- إصابتان في استهداف طائرة مسيّرة (كواد كابتر) مواطنين بمنطقة الزنة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة
الحالة الصحية الخطيرة للأسير الفلسطيني كمال أبو وعر الذي يعاني من مرض السرطان، إضافة الى المئات من الأسرى المرضى المصابين بأمراض خبيثة وبإعاقات واصابات بليغة والذين أصبحت حياتهم مهددة بالموت في اية لحظة، وتزايد سقوط الشهداء في صفوف الأسرى في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يستدعي وبشكل عاجل من كل المؤسسات الحقوقية والإنسانية والطبية في العالم الى فتح الملف الطبي للمعتقلين الفلسطينين وتشكيل لجان تحقيق للوقوف على دور الجهاز الطبي الاسرائيلي العامل في مصلحة السجون والتي تشير كل تقارير مؤسسات حقوق الإنسان أنه يلعب دورا رئيسياً في ارتكاب جرائم طبية متعمدة بحق الأسرى مما يخالف كل القواعد الدولية الطبية والأخلاقية والإنسانية.
يدرك الأسير أن ذلك الطبيب الذي يقف فوق رأسه ليس طبيباً بل وكيلاً للموت، يحاول بإبتسامة ماكرة أن يقنع الضحية أنه جراح، لهذا فإن الحياد يصبح جريمة، والسكوت جريمة، والاكتفاء بالاستنكار والشجب جريمة، وعندما تكبر الجريمة يكثر عدد القتلى ويفلت المجرمون.
الطاقم الطبي الموجود في سجون ومراكز التوقيف والتحقيق الاسرائيلية، شاهدوا ورأوا آلام ومعانيات الاسرى واهمالهم طبيا وعدم تقديم العلاج لهم، وشاهدوا عمليات التعذيب القاسية بحق الاسرى ولم يمنعوا ذلك، بل مارسوا الصمت او شاركوا في تقديم تقارير لجهاز المخابرات عن جهوزية المعتقلين لممارسة التحقيق والتعذيب والضغط النفسي عليهم من اجل انتزاع اعترافات منهم.
الاطباء مسؤولون عن صحة وسلامة الاسرى ، ان اخلاقيات الطب وقوانين السلوك الدولية تلزمهم بمنع عمليات التعذيب وفضحها والابلاغ عنها، وتلزمهم القيام بواجبهم المهني بتقديم العلاجات للمرضى والمصابين منهم.
وحسب تقاريرمؤسسات حقوق الانسان المدعومة بشهادات عديدة من الاسرى المرضى، فقد تبين ان اطباء مصلحة السجون كانوا شركاء فاعلين في الاهمال وإساءة المعاملة المنهجيين للاسرى، وجزء من اداة القمع بحق الاسرى وذلك من خلال التقصير وعدم القيام بواجباتهم الطبية والمهنية او من خلال صمتهم على الاهمال الطبي والتعذيب العنيف او من خلال مساهمتهم في هذا القمع والتستر عليه.
ان ازدياد الحالات المرضية في سجون الاحتلال واكتشاف امراض مفاجئة ، وسقوط شهداء من المرضى بأعداد متزايدة، يوضح ان حالة لامبالاة بحياة وصحة الاسرى المرضى وان الطواقم الطبية العاملة في مصلحة السجون والمعسكرات ومراكز التوقيف والتحقيق قد تحولوا الى جزء من النظام القمعي الاحتلالي.
ولعلّ اخطر دور يقوم به الاطباء هو الموافقة على التعذيب والضغوطات النفسية التي تمارس على المعتقلين خلال استجوابهم بما فيهم الجرحى والمصابين ومشاركة الاطباء في المساومة على العلاج مقابل الاعتراف، وتقديم استشارات وتقارير عن حالة المعتقلين تسمح بممارسة التعذيب بحقهم ، مما يدل على تواطؤ طبي في اساءة معاملة الاسرى واهمالهم وتركهم فريسة تحت رحمة المحققين والامراض المختلفة.
الأطباء في السجون لا يضعون خياراً أمام الأسير المريض، إما الموت بصرخة أو الموت بسكتة، وفي كلا الحالتين ذلك الطبيب يشعر بنبض الأسير وهو يتباطأ إلى أن يتوقف، مهنتهم القتل وقد نبتت مخالب في أياديهم الناعمة.
