منذ ان أعلن رئيس "سلطة حكم المقاطعة المحدود" في رام الله محمود عباس، "حربه ضد قطاع غزة"، من العاصمة البحرانية المنامة أبريل 2017، والخطوات تتسارع عبر مسلسل من الإجراءات التي تمس حياة الإنسان الغزي، بعيدا عن أي انتماء فصائلي، وهمي فصائل بكل مسمياتهم يمثلون أقلية من أهل القطاع.
حرب عباس وفصيله، استغلت ممارسات حركة حماس، وسلوكها السياسي – الأمني كغطاء للكل قرارتها، التي لم تعد سرية ابدأ، فهي باتت عنوانا لكل من يبحث "تقربا" من رأس المقاطعة، بعد أن أصبح الآمر الناهي أثر قرار محكمته الدستورية، بحل المجلس التشريعي دون وجه حق، أو لنقل بقرار مصاب بعمى نسبي لتركه رئاسة السلطة دون مساس رغم الارتباط القانوني في فعل الانتخابات.
بعض قيادات من تيار فتح (م 7)، في الضفة الغربية، أعلنت أنه حان الوقت لإسقاط حكم حماس في غزة، ولا بد من خطوات "غير مسبوقة" (عبارة استخدمها عباس لأول مرة في خطابه الحربي الشهير بالمنامة 2017)، وفتح الإعلام العباسي أبوابه لبث تلك الأقوال، كونها توجها رسميا يجب ان يكون السلوك العام سياسيا وإعلاميا لفصيل الرئيس عباس.
في يوم 6 يناير 2019، أقدمت قيادة تيار عباس في حركة فتح، على خطوة "غير ذكية" وتصريحات "غبية"، حيث أعلنت رسميا عن سحب موظفي سلطة رام الله من معبر رفح، في مؤشر لطلب رسمي من الشقيقة مصر بان تغلق المعبر، وتمارس دورا مساندا لها في الحرب على القطاع، (لا نعتقد أنها ستنفذ رغبة تيار ضارة).
وبالتوازي مع هذه الخطوة فاقدة المسؤولية، خرجت شخصيات مركزية من "تيار فتح العباسي"، لتعلن وبنص صريح، آنه ىن أوان اتخاذ خطوات عملية جريئة لإسقاط حكم حماس، وسلطة الأمر الواقع في قطاع غزة، في وقت أحالت وسائل إعلام سلطة رام الله، ومؤسساتها وكل من لف لفها قضية الجرم ضد مقر تلفزيون فلسطين في غزة، الى اعتبارها "أم القضايا"، تذكرنا بكيفية استخدام قطر وتركيا وأوساط أمريكية لمقتل السعودي الإخواني الخاشقجي.
ربما ينتظر غالبية أهل القطاع، فعلا سقوط حكم حماس بكل ما جلبه من مصائب سياسية وإنسانية، ولكن السؤال الأهم وقبل الحديث عن "الرغبات الخاصة"، كيف لفصيل شارك مع حماس في خلق كل ما هو كارثة سياسية بمسمى الانقسام، ثم التشارك في حكومات بأكثر من مناسبة بمسمى اتفاقات مصالحة، ووقع معه على وثيقة بيروت يناير عام 2017 لتطوير منظمة التحرير، ثم عقد مجلسا "وطنيا" وجهت الدعوات له ولكنه رفض الحضور مع قوى رئيسية فلسطينية أخرى تلك المهزلة المنسقة مع سلطات الاحتلال، ضمن مخطط تقزيم الممثل الرسمي الوحيد، ثم يتذكر فجأة ضرورة إسقاط حماس حكما وحضورا.
ولو تجاهلنا كل ذلك، وصدقت نوايا تيار عباس في حركة فتح، بأنه جاد جدا للعمل على اسقاط "الحكم الحمساوي"، فمن اين له "قوة قاهرة" قادرة على فعل ذلك، وحماس لم تعد فصيلا فحسب، بل بات لديها "جيش وقوى أمنية" مدربة جيدا، مع التذكير ان تيار عباس منذ عامين تقريبا حاصر أهل القطاع كما لم تحاصرهم دول الكيان.
تيار فتح العباسي، الذي يتشدق بتصريحات تثير "القرف السياسي"، يتناسى ما تركته خطواتهم العقابية ضد قطاع غزة، دون أن تتأثر حركة حماس مما فعلوا، بل أضاف هذا التيار لذلك علاقات مستهترة بالقوى الأساسية في منظمة التحرير، وقبلها أضاع هيبة اللجنة التنفيذية للمنظمة، بحيث لم تعد إطارا رسميا للعمل بقدر ما باتت اطارا للاستخدام السياسي ضد معارضي عباس.
من حق تيار فتح العباسي، العمل على اسقاط "حكم حماس" لو انه يستطيع، ولديه قوة شعبية وتماسك علاقات وطنية، وحضور فاعل متحدي للمحتلين في الضفة الغربية، بحيث تبقى "شعلة الانطلاقة الثورية" للحركة التي مرت ذكراها الـ 54 قبل أيام فقط، وليس تيارا ينسق كل خطواته مع العدو القومي.
ممارسات قيادة "تيار فتح العباسي" ضد قطاع غزة أولا، وفي الضفة الغربية ثانيا تكشف انها فقدت بوصلتها السياسية، ودخلت في حالة من "غيبوبة سياسية"، أكملها رئيسها بإعلانه تأجيل الوصول الى دولة فلسطينية 15 عاما، مع التبشير بحكم ذاتي ما، في بعض الضفة وتحت السيادة الإسرائيلية الكاملة، وكينونة سياسية في قطاع غزة...
لم يبق لذلك التيار سوى اعلان تحالف عسكري مع جيش الاحتلال لتحقيق "أمنية التيار الفتحاوي العباسي" بإسقاط حكم حماس "عير الشرعي"، ودون ذلك لا أمل بكم أو لكم من رؤية أمنيتكم تلك، ومبروك لكم "حكما شبه ذاتي" حيث أنتم، ولغزة "كينونتها" التي باتت مجهولة المصير!
ملاحظة: اعلان السفير الأمريكي في تل أبيب فريدمان بتأجيل "صفقة تراب الإقليمية" أشهرا، يكشف ان الخطة تسير وفق الموسيقى الإسرائيلية، خاصة مع تنفيذ مضمونها قبل الإعلان...أكيد أحدهم سيخرج ليكتب "انتصار المجاهد محمود"!
تنويه خاص: "تيار فتح العباسي" في قطاع غزة أعلن تأجيل مهرجانه في ذكرى انطلاقة الحركة، تحسبا لما سيكون، الغريب أن اعلام عباس الرسمي تجاهل كليا نشر بيان التأجيل، ليش شباب، شو كنتم محضرين بيانات وبرامج...!