نجح نتنياهو رئيس حكومة المستعمرة في تمرير فترة تكليف الجنرال بيني غانتس المكلف بتشكيل الحكومة منذ شهر، فأنهى فترة المشاورات، وفشل في تشكيل الحكومة، وعاد القرار إلى رفلين رئيس المستعمرة الذي أعاد القرار إلى الكنيست ليفرز مكلفاً يملك 61 صوتاً، غير بيني غانتس.
بيني غانتس خسر التكليف بسبب خبث نتنياهو وتكتيكاته، وبذلك خسر توصيات الأغلبية التي كان يملكها، وفشل في تشكيل الحكومة، مثلما فشل في التوصل إلى إجراءات تنفيذ التفاهم مع نتنياهو الذي رفض التوقيع على الصيغة التي تم التوصل لها وبلورها فريقا التفاوض لحزبي كحول لافان والليكود.
نتنياهو أحبط غانتس وخطط لإفشاله بسبب الخلاف على تشكيل هيئة تعيين القضاة المكلفة بإدارة محاكمة نتنياهو والمسؤولة عنها، ولذلك يعمل نتنياهو على ضمان أن يكون الليكود هو صاحب القرار في تشكيل هيئة القضاة، لا أن ينفرد بيني غانتس وحزبه بها، وكانت هذه الحجة التي وظفها نتنياهو لإحباط غانتس وسبّب له الفشل في تشكيل الحكومة.
لم يقتصر هدف نتنياهو على إفشال غانتس بسبب قضية تشكيل هيئة تعيين القضاة، بل استعملها غطاء لافشاله لأنه سعى لتغيير معادلة تشكيل الحكومة ليكون التكليف له وليس لغانتس، حتى تتوفر له فرض شروطه على اللعبة السياسية، لا أن يكون غانتس الدينمو في تشكيل الحكومة وفرض شروطه عليها، فقد خسر غانتس قوة الأغلبية وتحول من حزب له 33 مقعداً إلى 17 مقعداً، ومن ائتلاف لديه 61 مقعداً إلى ائتلاف لا يزيد عن عشرين مقعداً مع بقايا العمل وغيشر، ولذلك تحول ليكون ضعيفاً أمام قوة نتنياهو الذي يملك 58 مقعداً مضمونة لصالحه، وبرنامج نتنياهو يقوم على عاملين هما ان يكون1- رئيساً للحكومة، 2- ان يضمن الحصانة البرلمانية.
نتنياهو سواء نجح في تشكيل الحكومة أو فشل، سيبقى رئيساً مؤقتاً للحكومة، وسيعمل نحو الذهاب إلى انتخابات رابعة في شهر آب المقبل، وبذلك سيملك خيار زيادة مقاعده البرلمانية، مع استمرارية بقائه رئيساً للحكومة، تمكنه أن يكون رابحاً في كل الاحتمالات.
غباء غانتس وضيق أفقه وضعف خبراته السياسية من طرف، وعنصريته في عدم اعتماده على القائمة العربية العبرية المشتركة في تشكيل الحكومة رغم توصياتها له من طرف آخر، أفقدته عوامل نجاحه وتفوقه على نتنياهو، وبات الآن ضعيفاً بحاجة إلى نتنياهو الذي يملك حرية المناورة والأوراق أكثر مما كان عليه بعد الانتخابات يوم 2/3/2020، فقد نجح في تفكيك حزب أزرق أبيض، ونجح في تفكيك الائتلاف الملتف حول قرار التوصية لغانتس، ونجح في إحراج القائمة الفلسطينية الإسرائيلية المشتركة التي أوصت إلى غانتس فخانها مثلما خان كل المصوتين له ليكون بديلاً عن نتنياهو.
عايدة توما النائب في القائمة المشتركة بكل عزيمة وثقة قالت : لم نكن نراهن على غانتس، فنحن نعلم أن يديه ملطخة بدماء شعبنا، ونعرف عنصريته وقالها وعبر عنها خلال المعركة الانتخابية، ولكننا حاولنا توظيفه عبر التوصية له بهدف إسقاط نتنياهو الأكثر سوءاً، وإذا لم يتحقق ذلك فهذا ليس نهاية المطاف وليست المعركة النهائية في مواجهة العنصرية والاحتلال، فاعتمادنا على شعبنا، فهو الضمانة الوحيدة لحماية صمودنا والبقاء مرفوعي الرأس، ورهاننا عليه لأنه السلاح المجرب مثل كل تجارب الشعوب، لاستعادة حقوقنا الكاملة غير المنقوصة على أرض وطننا الذي لا وطن لنا غيره.