كتب: رام حنين: واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي جرائمها بحق المتظاهرين السلميين المشاركين في فعاليات مسيرات العودة التي أنطلقت في 30 مارس العام الماضي، حيث استهدف جنود الاحتلال المتظاهرين والطواقم الطبية والصحفية بأسلحتهم مما أسفر عن ارتقاء الشهيدة أمل الترامسي" 43 عاما" وإصابة 185 متظاهرًا بينهم 25 إصابة بالرصاص الحي وفقًا لبيان وزارة الصحة الفلسطينية، الصادر في نهاية جمعة "صمودنا سيكسر الحصار" ضمن فعاليات مسيرات العودة.
مسيرات العودة تقدم لفلسطين 254 شهيدًا
جاء استهداف قناصة الاحتلال للشهيدة أمل الترامسي من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، برصاصة مباشرة في الرأس، رغم أنها كانت على مسافة بعيدة من السلك الفاصل، قرب موقع ملكة شرقي غزة، ليؤكد مجددًا أن عمليات قنص المتظاهرين السلمين، تأتي لإشباع شهية جنود الاحتلال في إراقة دماء الفلسطينيين في ظل صمت دولي على جرائمهم التي أسفرت عن ارتقاء أكثر من 254 شهيدًا بينهم نساء وأطفال وذوي احتياجات خاصة وإصابة أكثر من 25 ألف متظاهر بجروح مختلفة منذ ان انطلقت مسيرات العودة في مارس الماضي.
وأصدر مركز عبد الله الحوراني للدراسات والتوثيق التابع لمنظمة التحرير، تقريرً توثيقيًا، رصد خلاله، حصيلة ضحايا انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ بدء المسيرات السلمية على طول حدود قطاع غزة منذ أكثر من 8 أشهر، والتي بلغت (253) شهيدًا، بينهم (11) شهيداً تواصل سلطات الاحتلال احتجاز جثامينهم.
وأوضح المركز، أنه منذ انطلاق هذه المسيرات بتاريخ 30/3/2018، وحتى تاريخ 22/12/2018 فأن محافظة غزة قدمت أعلى نسبة من الشهداء (72) شهيداً، تليها محافظة خان يونس (70) شهيداً، ثم محافظة الوسطى (41) شهيداً، ومحافظة الشمال (37) شهيدا، وأخيرا محافظة رفح (33) شهيداً.
فيما أصيب خلال المسيرات السلمية (25477) مواطنا ومواطنة بجروح مختلفة، و(13750) مصابا دخلوا مستشفيات القطاع لتلقي العلاج، فيما تلقت باقي الإصابات العلاج ميدانيا، نتيجة الإصابات بقنابل الغاز المسيل للدموع والغازات السامة الأخرى التي يطلقها جيش الاحتلال تجاه المتظاهرين السلميين.
ويشمل هذا العدد الإصابات نتيجة إطلاق الرصاص الحي المباشر تجاه المتظاهرين السلميين، والإصابات الناتجة عن عمليات القصف المدفعي والجوي على مختلف مناطق القطاع، وباقي الإصابات نتيجة استنشاق الغاز السام الذي تطلقه قوات الاحتلال مستخدمة طائرات مسيرة لإطلاقها صوب المتظاهرين.
وحسب التقرير، فقد بلغ عدد الشهداء الأطفال (45) شهيدا، بينهم طفلتان، ويشكلون ما نسبته 17.7% من مجمل عدد الشهداء، ولا يزال يحتجز الاحتلال جثامين (3) شهداء من الأطفال، وسجلت الشهيدة بيان أبو خماش كأصغر شهيدة من فئة الاطفال والتي يبلغ عمرها عاماً ونصف.
وأصيب أيضا خلال المسيرات (4379) طفلا بجروح مختلفة، ما يزيد عن نصفهم أصيبوا نتيجة إطلاق الرصاص الحي، والمعدني، وشظايا القصف الجوي، والمدفعي، على مناطق القطاع.
واستشهدت سيدتان فلسطينيتان، وهن: الشهيدة إيناس أبو خماش، والتي كانت حامل في شهرها التاسع، نتيجة القصف المدفعي على بيتها شرق المحافظة الوسطى، والشهيدة المسعفة رزان النجار، فيما أصيب نحو (2050) امرأة بجروح مختلفة، من بينهم نحو (600) نتيجة إصابتهن بالرصاص الحي، والمعدني المغلف بالمطاط، وشظايا القصف المدفعي والجوي على قطاع غزة.
واستشهد (7) اشخاص من ذوي الإعاقة أثناء مشاركتهم في المسيرات السلمية، فيما استهدفت قناصة الاحتلال نحو (105) مواطنين، وباتوا ضمن فئة ذوي الاحتياجات الخاصة ممن بترت أطرافهم السفلية أو العلوية خلال مشاركتهم في المسيرات السلمية.
