بلا ضجيج كبير، أحدثت حركة حماس عملية "تدوير" وظيفي شامل لمعظم مؤسسات "حكومية" في قطاع غزة، شملت دمج "وزارات"، وإلغاء بعضها، في خطوة تمثل ترسيخا صريحا للحكم الخاص في قطاع غزة.
ما حدث من عملية "فك وتركيب" للمؤسسات الحكومية، يوازي تشكيل "حكومي جديد" ردا مباشرا على تشكيل رئيس السلطة محمود عباس حكومة جديدة، اعتبرتها حماس انهاء لـ "حكومة الوفاق" التي جاءت وفقا لاتفاق الشاطئ – القاهرة.
بعيدا عن أي مسبب حمساوي، أو تبريرات يراها البعض ممكنة القبول، والغالبية غير ذلك، فهي بالتأكيد، خطوة سياسية رسمية بأن قطاع غزة لم يعد جزءا من "المنظومة السياسية" – السلطة الفلسطينية (الانتقالية)، وأن حماس قررت بناء "نظامها الخاص".
ما أسمته حماس بالتدوير الحكومي، ليس سوى عملية استخفاف بالعقل السياسي، فلا يوجد تدوير يشمل تركيب ودمج، ونقل وكلاء وتسميتهم بمناصب، دون أمر رئاسي يصادق على ذلك التشكيل، المقدم له من قبل رئيس وزراء "حكومة"، فمن هو الذي منح حماس هذا الحق "التدويري"، هل هناك "رئيس سري" ورئيس حكومة سري، ام هناك "وضع خاص" يملك كل الصلاحيات القانونية التي تمنح الحركة القيام بكل ما تراه ضرورة لخدمة حكمها.
تحت أي مسمى، ما حدث هو عملية "خُلع غير شرعي" لوجود أي أثر لـ "بقايا السلطة وحكومة رام الله"، وإعلان رسمي لوجود "حالتين سياسيتين" لكل منهما "قانون ونظام أساسي"، رئيس علني وآخر سري، ورئيس حكومة علني وآخر غير معلن.
بعيدا عن "نوايا حماس"، وما يمكنها تقديمه تفسيرا للحدث الأخطر منذ "حكومة الانقلاب" الأولى، فهو ترسيخ رسمي بأن قطاع غزة حالة كيانية خاصة، منفصلة كليا عن كيانية السلطة، وأنها الحركة الإسلاموية هي صاحبة السلطة، ومرجعيتها السياسية – القانونية، الى حين ما يستجد.
خطورة "الخطوة الحمساوية" لتمكينها من الحكم الخاص في قطاع غزة، انها تتزامن تماما مع تسارع تنفيذ الخطة الأمريكية المعروفة بـ "صفقة ترامب"، والتي تعمل أساس على منح القطاع "كيانية خاصة" تختلف عنها فيما سيكون في الضفة، وضمن التصور العام المعلن بأنه "حكم ذاتي"، فاقد كل أشكال السيادة، سوى بعض ملامح منها لـ "كيانية غزة"، تختلف عما سيكون في الضفة.
سلوك حماس السياسي، بدون تفسيرات أي كانت "مشروعيتها الحزبية"، هو عمليا تساوق مع الخطة الأمريكية، وهذا ما يجب فورا التفكير به والمخاطر السياسية التي ستترب على هذه الخطوة "الكارثية"، وعلى الحركة أن تضع القضية ضمن "حساب وطني عام" وليس وفق "حسبة تنظيمية خاصة"، لأن كل ما قدمته "تبريرا" لن يغير من الأمر شيئا، ولن يلغي بأنها تقدم "خدمة كبرى"، تفوق كثيرا مخاطر موقف سلطة رام الله، للصفقة الأمريكية.
يمكنها أن تدقق مع قانونيين وسياسيين "وطنيين" غير حمساويين"، وعندها ستقف على عمق الكارثة التي أقدمت عليها واثارها المصائبية وطنيا، وكيف لها أن تعتبر "هدية كبرى" للفريق الأمريكي ومشروعهم التهويدي.
سيقول البعض "الحمساوي"، المصاب بحول سياسي وفكري، انها "خطوة ضرورية" لتطوير الأداء وتحسين الخدمات، التي وصلت الى حالة مزرية جدا، وهي كلمة "حق" يراد بها كل الباطل السياسي، ولا قيمة لكل البيانات الفاقدة للحرارة والصدقية التي "تشتم" بلا هوادة الصفقة الأمريكية، فكل خطوة لتعزيز "حكم حماس الخاص" في القطاع هي هدية سياسية للصفقة.
لا أود القول أنها جزء من "تفاهمات سرية" بين حماس والكيان عبر قطر، وأن "الترتيبات الأمنية" الأخيرة على السياج الفاصل هي جزء منها، وأنها تشرعن "التنسيق الأمني" في غزة بشكل جديد، فكل تلك قابلة للنقاش، وانتشار "دعوات حمساوية" عبر بعض خلايا كتباها النائمين بالتفكير في مراجعة مسيرات كسر الحصار، لكن ما لا يمكن قبوله هذا "التمكين السياسي" لترسيخ "الكيانية الغزية"...
لمن لا يرى المشهد كما هو، نذكرهم بأن "جهنم مبلطة بأصحاب النوايا الطيبة"...
ملاحظة: يقول أحدهم بأن قرارات "لجنة الوقف" ستبقى سرية...يا رجل بعضا من احترام العقل ...بلاش نقلك إنها تبث فوريا لغرفة التنسيق الأمني...بدك نحكي أكتر ام بيكفيك...صمتك ربح سياسي!
تنويه خاص: كل خدمات سفير من أبناء الدروز لدولة الكيان، لم تمنحه حماية خاصة من عنصرية راسخة ضد كل ما هو عربي بعد اهانته في مطار اللد، حادثة كملت عنصرية شرطة الكيان ضد الإثيوبيين...العنصرية "ثابت فقهي" إسرائيل.