وأخيرا، أثمرت حركة الحرب السياسية على مواقف سلطة رام الله ورئيسها، من قبل حكام تل أبيب، حول عرقلته المستمرة منذ 2017 لمنع كسر الحصار على قطاع غزة، بتمرير أول وقود "الصفقة الصغرى" بتمويل قطري على طريق "تمويل الصفقة الكبرى" نحو عزل "تحالف الرئيس عباس" عن التأثير على مسار الأحداث.
يوم 9 أكتوبر، كشف كم أن "الصراخ الصوتي"، لم يكن له أي قيمة في تحديد ما أقرته أطراف متعددة، من أجل إعادة صياغة المشهد السياسي وفقا لما سيكون، دون أي حساب لمن أدعى كذبا طوال أشهر بأنه يملك مفتاح التأثير، وله وحده حق القبول أو الرفض..
"صفقة الوقود القطري"، حملت عدد من الرسائل، أبرزها أن صفقة ترامب تسير بهدوء كما أرادت الإدارة الأمريكية، وإنتقلت، الى التطبيق العملي للجزء الثالثا منها، الخاص بقطاع غزة، بعد أن حققت مرادها في القدس وقضية اللاجئين، وفقا لما اعلنه فريق التنفيذ برئاسة كوشنير وغرينبلات..
"صفقة الوقود القطري" اشرت أن الجهاز الأمني الإسرائيلي، أو غالبية المؤسسة، قد حسمت الأمرنحو "حمايتها" لعباس، ولم تعد تر به "الجدار الواقي الثاني" في الضفة والقدس، فكانت "الموساد" المفاوض" الأساسي لعقد الصفقة، بما له اثر مضاف مع الدولة القطرية أيضا..
رسالة الموساد سيكون لها اثر كبير في قادم الأيام على فريق عباس ذاته، وستبدأ بعض الأصوات في "التغريد" خارج السرب المعتاد، ولن يكون مفاجئا أبدا خروج البعض منهم للدعوة التصالحية بشكل مختلف، والدعوة لكيفية تفكيك الحصار على قطاع غزة، وقد يذهب آخرون أبعد منذ لك بضرورة وقف سياسة "العقاب الجماعي" التي جسدتها إجراءات وقف الرواتب..
"صفقة الوقود القطري"، بدأت بمحاولة علنية من قبل سلطة رام الله بتعطيلها، ما أدى الى شركة "باز" الإسرائيلية المزودة لوقود القطاع، بالكشف علنا، أنها تعرضت لتهديدات من سلطة رام الله لو أنها أقدمت على تزويد القطاع بوقود ممول من قطر، وفي ذلك فضيحة مركبة، أن الشركة كشفت دورا مخجلا لسلطة عباس، الى جانب أن فشل الضغط العباسي، فتح الباب لكسر كل أشكال الحصار لاحقا..
"صفقة الوقود القطري"، رسالة بأن حكام الدوحة حسموا أمرهم كليا من سلطة محمود عباس، وأنهم مستمرين في تنفيذ المخطط الأمريكي كما أريد لهم، وأنهم إستخدموا عباس لفترة محددة خدمة لأهداف محددة..وعل تلك المسألة هي الأكثر خطرا سياسيا على تحالف عباس القادم..
"صفقة الوقود القطري"، ستكون بوابة كبيرة لترسيخ "سلطة حماس" بأشكال متعددة"، وأنها لم تعد عقبة أمام تنفيذ "خطة ترامب"، بل أنها لن تكون عقبة أمامها، بعيدا عن بيانات اللغو المطلوب..
"صفقة الوقود القطري"، هي وقود بناء مشهد سياسي جديد، يمنح قطاع غزة حالة سياسية خاصة، أقرب لبناء "كينونة" ضمن قواعد متفق عليها، تبدأ من "البعد الإنساني" الى حين الإنتهاء من تنفيذ عناصر الصفقة الأمريكية في الضفة الغربية..
"صفقة الوقود القطري"، اكدت بلا أي إلتباس، ان صفقة ترامب، كما أعلن القائمون عليها، لا تحتاج موافقة اي طرف كان، فهي مبادرة للتنفيذ وليس للتفاوض، وما سيبقى للحديث المرحلة الأخيرة منها، بعد تنفيذ القسم الرابع في الضفة الغربية، وتعزيز المشروع التهويدي، عندها سيفتح الباب للتفاوض على ما سيكون مستقبلا..
ولكن تبقى هناك بعض تقديرات، أن عملية عسكرية "محسوبة" في قطاع غزة قد تكون "ضرورية"، لتسهيل تمرير التنفيذ الكامل للشق الثالث من صفقة ترامب، عملية تفتح الباب لترسيخ واقع سياسي جديد يكون لحماس الدور الأكبر في تقرير مصير ما بعد "حكم الكيونية"، عند تنفيذ القسم الرابع للصفقة بالضفة المحتلة..
"صفقة الوقود القطري"، كشفت أن أسلحة عباس التهديدية كانت معتمدة بالأساس على أمن دولة الكيان، فعندما خذله إنتهى مفعول "المقاومة العباسية"، ورد الفعل العلني في إعلامه تأكيد لتلك الحقيقة..وما قاله غرينبلات يوما أن الصفقة تسير بموافقة عباس أم بدونه باتت واقعا..رغم كل ما قالته الفرقة الخاصة..
رحلة "وداعا عباس" بدأت..وقد تكون أكثر سرعة من قدرة فريقه على "الإستيعاب" والتفكير!