- قوات الاحتلال الخاصة تقتحم جبل الزكارنة ببلدة قباطية في جنين
تتعلق مهمة الوفد الأمني المصري في غزة، بإشكالية تنفيذ اتفاق 12 اكتوبر الماضي، بين السلطة وحماس على تنفيذ اتفاقية الوفاق الوطني في مايو 2011، وهي الاتفاقية التي حددت آليات معالجة كافة المسائل التي نجمت عن حال الانقسام الفلسطيني، ومن بينها تشكيل لجان رئيسية لإتمام مقتضيات المصالحة، والانتخابات، والمصالحة المجتمعية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وضمان الحريات العا، وبناء الثقة، وتفعيل المجلس التشريعي، وإعادة صياغة المجلس الوطني برلمان منظمة التحرير الفلسطينية، لكي تلتحق فيه الفصائل غير الممثلة فيه لا سيما حماس والجهاد الإسلامي!
لكن الطافي على السطح حتى الآن، هو مسألتا الجباية ورواتب 45 ألف موظف من حماس، تشترط حركتهم دمجهم في الجهاز الوظيفي، بينما السلطة برئاسة عباس، وهي المسماة فتح، في أدبيات وسرديات الانقسام؛ تشترط تمكينها من الجباية الكاملة، لكي تَدمج في العمل الحكومي 20 ألفاً. وحول هذه النقطة، سيتلقى الوفد الأمني المصري ملاحظات السلطة حول مسألة تمكينها من الجباية والسيطرة الأدارية، ولا ملاحظات حتى الآن حول مسائل أخرى تمثل جوهر عملية المصالحة وشرط نجاحها، وهي تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية، وإطلاق الحريات، وإنفاذ القانون ومحددات الوثيقة الدستورية، وتفعيل المجلس التشريعي وإصلاح منظمة التحرير!
في هذا الخضم، بدا ملاحظات السلطة وحماس تقتصر على العنصر المالي، دون العنصر القانوني والدستوري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي، وهذا ما يجعل الطريق الى مصالحة ناجحة، طويل وشائك. ما يؤشر على أن كُلاً من الطرفين سوف يصعب عليه تلبية اشتراطات المصالحة، في حال كان أمرها يتعلق بإنفاذ القانون والتزام الوثيقة الدستورية والذهاب الى انتخابات!
وعلى الرغم من صعوبة الشروع في تطبيق باقي بنود اتفاق مايو 2011 لضمان استمرار التوافق على المصالحة؛ ثمة مسأله أخرى مفصلية ومهمة، لم يأت ذلك الاتفاق على ذكرها، وهي موضوع سلاح المقاومة الذي يأتي عباس على ذكره في كل يوم، ويشرط نزعه. وحماس لم التي ترفض الحديث ألاً في هذا الموضوع، لم تقدم رؤيتها، أو أية مقاربة تساعد على تجاوز هذه العقبة، مكتفية بموقفها الرافض لأي مساس بالسلاح. فالطريق لا زال طويلاً قبل الوصول الى تلك النقطة، والأسوأ أن المسائل كلها دون هذه النقطة، محسومة من جانب عباس، وهو القادر لو توفرت لديه الإرادة لحل الخلاف على السلاح أن يتقبل تأطيره دستورياُ في شكل قوة دفاع فلسطينية وطنية، هي حق لكل كيان سياسي، لا سيما هو يباهي باعتراف الكثير من الدول بفلسطين كدولة. فهو لا يريد إنفاذ القانون، ولا الذهاب الى انتخابات، ولا رفع الحصار عن غزة، ولا إصلاح منظمة التحرير. فلو كان يريد ذلك، لكان قد فعل في الضفة الفلسطينية.
وفي الوقت الذي تصر حماس فيه على حماية موظفيها، فإن فتح العباسية لا تُبدي أية رغبة في حماية موظفيها الموالين، فما بالنا بأصحاب الرؤية النقدية. وهي لا تكترث للمظام التي يتعرض لها الفتحاويون. والباب لا يزال مفتوحاً لقرارات إقعاد وإقصاء موظفي غزة، واحتباس رواتب متقاعدين، وتنحية من تبقوا من العاملين الغزيين في الضفة، والإيقاع المتعمد للشروخ في المجتمع الفلسطيني. بل إن الطرف المصري الراعي لعملية المصالحة، وهو الذي توصل مع حماس الى حل للخلاف معها، على الرغم من صعوبة تحقيق هكذا إنجاز، بحكم ارتباط حماس بجماعة "الإخوان" التي تشن حرباً إعلامية ضارية على الحكم في مصر؛ يتعرض هذا الطرف المصري الى ملاحظات من رئاسة السلطة وحاشيتها، تلوم مصر على علاقتها بتيار الإصلاح الديموقراطي في حركة فتح، ما يعني أن عباس يريد مساندة مصرية للإجهاز على كل صوت نقدي في الحركة، لكي يستمر الحال على ما هو عليه في السلطة الفلسطينية وحركة فتح. لكن المصريين يدركون الآثار السلبية على المشروع الوطني الفلسطيني وعلى فتح، في حال ظلت الأخيرة منقسمة، والنظام السياسي الفلسطيني بلا مؤسسات دستورية، ومُختَزل في شخص عباس. لذا لم يتبق أمام المصريين، بعد أن يتلقوا الملاحظات من حكومة الحمد الله حول سلوك حماس، إلا أن يقدموا بدورهم الملاحظات الأهم، حول سلوك عباس نفسه، طالما أن ملف فلسطين ذو صلة وثيقة بمسألة أمنهم القومي!