسب ثقة مدرسيها حتى تم اختيارها لتشارك في تصوير الفيلم المصري "الجبل" مع مدير التصوير المشهور (وحيد فريد)، لتتخرج في العام 1964 من المعهد العالي للسينما كأول مصورة سينمائية عربية.
سلافة بدأت بتصوير مقاتلي الثورة الفلسطينية. وعندما وقعت حرب الخامس من حزيران عام 1967، قامت مع المصور السينمائي الفلسطيني هاني جوهرية بتصوير أحداث تلك الحرب وآثارها، ومأساة النزوح الفلسطيني الذي حدث خلالها.
في عام 1967، أسست مع هاني جوهرية، والمخرج السينمائي مصطفى أبو علي قسماً للتصوير الفوتوغرافي يتبع لحركة "فتح"، يهتم بتصوير جميع نشاطات الثورة الفلسطينية والأحداث المحيطة بها؛ والذي تطور في العام 1968 بعد معركة الكرامة إلى وحدة سينمائية تقوم بتوثيق جميع الأحداث الفلسطينية، وخاصة نشاطات الثورة الفلسطينية السياسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية بالصوت والصورة؛ وعرفت هذه الوحدة لاحقا باسم "وحدة أفلام فلسطين".
وأنتجت في العام 1969 أول أفلام السينما النضالية الفلسطينية (لا...للحل السلمي).. وفي العام نفسه، أصيبت برصاصة في الرأس أثناء قيامها بالتصوير؛ ما أدى إلى إصابتها بشلل نصفي، والتوقف عن الاستمرار في العمل كمصورة سينمائية، وتوفيت عام 2006، لتفقد فلسطين برحيلها أول مصورة في تاريخ الثورة الفلسطينية.
يسرا إبراهيم البربري
ولدت الرائدة الفلسطينية يسرى إبراهيم البربري في حي الدرج، بمدينة غزة، في 15 أبريل/ نيسان 1923م. تلقت تعليمها الابتدائي في مدرسة "بنات غزة الابتدائية"، ثم أكملت تعليمها الثانوي في مدرسة "شميدت" في مدينة القدس، ثم التحقت بكلية الآداب قسم التاريخ بـ"جامعة الملك فؤاد الأول" بمصر (القاهرة اليوم)، وتخرجت منها عام 1949؛ وكانت أول فتاة جامعية من قطاع غزة؛ وقدمت أطروحة الماجستير بعنوان "كفاح ونضال الشعب الفلسطيني". وقد أجادت ثلاث لغات هي العربية والإنجليزية والفرنسية.
منذ نعومة أظفارها شاركت شباب غزة المظاهرات ضد الإنتداب البريطاني، التي كانت تنادي بإلغاء وعد بلفور، وبوقف الهجرة اليهودية، ووقف مصادرة الأراضي الفلسطينية، وبوقف الاستيطان.
بدأت حياتها المهنية كمعلمة؛ وأصبحت قائدة اجتماعية وسياسية وتربوية في قطاع غزة؛ ما أهَّلها لأن تكون واحدة من ثماني نساء فلسطينيات، ضمن ألف امرأة من جميع بقاع العالم رشِّحن جماعياً لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2005.
شاركت في عضوية الوفد الفلسطيني لهيئة الأمم المتحدة في العام 1963؛ وكانت عضوًا في أول مجلس تشريعي فلسطيني في ستينيات القرن الماضي، وعضوًا في المجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 1964؛ ومثلت فلسطين في العديد من المؤتمرات والمحافل العربية والدولية.
وهي عضو اللجنة التأسيسية للاتحاد النسائي الفلسطيني؛ ثم أصبحت رئيسة للاتحاد في غزة منذ العام 1964 وحتى وفاتها في العام 2009م. وقد شاركت في المؤتمر التأسيسي الأول للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في مدينة القدس عام 1964م.
تم تكريمها وتقليدها و"سام نجمة القدس" في افتتاح "المؤتمر الخامس للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية" في عام 2009؛ وذلك تقديراً لدورها الريادي ولعطائها الوطني والتربوي. وقد توفيت بتاريخ 13 مايو/أيار 2009م.
لا تتسع الكلمات ولا السطور للكتابة عن نضالات المرأة الفلسطينية، فهي أيقونة الثورة الفلسطينية والكفاح الوطني.