من يتابع حركة رأس الطغمة الفاشية الحاكمة في تل أبيب، نتنياهو، يعتقد انه أحد قادة العصر السياسيين الذي يتحكم في مسار الزمن، قادر أن يحيل دفة السياسة العالمية – الإقليمية وفقا لما يريد هواه الخاص، وهو في الواقع، شخصية مصابة بكل أمراض الغطرسة، مخترع للكذب، وليس بكاذب فقط، يبحث عن "أسطورة زائفة"، بأنه "ملك إسرائيل" المعاصر.
كان له أن يحقق حلمه بانه "الملك"، لولا فضائح الفساد التي غطته وعائلته، فما قدمه لدولة الكيان من ترسيخ عنصريتها ومشروعها "التهويدي" فاق كل من سبقه من حكام لهذا الكيان، ويرى في نفسه منقذه من "خطيئة اتفاق أوسلو"، الذي وقعه رابين مع الخالد ياسر عرفات، حيث قاد أوسع مظاهرات ضد رابين والاتفاق في صيف 1995 حتى تمكن اليمين الإرهابي من اغتيال رابين نوفمبر 1995، ما فتح الطريق واسعا لتنفيذ "الحلم الصهيوني"، ليس بترسيخ مشروعهم فقط، بل بتدمير المشروع الوطني الفلسطيني.
نتنياهو، تحول من "حلم ملك" الى "شاهد ملك" على ما ينتظره مصيرا منطقيا لفاسد وكاذب، وقاتل، تفنن في الهروب من كل ما لحق به سابقا، تحت خيمة يمينية فاشية، قدمت له "الحماية الممكنة" الى حين.
نتنياهو، سقط والى غير رجعة، ولم يقف الأمر عند حدود تهم فساد بل هناك حالة نبذ سياسية تتبلور دوليا، ربما هي المرة الأولى التي تواجه رئيس حكومة إسرائيلية، عندما اعتذرت بريطانيا عن استقباله، ورفض الرئيس الفرنسي ماكرون والمستشارة الألمانية ميركل اللقاء به، رغم حساسية الموقف الألماني المصاب بـ"عقدة المحرقة"، ما يكشف مدى النفور العام من شخصية كريهة سياسيا.
عزلة نتنياهو، تتسع داخليا ودوليا، ولكن المفارقة، ان ذلك لا ينعكس على المشهد الرسمي الفلسطيني ولا العربي، حيث أعلن رئيس سلطة الحكم الذاتي قبل أيام في تصريحات لوسائل إعلام عبرية، انه طلب لقاء نتنياهو أكثر من 20 مرة ولكنه رفض، فيما تجد بعض "الرسميين العرب" و"إعلاميين أو رجال مال" يبحثون وسيلة لمد "الوصل" معه.
في ظروف سياسية فلسطينية مختلفة، كان يمكن ان يكون المشهد الراهن – الأزمة في الكيان الإسرائيلي قوة دفع هائلة للفعل ومحاصرة العدوانية والعنصرية، وكان لها أن لا تقف عند حدود فساد حاكم، بل تتطور لتعزيز حصاره وحصار حكومته بل ودولة الكيان ذاتها، كما كان يوما في زمن "النهوض العام" لحركة الثورة الفلسطينية التي أنجبت قرارا للجمعية العامة رقم 3379 عام 1975، باعتبار الحركة الصهيونية حركة عنصرية، قرار كان له أن يحيل إسرائيل الى جنوب أفريقيا العنصرية، لولا استغلال أمريكا لأحداث ما بعد 1991، وفرض مؤتمر مدريد حيث اشترطت حكومة تل أبيب الغاء القرار للمشاركة، وصوتت الأمم المتحدة في ديسمبر 1991على قرار 46/86 الذي الغى القرار 3379.
المنبوذ والفاسد، نتنياهو لم يعد أمامه زمن سياسي، فقد سقط وربما الى الأبد، لكنه ترك ما سيقوله مناصريه دوما، بأنه نجح في تحقيق كثيرا من "الحلم الصهيوني" وزرع أسس منع قيام دولة فلسطينية الى زمن قد يطول، وعمل على بلورة مشروع "الانفصالية الفلسطينية" بديلا عن "الكيانية الموحدة".
ملاحظة وتنويه خاص: رحل أحمد عبد الرحمن، سياسي فلسطيني بامتياز، قلمه لم ينحز يوما لغير القضية الوطنية، رمزا للإعلام الثوري الفلسطيني، شخصية لم تغدر صديقا، خال من "الحقد والكراهية"...رحل وترك لمن حاول حصاره بحقده أن يمارس هوايته الى حين...
أحمد سلاما لروحك يا صديق، ولا تنسى سلاما لروح الخالد وللصديق الذي كان حاضرا معنا دوما الفتى ماجد.