فيما قدمت الطواقم الطبية (3) شهداء، وهم: الشهيدة رزان النجار، والشهيد موسى أبو حسنين، والشهيد عبد الله القططي، فيما أصيب نحو (470) من الطواقم الطبية المختلفة، على الرغم من أن النقاط الطبية التي يتم استهدافها تبعد عن السلك الفاصل مسافة تزيد عن (500)، وقد تضرر أيضا (84) سيارة إسعاف، ومركبة طبية، نتيجة إطلاق الرصاص المباشر نحوها، أو استهدافها بقنابل الغاز بشكل مباشر.
واستشهد خلال المسيرات السلمية صحفيان، وهما: ياسر مرتجى، وأحمد أبو حسين، فيما أصيب نحو (263) صحفيا بجروح مختلفة، (140) منهم نتيجة الإصابة بالرصاص الحي والمعدني.
المجتمع الدولي شريكًا في جرائم الاحتلال
شارك المجتمع الدولي في جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، عبر صمته، على المجازر والدماء التي تحدث وتسال أسبوعيًا بواسطة أسلحة الجيش الإسرائيلي على حدود غزة، دون إجراءات فعلية على أرض الواقع تحمي المتظاهرين السلميين من شهية جنود الاحتلال لإراقة دمائهم، حيث لم تتجاوز ردود أفعال مجلس الأمن والأمم المتحدة حيز بيانات الإدانة والشجب بل وفي بعض الأحيان تقوم بمساواة الجاني بالمجني عليه عبر دعواتها للطرفين بضرورة ضبط النفس!.
مسيرات العودة تتخطى التحديات
تحدى الشعب الفلسطيني أسلحة الاحتلال وواجه نيرانها بصدور عارية متمسكًا بحقوقه التاريخية المشروعة، مبتكرًا أساليب جديدة، لمواجهة الجيش الإسرائيلي ومن خلفه المجتمع الدولي الصامت، وذلك عبر تأسيس وحدات "الطائرات والبالونات الحارقة" التي كبدت الاحتلال خسائر تجاوزت الـ15 مليون شيقل إسرائيلي وفقًا لوسائل الإعلام العبرية والبيانات الرسمية لحكومة الاحتلال، حيث ذكرت صحيفة معاريف العبرية بتاريخ 16 أكتوبر من العام الماضي، أن «وحدة البالونات الحارقة» المنبثقة من مسيرات العودة، نجحت في تكبيد الاحتلال خسائر قدرت بـ12 ألف دونم من محاصيل مستوطنات غلاف غزة، البالغ مساحتها نحو 22 ألف دونم، لافتة إلى أن الحرائق التي اندلعت في مستوطنات غلاف غزة، أتت على أكثر من نصف المحاصيل الزراعية للمستوطنين ونصف المحميات الطبيعية في هذه المستوطنات، لافتة إلي أن الحرائق التي تسببها طائرات ورقية وبالونات مذيلة بفتائل مشتعلة تطلق من قطاع غزة، اشعلت النيران في أكثر من 1100 موقع إسرائيلي في مستوطنات الغلاف على مدار الستة أشهر الماضية، ما تسبب هذه الخسائر الفادحة.
لم تقف ابداعات مسيرات العودة عند وحدة البالونات الحارقة، وأنما ابتكرت أيضًا وحدة "الأرباك الليلي" بهدف استنزاف جنود الاحتلال، كما أسست مسيرات العودة لوحدة "قص السياج الفاصل" ووحدة "الكاوتشوك" والتي تقوم بحرق إطارات السيارات للتشويش على قناصة الاحتلال، وغيرها من أشكال وكيانات نضالية أسسها متظاهرو مسيرات العودة من أجل انتزاع حقوقهم وتحرير أراضيهم.
الانقسام خنجرًا في خاصرة المتظاهرين
تزامنت نضالات الشعب الفلسطيني خلال فعاليات مسيرات العودة مع إجراءات السلطة الفلسطينية العقابية بحق قطاع غزة، والمتمثلة في مجازر الرواتب والحرمان من العلاج وغيرها من إجراءات عقابية صدحت حناجر الفصائل الفلسطينية للمطالبة بوقفها فورًا، دون استجابة من قبل السلطة التي تمادت في فرض العقوبات بدلًا من تعزيز صمود المتظاهرين، ضاربة عرض الحائط بدماء الشهداء التي تسيل من أجل كسر الحصار عن غزة، لتبدو وكأنها شريكة للحكومة الإسرائيلية في تحويل قطاع غزة إلي سجن كبير يعاني من الفقر والحرمان من العلاج والكهرباء والبطالة وغيرها من أساسيات الحياة.
في النهاية يتأهب آلاف المواطنين للمشاركة في فعاليات الجمعة القادمة من مسيرات العودة تحت شعار " الوحدة طريق الانتصار وافشال المؤامرات" كصرخة في وجه طرفي الانقسام للتأكيد على أن تنفيذ اتفاقيات المصالحة الفلسطينية ضرورة لا غنى عنها من أجل مواجهة المؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية وعلى رأسها "صفقة القرن"، لتظل مسيرات العودة تشبثًا بالحق.. وأحلام معلقة.