فجر قرار وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان، حول ما أسماه تطبيق القانون للعمالة الأجنبية موجة غضب في مخيمات الوجود الفلسطيني جميعها، ولم ينتظر سكانها أمرأ وتوجيها من أي كان للخروج رفضا فوريا لما يهدد مستقبلهم وحياتهم، بل وطابع هويتهم التي باتت هدفا سياسيا.
موجة الغضب تلك، هي وليس غيرها، من فرض وضع القضية الخاصة بالفلسطيني في لبنان على جدول أعمال المائدة السياسية لبناينا، بما لها أثر هام على الاستقرار والاقتصاد في آن، وبسرعة تحركت هيئة العمل الفلسطيني لتطويق ما سيكون، في ظل اهمال متعمد من القيادة المركزية، التي تذكرت واجبها بعد أيام من الحراك الغاضب، والذي كاد ان يتحول لحراك قد لا يمكن السيطرة عليه، فأعلن رئيس تنفيذية مجلس المقاطعة محمود عباس بأنه يرفض التصعيد، ويدعو للهدوء، وأرسل مندوبه لتطويق الحراك.
الحدث الفلسطيني في لبنان، فتح بابا سيكون قضية أساسية في المستقبل القريب، متعلقا بشكل مباشر بالخطة الأمريكية وجانبها الخاص بقضية اللاجئين، وليس بعدا قانونيا اجتماعيا لتنظيم العمالة كما حاولت بعض الأوساط تمرير القانون، ولذا أي معالجة لهذه المسألة يجب أن تستند جوهريا الى هذ البعد السياسي، قبل أي جانب آخر في بحث ما اسماه قانون تنظيم العاملة الأجنبية.
ووضع هذا البعد السياسي، ليس تمييزا خاصا، بل ضرورة لا بد منها لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان، وغيرها من بلدان اللجوء، وذلك بعيدا عن أي مساس بالاستقلالية اللبنانية او قانونها، فالاستثناء أساسا لمصلحة لبنان، كما هو مصلحة فلسطينية.
محاصرة التطورات الأخيرة، عليها أن تستند الى وضع لائحة خاصة بالوجود الفلسطيني في لبنان، لتكون ضمن القانون، لتسد أي ثغرة خاصة يمكن النفاذ اليها مستقبلا مع أي "انعراجه سياسية" لهدف سياسي، واللائحة القانونية لا ترتبط بزمن ما، كما تحاول بعض الجهات تمريرها.
وهناك تصورات متعدد لحل تلك الإشكالية لو ارتبطت فعلا بالحث عن القانون، وليس لهدف سياسي، والفلسطيني في لبنان من حيث المبدأ ليس "عمالة أجنبية"، ولا يجوز أن تقبل الجهة الرسمية الفلسطينية هذا "التصنيف"، وهو ما يجب تحديده ضمن اللائحة التنفيذية للقانون، بنصوص خاصة لا تمس الوجود – اللجوء الفلسطيني في لبنان.
عملية التحايل على تنفيذ القانون على الجميع، هو التلاعب المقصود تمريره، ولذا لم يكن مصادفة أن يعرض البعض تأجيل تنفيذ القانون لعدة أشهر، دون ان يدرك خطورة هذا على جوهر المسألة، وعلاقتها بتمييز الضرورة بأن الفلسطيني ليس عمالة أجنبية، وعليه لا يخضع لهذا القانون.
ليس مطلوبا بحث استثناء زمني للقضية التي فجرت موجة غضب شامل، بل يجب ان يتم ضمن رؤية الاستثناء السياسي للفلسطيني، وبحث العلاقة ضمن هذه الرؤية، والانجرار لمناورة الزمن يبقي الخطر السياسي حاضرا، وتنفيذه يصبح مسألة زمن أيضا، ولكن ضمن توقيت "مناسب".
الهروب الى الأمام خطر حقيقي على قضية الوجود الفلسطيني في لبنان، وغيره من بلدان اللجوء، ونتيجة للتطورات لتي حدثت وتحت ضغط الحراك الشعبي، يجب أن يكون الحل جذريا وشاملا، خاصة بعد أن اثبت الفلسطيني انه جزء من النسيج اللبناني، رغم تمايز هويته ووجوده!
خلاف ذلك الخطر سيبقى قائما ولكنه مؤجل الى حين...!
ملاحظة: تصريحات رئيس سلطة المقاطعة ضد الحراك الشعبي الفلسطيني في لبنان، ليس حرصا عليهم بل امرا لقطع الطريق على انتقال عدوى الحراك للضفة والقدس...وكله بثمنه!
تنويه خاص: أكثر من نصف الفائزين الأوائل في شهادة الثانوية العامة من قطاع غزة، رغم الحصار وانعدام كثير من نواحي الحياة الإنسانية رسالة لمن اعتقد انه قادر على كسر الأمل وتحطيم الارادة الذاتية بأنك واهم...مبروك للمتفوقين في فلسطين!