لقد شاهد الاطباء وعرفوا عن عمليات الضرب والتنكيل والمعاملة القاسية بحق الاسرى خلال اعتقالهم واستجوابهم، وكذلك معرفتهم سياسة الحجز والعزل بحقهم وتعرضهم لضغوطات نفسية وحرمانهم من حقوقهم الانسانية.
لقد وضعت نقابة الاطباء العالمية الخطوط العامة للاطباء فيما يخص التعذيب وانواع العقوبة او المعاملة الاخرى السيئة وغير الانسانية للاسرى وعلاقتها بالاحتجاز والسجن، إضافة الى الاعلان العالمي لحقوق الانسان والاعلان العالمي للحقوق المدنية والسياسية والذي صدر عن الامم المتحدة عام 1966 ، وكذلك الاحكام الصادرة في معاهدة جنيف الاربع لعام 1949.
وقد اصدرت نقابة الاطباء العالمية وثيقة اكثر وضوحا عام 1955 حول دور الاطباء خلال النزاعات المسلحة جاء فيها (المهمة الاساسية لمهنة الطبيب هي حماية الصحة، وانقاذ الحياة، ولهذا يعتبر الامر غير اخلاقي للاطباء إن قاموا بتقديم النصيحة او القيام بإجراءات وقائية او تشخيصية او علاجية لا يمكن تبريرها بحق المريض، او بأضعاف القوة البدنية او العقلية للانسان دون اي مبررات علاجية).
وجاء اعلان طوكيو 1956 ليكون دليل الاطباء المتعلق بالتعذيب والمعاملة او العقوبة الوحشية او غير الانسانية او المذلة بما يتعلق بالمعتقلات والسجون، اذ ذكر الاعلان انه (يجب على الطبيب عدم تشجيع او التغاضي عن المشاركة في اي تعذيب او اية اجراءات وحشية او غير انسانية او مذلة مهما كان الذنب الذي اقترفته الضحية) وبذلك فإن اعلان طوكيو قد ابطل الشراكة غير الشرعية بين الطب والتعذيب، وفي عام 1982 اعلنت الامم المتحدة مباديء متعلقة بالاخلاقيات الطبية ودور الطاقم الصحي وخاصة الاطباء في حماية السجناء والمعتقلين من التعذيب والمعاملة غير الانسانية، وتبنت ذلك العديد من الجمعيات والنقابات الطبية العالمية.
وبالاستناد الى ذلك فإننا نجد ان الاطباء العاملين في مصلحة السجون قد خالفوا كل تلك القواعد وتحولوا الى اطباء في زي جلادين او معذبين ومعالجين في آن واحد وخانوا قسم ابو قراط الطبي، ويظهر ذلك من خلال المؤشرات التالية:
.عدم اتخاذ الطاقم الطبي في سجون الإحتلال اجراءات السلامة والتدابير الصحية اللازمة لحماية الأسرى من الإصابة بفايروس كورونا لاسيما بعد إصابة عدد من السجانين بذلك وانتقال العدوى إلى بعض المعتقلين في السجون.
• سكوت الاطباء عن ارتكاب اخطاء طبية كما جرى مع الاسير سامي ابو دياك الذي اصيب بالتلوث خلال إجراء عملية ازالة ورم له في المعدة في مستشفى سوروكا الاسرائيل يوم3/9/2015 أدى الى دخوله في حالة غيبوبة وتفاقم وضعه الصحي الذي ادى الى استشهاده يوم 26/11/2019، أو ما جرى مع الطفل حسان التميمي الذي لم يعط العلاج اللازم حتى فقد نظره داخل السجن، وكذلك ما جرى مع الاسير ثائر حلاحلة الذي اصيب بالتهاب الكبد الوبائي بعد علاج اسنانه يوم 16/4/2013 بأدوات طبية متسخة و ملوثة في عيادة سجن عسقلان ، وكذلك ما جرى مع الاسير عثمان ابو خرج الذي تم اعطاؤه ابرة بالخطأ في سجن شطة عام 2007 مما ادى الى معاناته من التهاب الكبد، وكذلك ما جرى مع الاسير محمد هشام عليان سكان الجلزون الذي فقد خصيته بسبب تأخر الاطباء في سجن نفحة بتحويله لإجراء عملية جراحية عاجلة بعد شعوره بآلام واوجاع شديدة، وحسب طبيب مستشفى سوروكا الذي اجرى العملية قال انه لو حول المريض قبل ساعة لما تم استئصال الخصية، إضافة الى الكثير من الأسرى الذين تم بتر أعضاء من أجسادهم بسبب مماطلة الأطباء والمستشفيات في علاجهم.
