في أحدث حلقات مسلسل "المفاجآت" التي باتت متلاحقة، نشرت وكالة الأنباء الرسمية لسلطة رام الله "وفا"، يوم الأحد 16 سبتمبر (ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا) التي نفذها جيش الاحتلال بقيادة شارون، أن الرئيس محمود عباس أعلن أمام وفد إسرائيلي، " التزام الجانب الفلسطيني بتحقيق السلام، وبالمقاومة الشعبية السلمية، لأن القتل والاستيطان والتدمير واقتلاع السكان لن يحققا الأمن والسلام لأي طرف في المنطقة".
المفاجأة العباسية الجديدة، أنه تعامل مع "المقاومة غير السلمية"، بأشكالها كافة ( السكين، المسدس، القنبلة، المتفجرات، وكل أشكال الإستخدام العسكري الأخرى في الضفة والقدس)، بأنها عمليات قتل مرفوضة من قبله، وهو وصف جديد يسجل لعباس باعتباره "المقاومة غير السلمية"، هي عمليات قتل يرفضها، بل وذهب أبعد كثيرا بمساواتها بالحركة الإستيطانية، وإعتبرهما "القتل والإستيطان لن يجلبا الأمن والسلام"..
لا نعلم ذلك "السر الغريب" الذي يتحلل فيه الرئيس محمود عباس من "أي قيد خاص"، عندما يتحدث للإسرائيليين، أي كان إنتماءهم السياسي، من اليمين والفاشيين أو من "بقايا مؤمنين بحل يقوم على أساس دولة فلسطين الى جانب دولة إسرائيل"..كلما التقى بوفد من الكيان ينطق بما يمكن إعتباره "كفرا سياسيا صريحا"..
لم تنته بعد آثار تصريحات عباس عن اللقاءات الدورية مع رئيس المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)، والإتفاق بينهما على نسبة 99% من الرؤية للتطورات والأحداث، تصريح كان له أن يقذف به الى اقرب "زنزانة يحاكم عليها بتهمة لم يعد وصفها صعبا"، أن يتفق شخص يدعي أنه رئيس دولة فلسطين ومنظمة التحرير وسلطة فلسطينية لشعب تحت الاحتلال، متفق شبه كامل مع أمن المحتلين، فتلك سابقة نادرة في التاريخ لا تصدر مطلقا من أي منتم لشعب، او لمؤسسة وطنية..
وها نحن أمام سقطة كبرى، بل يمكن وصفها بفضيحة سياسية تجاوزت كل الحدود الممكن سماعها، عندما يعتبر "مجمع الرؤوساء عباس" المقاومة الشرعية ضد المحتلين ومشروعهم التهويدي بأنها عمليات قتل كما النشاط الإستيطاني، سقوط سياسي لا يمكن أن يصدر عن "فلسطيني سوي"، أي كان مواطن عادي أم موظف أم مسؤول..
لا نعرف هل وجه للوفد الإسرائيلي "التعزية" على مقتل المستوطن الفاشي، ام طلب منهم "قراءة الفاتحة على روح الفقيد"..بأي منطق يمكن لـ"مجمع الرؤوساء عباس" أن يستخف الى هذه الحد بالوطنية الفلسطينية ومشروعها وفعلها الكفاحي الذي كان رافعة المسيرة التي أنتجت ثورة قادت الى بناء أول كيان فوق أرض فلسطين..
تصريحات عباس بمساواة المقاومة الشعبية "غير السلمية" بأنها كالنشاط الإستيطاني، هي "أم الجرائم" التي لا يجب أن تمر مروا عابرا، وهي ليست كلمة عابرة يمكن للبعض تبريرها، بل كلمة تلخص "إدانة سياسية" لمرحلة تاريخية كاملة لنضال الشعب الفلسطيني، منذ إنطلاق الرصاصة الأولى في يناير عام 1965 بيد رجال العاصفة الجناح المسلح لحركة فتح..
كلمة "قتل" العباسية، قد تصبح أداة إثبات ضد الفلسطيني إن ذهبت جرائم حرب دولة الكيان الى المحاكم الدولية، وقد تصبح أقوال عباس شهادة من شهادات دفاع الكيان ضد الشعب الفلسطيني، وأن ما كان منهم ليس سوى "رد فعل على فعل قتل"، ليسقط عنها مبدأ الجريمة، ولا يستغرب أبدا أن يطلب "دفاع الكيان" الإستماع الى شهادة عباس في مسألة العمل غير "السلمي" ضد جيش الاحتلال والمستوطنين..
كان يمكن أن تصبح وجهة نظر، لو أنه رفض أي عمل عسكري داخل إسرائيل في حدود ما قبل عام 67، والذي عمليا توقف كليا منذ عام 2005 عشية مشاركة حماس في الإنتخابات التشريعية، خاصة وأن هناك رفض شبه عام لتلك العمليات التي إستخدمها اليمين الفاشي خير إستخدام لتشويه صورة المقاومة والفلسطيني، أما أن يصل الأمر باعتبار هذا الشكل الكفاحي في الضفة والقدس مساو للإستيطان فنحن أمام "جريمة حرب" من نوع خاص، ولا نعرف حقا رأيه في الطائرات الورقية والبالونات الحراقة أهي أيضا مدانة وجريمة وفعل شيطاني في الرواية العباسية!..
هل بات ضرورة من قيادة فتح أولا، وقيادة الفصائل ثانيا الطلب بتشكيل لجنة خاصة لفحص الحالة الصحية وقدرات الرئيس عباس العقلية، بعد تصريحين كانا كفيلين باعتقاله فورا، وإزاحته عن كل مناصبه وإعتباره "خان الأمانة والقسم"..
من يتفق مع أمن المحتل بنسبة 99% ومن يعتبر المقاومة قتلا مساويا للإستيطان لا يجب أن يبقى ساعة في منصبه، بل يجب أن يكون في مكان آخر..
يا سادة فلسطين اقدس من اسماء ألحقت بها ضررا لم يكن يوما في مخيلة البعض..افهمتم الآن لماذا وصفه الشهيد الخالد المؤسس ياسر عرفات بـ"كرازي فلسطين"!