في تزامن مثير للاهتمام السياسي، بدأت دولة الكيان التعامل مع ملفات فلسطينية بشكل متوازي، فيما تجد المقابل الفلسطيني يذهب الى البحث عن "اهتمامات" غيرها، هروبا من رسم خريطة مواجهة عملية، وليس وصفا لتلك الأحداث، كما هو قائم من مسؤولي سلطتي الأمر الواقع في الضفة وقطاع غزة.
الملف المركزي لدولة الكيان، الذي تتعامل به دون أي اكتراث للطرف الفلسطيني، الذي لا يبذل جهدا حقيقيا للمواجهة، ما يتعلق بالمشروع التهويدي، فلم يعد الحديث عنه خططا وأفكار، بل تحول بسرعة فائقة الى حقيقية سياسية وواقع "كياني" دون أي يتأثر بكل ما يقال كلاما فلسطينيا، خاصة وان "القنوات الأمنية" بين جناحي بقايا الوطن متواصلة مع الأمن الإسرائيلي، كل ما يريد البحث عنه، في الضفة حماية لمؤسسة أصابها "العث السياسي"، ومصابة بمرض "البلادة الوطنية"، فيما غزة تبحث "وسائل تغذية كيانها الخاص".
بدأت دولة الكيان بتناول مستقبل الضفة الغربية، لجهة السيطرة السياسية وما أسمته إعلاميا "مرحلة ما بعد عباس..."، والمسار المركزي لهذا الملف يرتبط ارتباطا وثيقا بخدمة تعزيز "التهويد" في الضفة والقدس، ويرتبط ارتباطا وثيقا به، إذ تعمل حكومة نتنياهو وجهازها الأمني، على بث معلومات عن "قوة حماس" المتنامية مقابل ضعف فتح المتتالي في الضفة، مسار بدأ يأخذ مكانه في الإعلام العبري بشكل ملفت تماما، خاصة مع الحديث عن الانتخابات.
تضخيم "قوة حماس" في الضفة واضعاف مكانة فتح ليس سوى أحد اشكال "التبرير الأمني" الإسرائيلي لفرض السيطرة الإسرائيلية لاحقا، وتستخدم في ذلك كل أفعال حماس في قطاع غزة، تصريحات وأفعال فيما يتعلق بـ "القوة الصاروخية" للحركة، وقدرتها على إطلاق آلاف منها في دقائق لتضرب قلب تل أبيب، يترافق معها مؤخرا فتح جبهة "البالونات الحارقة"، ما تعمل سلطة الاحتلال أن تستخدمها في نشر الخطر لو أن حماس موجودة في الضفة، علما بأنها تدرك يقينا جدا، ان كل ذلك لا أثر له منذ زمن.
ومع مسار النفخ في "سورة حماس" والنيل من قوة فتح، أقدمت على بث معلومات متلاحقة، دون أن تبدو أنها "منسقة"، فيما يتعلق بمرحلة ما بعد عباس، وما يمكن ان يكون من "حرب الخلافة" وصراع مراكز القوى، و"المليشيات المسلحة السرية" لها.
الأمن الإسرائيلي، عبر الإعلام العبري يرسم صورة سوداوية للمشهد السياسي في الضفة الغربية، في حال غياب رئيس السلطة محمود عباس، خاصة وأنه لا يوجد شخصية مركزية فتحاوية يمكنها أن تمثل "رافعة وحدوية" تكون "خلفا" له في رئاسة الحركة، وكذا السلطة التي لا يوجد ما يمكنه أن يسد الفراغ القانوني، بعد اقدام عباس على حل المجلس التشريعي. دون أن تتجاهل أن الشخصية الأبرز التي لها أن تكون لها حضور شبه اجماعي القيادي الأسير مروان البرغوثي، والذي يحظى بدعم كبير من تيار الإصلاح بقيادة محمد دحلان.
دولة الكيان، تعمل بكل حرفية لبث صورة كارثية عن "الاقتتال القادم" بين تلك المراكز، ليس "حبا في فتح وحرصا عليها..."بل تبريرا لفرض سيادتها الأمنية الشاملة على الضفة والقدس كلها.
ملف ما بعد عباس، في الإعلام العبري يجب أن يدق ناقوس الخطر السياسي داخل حركة فتح أولا، والقوى الفلسطينية ثانيا، للتسارع في وضع "قواعد قانونية مشتركة" كي لا يحدث "فراغ قانوني" يفتح الباب لـ "معركة أمنية" تغذيها سلطة الاحتلال الى حين أن تصبح مسألة فرض الأمن ومنع الاقتتال مطلبا فلسطينيا وإقليميا بل ودوليا...
هناك فرص لا تزال ممكنة لسد "الثغرة القانونية" التي يتركها شغور مناصب الرئيس... ولنا وقفة أخرى مع تلك الخيارات لو أريد حماية ما يمكن حمايته من بقايا مشروع وليس بحثا عن "تقديس خرافة البقاء"!
ملاحظة: مستهجن تلك الحملة الأمنية الحمساوية ضد عائلة الشهيد الهابط...معقول في ثأر "بايت" بينهم وبينه قبل استشهاده 1993...بدها عراف يفك هيك لغز!
تنويه خاص: فاشية "تحالف الأزعر" في لبنان متسمرة ضد انتفاضة أهل لبنان رفضا للتقاسم الطائفي، وبحثا عن بلد يليق بلبنان الحضارة...الظلام دوما الى زوال!