• المماطلة الطويلة في تحويل المرضى للمستشفيات وتأجيل طويل في إجراء العمليات الجراحية.
• عدم وجود فحوصات دورية وتشخيصات مبكرة للاسرى المرضى مما يؤدي الى تفاقم الامراض ووصولها الى حالة مزمنة.
• غياب اطباء متخصصين في عيادات السجون مما يجعل تشخيص الامراض ناقصا او خاطئا.
• عدم معرفة الاسرى طبيعة الادوية التي يتلقونها مما يضعهم في حالة من عدم اليقين.
• عدم وجود عناية خاصة بالحالات المرضية النفسية والمصابة بأمراض عصبية.
• عدم وجود عناية خاصة بالمعاقين والمشلولين من حيث مكان الاحتجاز ، الاكل، الحركة، الاجهزة الطبية المساعدة.
• صمت الاطباء على السماح للمحققين بإجراء تحقيقات واستخدام اساليب تعذيب غير محتملة بحق اسرى مرضى او جرحى او مصابين.
• صمت الاطباء امام عدم الاستجابة لطلبات الافراج المبكر عن اسرى مرضى من ذوي الامراض الصعبة او التعاطي مع الشكاوي العديدة حول عدم تقديم العلاج للعديد من الاسرى المرضى.
• غياب مراقبة من قبل وزارة الصحة الاسرائيلية او نقابة الاطباء او المؤسسات الصحية الدولية لآليات العلاج والعناية بالاسرى المرضى في سجون الاحتلال.
• صمت الاطباء على قوانين وتشريعات تعسفية تخالف اخلاقية المهنة الطبية كقانون التغذية القسرية بحق الاسرى المضربين عن الطعام، وقانون عدم تمويل العلاج للأسرى المرضى، وقانون عدم توثيق التعذيب بالصوت والصورة وغيرها من القوانين العنصرية الجائرة.
• عدم رفع تقارير وشكاوي الى الجهات ذات الاختصاص او الى النقابات الطبية عن حالات التقصير بالعلاج او استخدام التعذيب والمعاملة المهينة بحق المعتقلين.
• مشاركة وموافقة أطباء مصلحة السجون على إجراء تجارب طبية على الأسرى تقوم بها وزارة الصحة الإسرائيلية، حيث كشفت صحيفة يديعوت احرونوت العبرية في تموز عام 1997 تصريحات لرئيس لجنة العلوم البرلمانية داليا ايتسيك أدلت بها أمام الكنيسيت الإسرائيلي أقرت بمنحها شركات الأدوية الخاصة تصاريح لعمل تجارب على الأسرى، وحتى ذلك الوقت اعترفت أنه تم اجراء 5 آلاف تجربة.
• الأطباء المعالجون في مصلحة السجون استخدموا نظريات علم النفس ضد الأسرى الفلسطينين وهذا ما كشفته الباحثة الدكتورة فردوس العيسة استناداً الى مصادر موثوقة بأن إسرائيل تستخدم الأطباء في التعذيب سواء الأطباء العامين أو الأطباء المتخصصين في الصحة النفسية، حسب الباحثة فإن هؤلاء الاطباء يقدمون تشخيصات وقرارات حول أهلية المعتقلين للمثول أمام المحاكم أو التحقيق أو العزل وغيرها، علماء النفس في العالم لم يكونوا يتوقعون أن علم النفس يمكن أن يستخدم من قبل الأطباء الاسرائيليين ليكون مصدراً للتعذيب والاضطهاد.
إن خيانة القسم الطبي لأطباء سجون الإحتلال هي جريمة عالمية أصبحت جزء من ثقافة القمع الإسرائيلية ومن سياسة القتل البطيء بحق الأسرى تحت غطاء طبي، تسريب الموت أو المرض أو الإعاقة الجزئية والدائمة بهدوء الى جسد الأسير عبر سجان يلبس المريول الأبيض، أو عبر فحوصات شكلية أو تجارب طبية أو علاجات وهمية.
لقد صدق ذلك الطبيب الإسرائيلي الذي اعترف مؤخراً بقوله: لقد توقفنا عن البحث عن تلك الوحوش في الغابات عندما أدركنا أن تلك الوحوش تسكن في داخلنا.
هذا الطبيب يشعر بالمتعة والتسلية عندما يغادر أي أسير الى الحياة الآخرة، ومازال مستفزاً من قدرة بعض الأسرى المرضى على اجتراح تلك الاعجوبة التي لا تموت ولا تستطيع أن تموت.
الكوفية