غزة _ محمد جودة: ترمز شجرة الزيتون، وتاريخها المتجذر في أرض فلسطين إلى الصمود الفلسطيني على أرضه الفلسطينية.
تعتبر شجرة الزيتون من الأشجار المعمرة وتعتبر ثروة لما لها من فوائد اقتصادية وبيئية. ثمرتها ذات فوائد كثيرة فهي غذاء كامل ويستخرج منها زيت الزيتون ذو فوائد صحية وغذائية، فهو لا يحتوي على الكولسترول المضر للقلب.الزيتون في الحِرف الفلسطينية
الزيتون في الحِرف الفلسطينية يستخدم الفلسطينيون خشب الزيتون، الذي يُعدّ المادة الأولية لصناعة المنتجات الخشبية، ولعمل الحرف اليدوية، والتي تعتمد على اكتساب مهاراتٍ يدويةٍ بحتةٍ كالحفر والتصنيع، حيث يبدأ العامل بالتدرب منذ الطفولة؛ وذلك لما تتطلبه هذه الحرفة من تدريبٍ لفترةٍ طويلة، ويرجع تاريخ هذه الحرفة إلى فترة دخول البعثات المسيحية التبشيرية إلى مدينة بيت لحم، والتي كانت بدايتها صناعة المسابح باستخدام بذور الزيتون، وبعد ذلك تطور شكل كلّ مسبحة، وتخصصت كلّ منطقةٍ بإنتاج شيءٍ معين، فمثلاً: تقوم بيت جالا بإنتاج الأحصنة والجِمال، أمّا مدينة بيت ساحور فتنتج التماثيل الدينية، وبينما تشتهر وتُنتج مدينة بيت لحم الأواني والأكواب الخشبية.
تصدير الزيتون الفلسطيني
يسبب الاحتلال الإسرائيلي لشجرة الزيتون أضراراً كثيرة من اقتلاعٍ وتدميرٍ لهذه الشجرة المباركة، إلّا أنّ الزيتون يُعدّ المصدر الثاني للصادرات الفلسطينية، حيث تقوم بتصدير الزيتون سواء كان حباً أو زيتاً إلى دول الخارج.
شجرة الزيتون وأماكن انتشارها
تنتشر شجرة الزيتون في جميع أنحاء البحر الأبيض المتوسط، وخاصةً في فلسطين، والأردن، ولبنان، واليونان، وإيطاليا، وفرنسا، وإسبانيا، وفي الفترة الواقعة بين 6000-8000 سنة تقريباً كان الزيتون في شرق البحر الأبيض المتوسط يُطحن من أجل الحصول على الزيت، الذي يُستخدم في إعداد الطعام، وعمل مستحضرات التجميل، وصناعة الأدوية، وكان يُستخدم وقوداً لإنارة المصابيح.
فاكهة الزيتون
تعتبر ثمرة الزيتون فاكهةً بذريةً ذات نواة، مثل الخوخ والكرز وغيرهما، حيث يغطي السطح الخارجي لحبة الزيتونة تجويف بداخله نواة، ويحتوي الجزء الخارجي من حبة الزيتون على 30% من الزيت، ويتمّ إنتاج ما يقارب 90% من الزيت من محصول الزيتون، أمّا باقي المحصول فيتمّ قطفه من أجل عمله زيتوناً يُتناول على المائدة، ويتواجد الزيتون بأكثر من 2000 صنف، ولكنّ الزيتون المعروف للجميع يمتلك لونين، وهما: الأخضر، والأسود.
أصل الزيتون
يُعتَقَد، حسب دانييل زوهاري، بأن أصل الزيتون يعود إلى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وخاصة المنطقة الواقعة بين أضنة في تركيا وشمال غرب سوريا التي تعد الموطن الأول لشجرة الزيتون وسلسلة الجبال الساحلية السورية وصولاً إلى منطقة جبال نابلس في فلسطين جنوبًا، بما يشمل كل المنطقة الجبلية الواقعة بين هاتين النقطتين. انتقل الزيتون من بلاد الشام إلى المغرب العربي ومنه إلى إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا. ينتشر الزيتون اليوم في بلاد الشام وتونس والجزائر واليونان وإسبانيا وإيطاليا.
أقدم الدلائل على شجرة الزيتون اكتشفت في مملكة إبلا في سوريا وتم الكشف عن الكثير من الرقم والمخطوطات عن الزيتون حيث بدأت زراعة شجرة الزيتون في المملكة وكان يقدم فيها زيت الزيتون كهديةٍ للملوك ولأبطال الرياضة. كانت شجرة الزيتون ذات مكانة رفيعة أيضًا عند اليونانين القدامى حيث ذكروها في قصائدهم وكتاباتهم.
