بات لا يخفى على أحد مدى جدية ومثابرة الإجراءات التي إتخذتها الحكومة الفلسطينية والمتعلقة بمواجهة أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد19)، والتي نالت استحسان وتقدير الكثير من المواطنين الفلسطينين وإشادة المؤسسات الدولية. إعتمدت الخطة علي ضرورة محاصرة المرض وإحصاء المصابين فعلياً والمخالطين والمشتبهين المعرضين للإصابة مع إجراء إغلاقات كانت ضرورية وتقييد للحركة وهو تطيق حرفي وإحترافي لتعليمات منظمة الصحة العالمية ولاقت هذه الإجراءات تجاوب يُقدّر من شعبنا الفلسطيني وإنسجاماً يُسجل للمؤسسات والشركات والأفراد.
نعي تماماً أخي (أبو إبراهيم) مدى إدراكك لهشاشة الإقتصاد الفلسطيني فعجلة السوق الفلسطيني تدور معتمدةً على إيرادات يمكن حصرها بالأربع مصادر أولها رواتب الموظفين الحكوميين وشبه الحكوميين وثانيها مداخيل الأفراد والمشاريع المتولدة من المياومة لدى المحال التجارية ونقاط البيع والحرفيين والشركات الصغيرة والمتوسطة ثالثهما رواتب العاملين في شركات القطاع الخاص الكبيرة والتي تقود القطاع الخاص الفلسطيني واخرها والأكثر اهمية مداخيل العمال في الداخل المحتل.
إن مدى الترابط بين المصادر المذكورة أعلاه يكاد يكون كلي ويصب في نفس النتيجة السلبية إقتصادياً تحت العنوان الكبير تراجع وإنهيار القوة الشرائية بمعنى اخر إن أزمة (كوفيد19) والتي قادت طبيعياً إلى إضعاف وتباطؤ الإنتاج الفلسطيني الضعيف أصلا أضف عليه تخفيض عدد العمال في الداخل المحتل الى حد كبير جداً إلى إمكانية عدم قدرة شركات القطاع الخاص المتوسطة وحتى الكبيرة منها على الوفاء برواتب موظفيها كاملة لفترة أطول كل ذلك بلا شك سيؤي إلى إهتلاك القدرة الشرائية للفلسطنين إضافة إلى الإستغناء عن الكثير من العاملين في القطاعات المذكورة مُسبباً إرتفاعاً مضطرداً في نسبة البطالة المتفاقمة بطبيعتها في شقي الوطن.
أما في الجانب الاخر المتعلق بموازنة وإيرادات الحكومة، والتي تأتي عبر مصادر أساسية في مقدمتها إيرادات المقاصة التي تشكل حوالي 70% من موازنة الحكومة السنوية والإيرادات الضريبية و الرسوم المحلية وثالثهما المساعدات الخارجية.
بما لا شك فيه، ان إستمرار الأزمة سيضرب هذه المصادر الثلاث في مقتل فمن الطبيعي أن نتوقع إنهيار نسب الإستيراد للحد الأدنى في ظل هذه الظروف وإنخفاض إستهلاك الوقود الذي يضخ للحكومة حوالي واحد دولارعن كل لتر مستهلك وقد يكون من الصعب جداً على الحكومة جذب مساعدات خارجية في ظل أزمة تشمل الدول الصديقة والعدوة وهو ما يهدد بشكل كبير إيرادات الحكومة ويضاعق عجزها المالي.
السيد الدكتور رئيس الوزراء
يبدو أن ما سبق ذكره اعلاه نتائج سوداوية ومرهقة لكنها حتمية ! تجعل لزاماً عليكم كحكومة الإختيار الجريء إن كنتم تفضلون بفدائية تحميل الحكومة مزيداً من الإلتزامات وتحمل المسؤوليات على قاعدة أن الحكومة دوماً أقدر على الإستدانة و التعافي وتدبر أمورها مهما بلغ عجزها أم ستختارون إنهاك المواطنين وخلق مجتمع تتسارع طبقاته نحو العوز والفقر وعدم القدرة على تلبية الإحتياجات الأساسية؟
إن أزمة الإقتصاد الفلسطيني الحالية والمقبلة علينا لا محال تتطلب التدخل السريع الحاسم الذي لا يقبل التأويل او التأخير بتعويض النقص والضعف الكبير في القوة الشرائية وهذا يتم بأحد امرين لا ثالث لهما الأول المباشر بضخ سيولة مناسبة للأسر والفئات والطبقات والشركات الصغيرة تعويضاً للضرر الكبير وهذا ما لا تستطيع الحكومة الفلسطينية تنفيذه نظراً لشح أموالها كما وضحنا أعلاه والثاني غير المباشر بتخفيض الإلتزامات والمتطلبات الأساسية عن تلك الأسر بطرق خلاقة تعاونية لكن بقرار حكومي مركزي وهو الممكن حالياً.
لا بد للحكومة الفلسطينية من إتخاذ قرارات جريئة وسريعة كإلغاء ضريبة القيمة المضافة ولمدة أدناها ثلاث شهور على السلع الأساسية كالكهرباء الماء الغاز الطحين الأرز السكر الشاي الزيوت النباتية البقوليات وإلغاء كافة الرسوم المحلية التي تتعلق بخدمات الحكومة. والتدخل المباشر في المنتجات الزراعية الفلسطينية لضمان عدم انهيار اسعارها إضافة إلى القرار الملزم للمجالس القروية والبلدية باستيفاء أثمان الكهرباء والماء والخدمات كذمم مدينة غير نقدية وإلزام الشركات القائدة للقطاع الخاص كل في مجاله لتقديم الحد الاقصى الممكن من الخصومات والمساعدات للمواطنين وليترافق كل ذلك مع خطة تقشف حكومي واضح لا تطال ولا تمس رواتب الموظفين الحكوميين.
السيد د. محمد إشتية / رئيس مجلس الوزراء الفلسطيني
جميل من الناحية المعنوية هي الإجراءات المتخذه حالياً ومجدية جداً من الناحية الصحية ومن الرائع أن يتم الإشادة بها من قبل منظمة الصحة العالمية لكنها كمن يسير بعكاز واحد وهو مبتور القدمين قد يصل إلى بر الأمان نعم قد يصل لكنه سيصل منهك القوى متهدل القدرات وقد لا تقوى ايدينا على التصفيق وقد لا نستطيع الفرح حين نصل إلي الأمان الصحي المنشود بسبب الإنهاك الإقتصادي الكبير.