منذ أن أقدم رئيس سلطة الحكم المحدود في رام الله، محمود عباس، على إصدار "مرسوما خاصا" عبر محكمة "غير دستورية" بحل المجلس التشريعي، ولا تزال ردود الفعل الرافضة له، وهي غالبية فلسطينية سياسية وشعبية، مرتبكة رغم "شرعية" موقفها بكل جوانبه القانونية والدستورية أيضا.
ارتباك فعل المعارضين لـ "البلطجة القانونية" تكشف جوهر ضعف الموقف المعارض للمنهج العباسي، لانعدام الرؤية السياسية أولا، ولعدم التعامل الإيجابي بين مكونات تلك المعارضة، وكشف عملي لكيفية إدارة حماس علاقاتها مع الآخر، واعتقادها أنها تستطيع ان تقرر ما تراه مناسبا ما دام الآخرين يتفقون مع موقفها.
سلوك معارضي قرار عباس "غير الشرعي"، كشف فقرهم السياسي، وأن عيوبهم تمثل القاطرة الحقيقية التي يستخدمها "التيار العباسي" للسير قدما في كل ما هو متخالف مع "الوطنية الفلسطينية"، أهدافا وقانون.
منذ تمرير عباس لمرسومه الخطير على مستقبل المشروع الوطني، لم تعقد أطراف المعارضة السياسية لقاءا جادا واحدا لبحث تبعات ذلك القرار على مستقبل "الوطنية الفلسطينية" مشروعا وكيانا، واكتفت بتصريحات كثيرها "لغوي المضمون"، دون أن خطوة عملية واحدة.
ولعل حركة حماس بصفتها الحاكم الآمر في قطاع غزة، وأوسع أطراف المعارضة حضورا شعبيا ومؤسساتيا، تعاملت بـ "فوقية" مع الآخرين، وبدلا من الدعوة لعقد لقاءات طارئة لبحث عمل مشترك، لجأت الى ما هو سائد في سلوكها منذ أن قدمت لهم أمريكا وعباس "الهدية التاريخية" لفوز غير محسوب ابدا بانتخابات المجلس التشريعي عام 2006، سلوك التعالي السياسي على أي كان، غير "إخواني الانتماء والهوى".
وبلا أي دراسة أو مسؤولية قررت قيادة حماس أن تعمل على "نزع الشرعية عن محمود عباس"، كرئيس سلطة انتقالية، وبلا أي بحث في جوهر تلك الفكرة، التي تمثل تعبيرا مكثفا لـ "السذاجة السياسية"، كون المجلس التشريعي، حتى في ظل اكتمال الحضور الـ 130 عضوا وتصويتهم جميعا لسحب الثقة من رئيس السلطة سيكون قرارهم والعدم سواء.
خطوة حماس تلك، تحيل المعارضة لمرسوم عباس "غير الدستوري" لهزل سياسي، وتضعف من قوة الرفض والمعارضة لسلوك غير قانوني، وتمنح تيار عباس أوراقا لتعرية "خصومه".
مواجهة القرار غير الشرعي تحتاج أولا، ومن حماس قبل غيرها، الكف عن "السلوك الفوقاني"، وان تدعو لعقد لقاء لكل معارضي تلك الخطوة لبحث اشكال المواجهة، بكل أبعادها، بما يمثل رسالة سياسية جادة وحقيقية وليس رسائل هزلية تساهم في تمرير خطوات عباس اللا دستورية.
بالتأكيد، المسألة ليست بتلك البساطة التي تتصرف بها قيادة حماس، فإسقاط الحصانة عن رئاسة محمود عباس لا تأتي بجلسة لعدد من نواب التشريعي، بل بعمل جاد ومتواصل، وعبر برنامج متكامل متفق عليه مع كل معارضي المنهج العباسي، الذي يتسارع في معارضته لـ "الوطنية الفلسطينية".
قليل من الحكمة السياسية تمثل "كنزا سياسيا"...وعكسها صحيح جدا!
ملاحظة: ما كشفته أجهزة حماس الأمنية، عن اعتقالها 45 "متخابر" مع العدو بعد عملية خانيونس مؤشر خطير جدا لانتشار هذه الظاهرة لو صدقت الأرقام فعلا...ما تم الكشف عنه مصيبة تستحق الدراسة وليس إنجازا للمفخرة والتفاخر!
تنويه خاص: سقوط رامي الحمد الله ومن معه بالحكومة بات مسألة وقت...هل نشهد في مرحلة ما قبل الإسقاط "سلوكا حميدا" بعد مصائب السلوك الماضي...كل شيء ممكن، فرامي لن يرفع الراية البيضاء بسهولة كما يظن بعض "السذج".