غزة – عدلي أبوطه: يستفيق المزارعون في قطاع غزة خلال هذه الأيام، على صوت هدير الطائرات الإسرائيلية المحملة بمبيدات حشرية سامة مخصصة لرش المحاصيل الزراعية المزروعة بمحاذاة السياج الفاصل على طول الحدود الشرقية للقطاع وتتسبب بتلف تلك المحاصيل وتؤدي إلى حرقها.
حجم الخسائر والأضرار التي لحقت بالمحاصيل، صعّب على المزارعين اللحاق من جديد بالموسم الزراعي الحالي، الخاص بالعديد من الخضروات والمزروعات الموسمية، وخاصة أن الزراعة تعد مصدر الدخل الوحيد للعديد منهم في ظل الظروف الصعبة التي تعصف بقطاع غزة.
خسائر بآلاف الشواقل
يقول المزارع أيمن أبو جامع وهو يملك أراضٍ زراعية بالقرب من الحدود الشرقية لمحافظة خان يونس: " زرعت هذا العام 7 دونمات من البطاطس و6 دونمات مجاورة مزروعة بمحصول البازيلاء و20 دونم أخرى مزروعة بالقمح، لكن كل المحاصيل أصيبت بالمبيدات السامة التي رشها الاحتلال وتسببت في إتلافها".
وأوضح المزارع أيمن لـ"للكوفية" أنه تكبد خسارة تقدر بنحو 50 ألف شيقل، وبسبب ما حل به؛ فإنه لن يقوم بزراعة أرضه مجددًا خوفًا من أن يتم رشها بالمبيدات مرة أخرى، خاصة أن الاحتلال لا يُخطر المزارعين بمواعيد رش المبيدات، فضلا عن بقاء آثار تلك المبيدات في التربة لفترات طويلة تحول دون نجاح زراعة المحاصيل مرة أخرى، مشيرًا إلى أنه أصبح عرضة للملاحقة القانونية من الأجهزة الأمنية بسبب تراكم الديون المستحقة لتجار الأدوية الزراعية وأشتال المحاصيل.
وناشد أبو جامع، كافة المؤسسات الأهلية ومؤسسات حقوق الإنسان إلى جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بضرورة التدخل لوقف الممارسات التي يمارسها الاحتلال بحق المزارعين وتعويضهم عن الخسائر التي تكبدونها جراء رش المبيدات السامة التي ألحقت الضرر بالمحاصيل والتربة.
محاصيل غير صالحة للأكل
من جانبه، يؤكد محمد النجار وهو أحد المزارعين المتضررين: " أن المبيدات التي يرشها الاحتلال على المحاصيل تترك أثارًا مضرة فتظهر نقاط بيضاء أو صفراء على ورقة المحصول وتحد من نموها بشكلٍ طبيعي ثم تحترق النبتة بالكامل بعد مرور ثلاثة أيام فتصبح غير صالحة للأكل، منوهًا أن آثار المبيدات تبقى لمدة عام على أقل تقدير مؤثرة في التربة ولا تصلح للزراعة مجددًا، فيضطر المزارع للانتظار لمدة عام حتى يبدأ بزراعة أرضه مرة أخرى.
ويصف النجار لـ"الكوفية"، أن ما حصل معه بـ"الكارثة" التي لحقت به نظرًا لحجم الخسائر التي تكبدها وكمية المحصول التي أتلفت بفعل المبيدات، مطالبًا كافة المؤسسات والجهات المعنية ووزارة الزراعة بالنظر بعين الرحمة للمزارعين والعمل على تعويض خسائرهم.
تراجع كبير منذ سنوات
من جهته يؤكد أستاذ العلوم الاقتصادية في جامعة الأزهر بغزة سمير أبو مدللة أن قطاع الزراعة في فلسطين تراجع بشكلٍ كبير منذ عدة سنوات، حيث لا يمثل في أحسن الأحوال نسبة 3.7% من الناتج المحلي، مشيرًا أن الاحتلال يمارس تدمير الاقتصاد الفلسطيني سواء بإغلاق المعابر ومنع دخول مواد الخام إلى قطاع غزة وما يمارسه في الفترة الأخيرة على قطاع الزراعة برش المحاصيل بمبيدات سامة.
وأضاف أبو مدللة لـ"الكوفية"، "لم يكتفي الاحتلال بتدمير الآبار الزراعية خلال فترات العدوان التي مرت على قطاع غزة وتجريف آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية، بكل يواصل ممارسته العدوانية ويقوم برش مبيدات التي تتسبب بإتلاف المحاصيل الزراعية، ذلك سيؤدي لخسائر كبيرة يتكبدها المزارعون وعزوف الكثير منهم عن زراعة أراضيهم مرة أخرى، إضافة أنه سيعمل على تراجع في ناتج المحلي الإجمالي بنسبة أكبر وبالتالي من الممكن أن تؤدي لتراجع في عملية التشغيل.
وطالب أبو مدللة، الجهات القيادة الفلسطينية والمستوى السياسي الفلسطيني بضرورة التوجه إلى المؤسسات الدولية وعلى رأسها محكمة الجنايات الدولية لمحاكمة قادة الاحتلال الإسرائيلي على ما يقترفونه بحق الشعب الفلسطيني والاقتصاد الفلسطيني.