الزيتون في ثقافات الشعوب والذاكرة الجماعية
يحتل الزيتون موقعا مميزا في العديد من الثقافات، كما أن في بعض المناطق يحمل قيم رمزية بارزة، منها غصن الزيتون كرمز للسلام، كما وردت شجرة الزيتون كرمز للحكمة في الثقافة الإغريقية حيث كانت إلى جانب طائر البوم ترمز للآلهة أثينا، حيث تروي الميثولوجيا اليونانية أن أثينا قدمت للبشر شجرة الزيتون كنبات مستأنس، كما أن آلهة السلام الإغريقية أيرينا إبنة زيوس تصوّر دوما وهي تحمل غصن زيتون، وفي الميثولوجيا الديانات الإبراهيمية تمثل رمزا للأمل، فورد في العهد القديم وردت حكاية عودة حمامة إلى فلك (السفينة) لتدل نوح أن هناك أرض ليرسو فيها.
كما تستخدم شجرة الزيتون لترمز للصمود والتمسك بالإرض في الثقافة الفلسطينية الحديثة مثلا إلى جانب حضورها الواضح في الرموز والثقافة التقليدية باعتبارها رمزا وطنيا، واستخدامها شائع كأيقونة.
شعار جامعة بيرزيت الفلسطينية، وتظهر فيها شجرة الزيتون كرمز للجامعة مع الكتابة المميزة لاسم الجامعة.
كما تشتهر شجرة الزيتون باستخدامها للتطبب والتجميل، وتعتبر ملكية زيتونا أكثر مؤشرا للثروة في المناطق التي يزرع فيها.
كما أن ورود اسم شجرة الزيتون في القرآن أعطاها مساحة مهمة في الثقافة الإسلامية، فوردت ست مرات صريحةومرة بالإشارة في النص القرآني، ووردت أحاديث تمتدح الزيتون تتراوح بين أن صححت وضعّفت.
الوصف النباتي
الشجرة دائمة الخضرة، معمرة، ولها قدرة على الصمود في ظروف بيئية قاسية (مثل الجفاف والأراضي المحجرة وقليلة العمق والخصوبة، المجموع الجذري سطحي غير متعمق خصوصًا في الزراعـات المروية (40-70 سم). الجذع في الأشجار الفتية أملس مستدير ومع تقدم العمر يفقد الاستدارة نتيجة نمو بعض الأجزاء على حساب أجزاء أخرى. يكون ارتفاع الشجرة عادة ما بين 3-6 م، مع أنه قد يصل إلى 10-12 مترًا في بعض الضروب (أصناف) والحالات.يتكون رأس الشجرة من شبكةٍ قويةٍ من الأفرع والأغصان، والأوراق جلدية سميكة عمرها 2-3 سنوات تتساقط عادة في الربيع، تحمل الأزهار في نورات عنقودية مركبة تنشأ في آباط الأوراق للأغصان التي تكونت في موسم النمو السابق ،الأزهار قد تكون خنثى (كاملة) أو مذكرة (مختزلة المبيض)، حبوب اللقاح خفيفة تنتقل بالرياح أو بالحشرات (نحل العسل) والتلقيح ذاتي، إلا انه لوحظ أن معظم الأصناف بها درجة من العقم الذاتي، ومن هنا تظهر أهمية التلقيح الخلطي- لذلك يتم غرس أكثر من ضرب في البستان.
شجرة زيتون في مونتيتيغرو
شجرة الزيتون قصيرة عادة، وارتفاعها لا يتجاوز ال 15 متراً، ذات جذع سميك (و يزداد سمكاً بزيادة عمر الشجرة) وملتوٍ ومليءٍ بالعروق والتعرجات.
الشجرة تفضل السفوح الصخرية القريبة من الساحل ومناخ البحر المتوسط، لكن يمكن زراعتها بعيدًا عن الشاطئ ويمكن للشجرة أن تتحمل الجفاف نظرًا لنظام جذرها المتعمق في الزراعات البعلية. لكن كلما كانت الظروف مناسبة أكثر كانت جودة الزيتون أعلى.
عمر شجرة الزيتون
شجرة الزيتون تعيش لفترات طويلة جداً ومعدل نموها بطيء. وهناك الكثير من اشجار الزيتون المعمرة في سوريا وفي شرق المتوسط، حيث توجد مثلا أشجار في القدس يقدر عمرها ب 2000 سنة (أي منذ زمن المسيح). وهناك زيتونة أخرى في كرواتيا يقدر عمرها ب 1600 سنة. بينما يقدر عمر زيتونة أخرى في منطقة Santu Baltolu di Carana في إيطاليا ب 3000 عام. وتوجد أيضا شجرة في فلسطين يقدر عمرها بما يقارب 6000 عام.