نشطت في الآونة الأخيرة حركة منسوب الأخبار الخاصة بالمشهد الأمني في الضفة الغربية، بالتوازي مع نشاط حركة فضح فساد مؤسسات سلطة الحكم الذاتي ومسؤوليها، ما يدفع للتفكير في حقيقة بعض تلك الأخبار التي تتعلق بالبعد السياسي للمنشور الأمني.
كان مفاجئا جدا، ان تعلن أجهزة السلطة في الضفة عن اعتقال فتاة تنتمي لداعش، ليس لعدم إمكانية وجود ذلك، لكن من الصعب جدا تصديق رواية لمثل هذا التنظيم مختزلا في فتاة عشرينية، الى جانب أن أمن السلطة، بكل مركباته يعلمون تماما ان أجهزة أمن الاحتلال ليست متفرجة على التطورات في الضفة، ولذا من الصعب تصديق رواية الفتاة الداعشية تلك.
ومن الفتاة الداعشية، فجأة وجد تقرير أمني إسرائيلي طريقه الى الاعلام العبري فالفلسطيني عن نشاط "إيراني" مكثف لتسليح خلايا في الضفة، وقدمت خدمات لوجستية عبر وسائل تقنية حديثة، وتمويل كبير.
لا يمكن نفي إمكانية وجود نشاط أمني إيراني في الضفة، لكن التقرير الأمني الإسرائيلي وتعاون البعض الفلسطيني معه، يدفع للسؤال، ما هي الخلايا التي يمكن اعتبارها تطورا في "المسألة الأمنية" بالضفة، وهل هناك "خلايا جديدة" خارج الفصائلية القائمة، ام ان هناك تطور في سلوك الدعم العسكري للفصائل المتحالفة "عسكريا" مع إيران، وهي لم تعد حكرا على حركتي حماس والجهاد، بل فصائل أخرى ومنها قوى مركزية في منظمة التحرير.
السؤال، لماذا نشطت في الآونة الأخيرة، وبعد أزمة السلطة السياسية – المالية تلك التقارير الأمنية، وهل هي ترتيبات في سياق سيناريو تمرير السيطرة الأمنية الإسرائيلية على المشهد العام في الضفة الغربية، في أي لحظة زمنية لمواجهة "الخطر الإيراني"، أم هي جزء من حركة "التنسيق الأمني" لمحاصرة أي تطور في العمل المقاوم، مع تطور العدائية السياسية ضد المشروع التوراتي التهويدي، والذي قد يتطور فجأة لمظهر "انتفاضي" في لحظة ما، خاصة وأن الفلسطيني لم يعد له ما يخسره أكثر.
وبالتأكيد، لا يمكن الغاء محاولة أجهزة امن السلطة استخدام ذلك لمنع حركة التفاعل المتطورة ضد سلوك السلطة المالي وكشف حجم الفساد، الذي وصل الى مكانة لم يعد السكوت عليها مقبولا، مع أزمة مالية يدفع ثمنها غالبية الشعب في وقت تتزايد "ثروة" أهل الحكم، رواتبا واستغلال نفوذ أصبحت على مرأى وسمع كل ذي صيرة، بل وبوقاحة غير معهودة.
الثلاث اشكال متحدة، تقف وراء نشر وجود "الداعشية" والتسليح الإيراني في الضفة الغربية لفرض حالة
"إرهاب" مشترك بين فريقي "التنسيق الأمني" ضد المتوقع غضبا على المحتلين و"بقايا أجهزة سلطة الحكم الذاتي".
ورغم ان المشهد الحالي لا يبدو انه سيقود الى "كسر تابو الصمت الكفاحي"، وان "وحدة العمل المشترك بين أجهزة المحتلين وأمن السلطة" تفرض قدرتها بكل السبل، لكن ذلك ليس آمنا بما يكفي، وقد ينفجر في أي لحظة غير محسوبة، ولن يكون مفاجئا ابدا، ان تحدث حالة توحد تهزم الخوف والرهبة، مع تعاظم درجة الاحتقان الوطني والشخصي، قد تمتد الى قسم كبير من أجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة، التي ترى ان قادتها يذهبون بعيدا عن اخلاقيات العمل الذي تأسست من اجله تلك الأجهزة، الى جانب فسادهم غير المعقول، والذي لا يجرؤ احد على محاسبتهم.
نعم، يمكن للتحالف الأمني بين سلطة الاحتلال وأجهزة أمن بقايا السلطة تحقيق بعضا من أهدافه لإرهاب الفلسطيني، ومحاصرة حركة الفعل الكفاحي بتلك الذرائع "الخادعة"، لكن المسار السياسي لا يسير وفقا لخريطة طريق أمن قاصر الرؤية عن عمق الوطنية الفلسطينية.
ملاحظة: كان محزنا جدا بيان حكومة د. اشتية برفضها حملة مقاومة الفساد، وبدل التوحد معها، ذهبت للتشكيك بها وطالبت من يملك "وثائق مؤكدة" أن يأتي بها...الأصل ان تسأل الحكومة الفاسدين عن ثروات فسادهم يا حكومة الرواتب الخاصة والأقدام المغبرة!
تنويه خاص: حزب العمل الإسرائيلي في طريقه الى الاندثار بسبب شخصية قائده المغرورة الغبية...حزب كان الأكبر في طريقه للزوال...تجربة تذكرنا بتجربة مشابهة في بلادنا...غرور فارغ لمسؤول يقود الى كتابة نهاية فصيل تاريخي.