قد يبدو العنوان مستغربا، بان يكون الحديث عن "الحالة الغزية"، وليس عن الحالة العامة للمشهد الفلسطيني، لكن الواقع أن قطاع غزة، فرض نفسه مؤخرا ليكون في قلب الحدث السياسي الأبرز، ليس فقط بما كان من غزو من دولة الكيان، ورد مستحق واجب عليه، بل ما كان بعد "معركة غزة"، من تفاعلات لا يجب أن تمر مرورا عابرا تحت يافطة الثقافة القبلية "عفا الله عما مضى".
لعلها المرة الأولى التي يعيش قطاع غزة حالة من "الفوضى السياسية" في ظل معركة مع العدو القومي، منذ تأسيس السلطة، حتى في ظل محاولات حماس وغيرها التشويش العام على مسار السلطة الوطنية السياسي، سواء ضن رؤيتها الإخوانية الكارهة للعمل الوطني المستقل او ضمن توافقات مع حلفاء أعداء السلطة والزعيم الشهيد المؤسس الخالد ياسر عرفات.
ملامح "الفوضى"، جسدها موقف حركة حماس، الذي أصيب بـ "صدمة" اغتيال الشهيد بهاء أبو العطا وما رافقه برد فوري "منفرد" من حركة الجهاد وجناحها المسلح "سرايا القدس"، رد مثل رسالة ان القرار العسكري ليس تحت أمر القيادة الحمساوية، وان الحق بأن تلتحق مختلف الأجنحة العسكرية بالمعركة بعيدا عن "حسابات ضيقة"، تدخل في دائرة "حسابات فصيل" وليست حسابات حالة عامة.
رد الجهاد "المنفرد" والسريع" وضع حماس وجناحها المسلح (كتائب القسام) أمام حرج شعبي لمسه كل أهل القطاع، وادخل قياداتها السياسية في تخبط سياسي ومواقف تحاول قدر الممكن التغطية على "عورة الارتباك"، الذي لم يكن ضمن حساباتها، بل لم تتوقعه من حيث المبدأ، ولجأت الى بعض أساليب اثارت غضبا مضاعفا، بمحاولة نشر "ما يمس" حقيقة الرد على "الغزوة العدوانية"، مستخدمة كل وسائل متاحة لتمرير حالة تشكيك مستحدثة ضد "شريك كفاحي".
وجاءت "حادثة الزهار" لتزيح عن المشهد ضبابا حاولت حركتي حماس والجهاد عدم التطرق اليه، وهو ما لم يكن بالإمكان السكوت عليه، خاصة بعد أن أصبح موضوعا قيد التداول، فتدخل رئيس حماس إسماعيل هنية أولا، بالاتصال مع أمين عام الجهاد هاتفيا، معزيا ومهددا في آن، بأن الجهاد وغيرها تحت "خيمة حماس" ولن يسمح بأن تكن خارجها، ثم توالت "الحركات الاجتماعية" بتقديم العزاء (بعد أيام من الاستشهاد) لعائلة الشهيد أبو العطا من قيادات حماس.
معركة غزة الأخيرة، فتحت اسئلة عدة، لم يعد بالإمكان الهروب منها، خاصة بعد تصريح رئيس حماس، بأن حركته هي "الخيمة لكل الفصائل" بما يعني انها الإطار الجمعي "الجديد" لكل من يريد العمل في قطاع غزة، رسالة تمثل منحنى مختلف جذريا عما كان سابقا.
حماس تعلن، ان قطاع غزة لها وهي دون غيرها "سي السيد" الأمني والسياسي، وان القوى كافة تعمل تحت مظلتها، فهي كما قال هنية خلال مهاتفة النخالة، " ستظل الحاضنة والرافعة والداعمة لكل فصائل المقاومة الفلسطينية وفي كل الظروف"، أي انها "الإطار الشرعي الوحيد لكل من بالقطاع.
رسالة حماس الأخيرة، تكمل رسالة رئيسها في قطاع غزة يحيى السنوار حول القوة العسكرية التي تمتلكها حركته وجناحها المسلح، ما اعتبر انه رسالة تهديد مسبقة للسلطة وحركة فتح ورئيسهما محمود عباس ولمختلف القوى.
على حماس المسارعة في توضيح مغزى تلك الرسالة، وأنها كلمات في سياق "التفاعل الإيجابي" وليس التهديد الأمني، وليس لتكريس "بديل سياسي"، خاصة والحالة الفلسطينية العامة تبحث عن "انتخابات" وافقت عليها كل القوى والتيارات، ومفترض ان تبدأ رحلة الانطلاق قريبا. دون ذلك فنحن أمام منحى خطير، مكمل لما حدث في انقلاب يونيو 2007!
هل تعيد القوى حساباتها وفقا لتصريح هنية، وقبله تصريحات السنوار، ام تتعامل معها وكأنها "زلة لسان" نتاج "ارتباك من معركة مفاجئة"...
التدقيق مفتاح الفرج السياسي أو اغلاقه!
ملاحظة: مثير للأعصاب الوطنية ان يقدم الرئيس محمود عباس باستقبال عائلة صحفي إسرائيلي بعد يوم واحد من إصابة عين الصحفي معاذ عمارنة، دون ان يلتفت له باهتمام لا هاتفي ولا استقبال...سيادة الرئيس شعبك أولى بـ "عواطفك" المبعثرة لغيره!
تنويه خاص: انضم امين عام الأمم المتحدة غوتيريش لمطالبي القاتل الإسرائيلي بأن يدقق في اسباب جريمة عائلة السواركة...الغريب لم نسمع كلمة يدين يستنكر يغضب ...ما أرخص الدم في زمن فصائل المصلحة!