قدّمت وزارة المالية في جلسة الحكومة، أول من أمس، والتي كان يفترض بها أن تقرر الإغلاق، وثيقة تقدر ضرره على اقتصاد إسرائيل بـ 18 – 20 مليار شيكل. فضلاً عن حقيقة أن هذا الرقم كله تخمين ليس أكثر، بل تخمين ليس عقلانياً على نحو خاص، من المفاجئ أن تكون المالية لم تتقدم بالتوازي بتقدير عما سيحصل للاقتصاد إذا لم يُفرض إغلاق، وإذا وصل عدد حالات الإصابة بـ "كورونا" إلى 8 آلاف في اليوم ووصل عدد الوفيات بالوباء إلى 30 إلى 40 في اليوم. ماذا سيكون عندها حجم الضرر؟ كم ستبلغ خسارة الإنتاج المحلي والقومي عندما يدخل كل يوم في حالة عدم الإغلاق ما لا يقل عن 32 ألف إسرائيلي آخر؟
هذا سؤال لم ترَ وزارة المالية واجباً للرد عليه. قد لا تكون مهتمة، وربما ليس لديها توقعات. لقد نشر بنك إسرائيل منذ وقت قريب توقعين للاقتصاد، الأول يستند إلى مستوى وبائي كما كان قائماً في آب، والثاني يعكس تدهوراً إضافياً للإصابة لدرجة الاضطرار للإعلان عن إغلاق كامل في تشرين الثاني – كانون الأول وإغلاق آخر في آذار – نيسان في العام القادم. والفجوة بين السيناريو "المتفائل" والمتشائم تصل إلى 30 مليار شيكل خسارة دخل قومي هذا العام و35 مليار شيكل آخر خسارة في العام القادم. والكلفة الاقتصادية المتراكمة للإصابة المتزايدة تبلغ بالتالي 100 مليار شيكل في سنتين.
لا يوجد بديل مريح اقتصادياً لصد "كورونا" في مرحلة متأخرة بهذا القدر، وقاسية بهذا القدر، لضربة الوباء في البلاد. لقد مرت الأيام التي كان ممكناً فيها عمل ذلك بنجاعة وبثمن زهيد – عندما كان عدد الحالات المؤكدة الجديدة لا يصل إلا إلى مئات في اليوم وليس إلى آلاف. فقد فوتنا موعد كبح "كورونا". فاخرج لتعرف أنه بعد أن تفقد السيطرة على السيارة تكون كل خيارات التوقف خطيرة. وفقدت الحكومة السيطرة على "كورونا".
إن هروب حكومة إسرائيل من المسؤولية عن صحة الشعب والاقتصاد هو ظاهرة هدامة، ومخيبة للآمال، وباعثة على الجنون. ومن شدة المراعاة لمعارضي الإغلاق – وهم صاخبون وفقاً للقاعدة المعروفة "أنا أغارض، إذاً، أنا موجود" – تُنسى الحقيقة الأكثر بساطة: لجم الوباء وقمعه شرطان ضروريان لإعادة الاقتصاد والمجتمع إلى الأداء السليم. لا ولن تستطيع دولة أن تؤدي مهامها في أيام "كورونا" المعربد. منذ بداية الوباء كانت لحكومة السويد سياسة الامتناع عن القيود والإغلاقات. ورغم ذلك، حين توفي كل يوم عشرات السويديين، فرغت الشوارع، وأغلقت المحلات، ولم يذهب الناس إلى العمل، وكان الضرر الاقتصادي للسويد في تلك الفترة مشابهاً في معدلاته للضرر الذي لحق باقتصاد إسرائيل وهي تختنق تحت إغلاق شديد.
لا أحد يريد أن يموت، ولا حتى يريد - وهنا المفاجأة - أن يمرض.
في نظرة إلى الأمام، واستناداً إلى نجاح الإغلاق الأول، من المرغوب فيه مع ذلك البحث عن السبل لتقليص أضرار الإغلاق الثاني. قبل كل شيء السماح بالفتح الكامل لأماكن العمل عن بعد، وأمام شاشات الحواسيب من البيت. فما الداعي لإغلاقها؟ وبالتوازي السماح ليس فقط بالسير بل أيضاً بالعمل في المجالات المفتوحة مثل البنى التحتية للمواصلات والاتصالات، البناء، تجديد وجه المدن، الزراعة، المطاعم والمقاهي التي يمكن للوافدين إليها أن يجلسوا في الخارج وفقط في الخارج وغيرها. السماح أيضاً بالعمل الجزئي والواعي في الأعمال التجارية التي تستوفي أنظمة التباعد الاجتماعي، الكمامات، النظافة الشخصية، ونقل العاملين بحيث لا يكتظون في الباصات. في معامل إنتل، مثلاً، مستوى العزل لطواقم العاملين أعلى منه في أقسام "كورونا" بالمستشفيات. من المرغوب فيه أيضاً إعطاء حوافز إيجابية للأعمال التجارية التي تتمكن من توفير الخدمات للزبائن في المجال المفتوح. مجال مفتوح ومسافة آمنة كلاهما أداة ناجعة جداً، سواء في مكافحة "كورونا" أو في مكافحة الركود.
المبدأ الذي يوجه القرارات المتعلقة بالقيود، كما يشرح كل الخبراء، يجب أن يكون واحداً: منع تجمهر أكثر من 7 وفي حالات شاذة 10 أشخاص. نقطة. هذا الحجْر يجب فرضه بكل قوة الشرطة، الرقابة البلدية، وإذا كانت حاجة أيضاً بقوة حرس الحدود. في كل البلاد، وليس فقط في "المناطق الحمراء"، إذ إن كل البلاد باتت أحمر – أحمر.
في جلسة الحكومة، أول من أمس، التي تواصلت حتى ساعة كتابة هذه السطور، وجه الوزراء انتقاداً حاداً لوزارة الصحة. هذا مثال كلاسيكي للوقاحة الخادعة، رفع المسؤولية عن أكتاف المسؤولين الحقيقيين وإحالتها إلى أكتاف أخرى. هيا نتذكر: عندما رفعت الاقتراحات المهنية لمسؤولي الجهاز الصحي لإقرار "الكابينيت"، الحكومة والكنيست (لماذا ليس أيضاً للإقرار في استفتاء شعبي)، نتف السياسيون غير الخبراء عنها الريش إلى أن بقيت بعظامها الجافة. ظاهرياً أيدوا الإغلاق العام لدى الجميع – الكل باستثناء الفرع، المجتمع الأهلي، وجمهور الناخبين الذين يمثلونهم. قالوا: إن الإغلاق ضروري، ولكن ليس في مدرستنا. في كل مكان إلا في مطارحنا.
يفقد الجمهور ما تبقى من ثقة بالحكومة ليس لأن هذه تتخذ بشجاعة قرارات إغلاق غير شعبية كاملة أو جزئية، حسب الحاجة، بل لأنها غير قادرة على الإطلاق على أن تتخذ قرارات غير شعبية؛ لأنها تهرب من بشرى الزعامة إلى أذرع الفئوية.
اصرخي يا بلادي الممزقة.
عن "يديعوت"