بينما تتسابق «إسرائيل» نحو انتخابات مبكرة، لا أحد يتحدث عمّن يمكنه التصويت فيها.
وحتى الأسبوع الماضي، بدا أن الائتلاف سوف يصمد بأغلبيته الضئيلة. ولكن بعد عجز الكنيست عن التوصل إلى اتفاق حول مشروع قانون يتعلق بالتجنيد الإلزامي للمتشددين دينياً، وأهم من ذلك بكثير، بسبب معلومات مُسرّبة تفيد بأن وزارة العدل توصي بتوجيه الاتهام بالرشوة إلى نتنياهو، أعلن رئيس الوزراء يوم الاثنين أن «من الصعب جدّاً (تمرير قوانين)، وأننا في حاجة إلى انتخابات». وبذلك بات من المقرر إجراء الانتخابات الوطنية «الإسرائيلية» في 9 إبريل/ نيسان.
وتتركز معظم التغطية الإعلامية للانتخابات، الجارية على قدم وساق، في الاتهام المقبل لنتنياهو. فهل سيتمكن من تفادي المدعي العام حتى إبريل؟ وإذا أعيد انتخابه، هل سيحاول أن يجعل شركاءه في التحالف يمررون إجراءً يحظر مقاضاة رئيس وزراء مستمرٍّ في منصبه؟
ومن القضايا الانتخابية التي تجري مناقشتها، الزيادة المؤكدة التي سنشهدها في استرضاء المستوطنين. وقد بدأ نتنياهو بذلك بالفعل.
والغائب تماماً عن الحديث حول الانتخابات هو السكان الفلسطينيون الذين يعيشون تحت السيطرة «الإسرائيلية» من دون حقوق تصويت.
إن 20% من المواطنين «الإسرائيليين» فلسطينيون. وبإمكانهم التصويت في كل الانتخابات «الإسرائيلية»، ولديهم ممثلون في الكنيست. ولكن هؤلاء الفلسطينيين «الإسرائيليين» لا يشكلون إلاّ نحو ثلث الفلسطينيين الذين يعيشون تحت حكم «إسرائيل»، واحتلالها العسكري.
وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية «وحماس»، هما الحكومتان في الضفة الغربية وغزة، على التوالي، فإن «إسرائيل» هي التي في يدها الأمور عملياً. فهي تسيطر على الحدود، وعلى العملة، والمصرف المركزي. وهي تجمع الضرائب نيابة عن السلطة الفلسطينية، وتحتفظ بحق تنفيذ عمليات عسكرية على الأرض الفلسطينية.
في العام الماضي، لم توافق «إسرائيل» إلاّ على 54% فقط من طلبات سكان غزة السماح لهم بالسفر إلى خارج القطاع من أجل العلاج الطبي الأساسي.
و»إسرائيل» لا تسيطر على الحدود الخارجية للضفة الغربية فقط، بل على ما يجري في الداخل أيضاً. وبينما تدير السلطة الفلسطينية أموراً مثل مرافق الخدمات العامة، والبنية التحتية، فإن «إسرائيل» هي السلطة النهائية في معظم أنحاء الضفة الغربية. وتسيطر المجالس الإقليمية للمستوطنين «الإسرائيليين» على 40% من أراضي الضفة الغربية. وحتى في مناطق مثل رام الله، التي يفترض أنها تحت السيطرة التامة للسلطة الفلسطينية، تحتفظ «إسرائيل» بحق دخول المدينة في أي وقت، والقيام باعتقالات من دون إذن قضائي.
وقد استولت «إسرائيل» على القدس في عام 1967، وقامت بضمّها رسمياً، وبصورة غير شرعية عام 1980. ولعل المنطق الذي يترتب على ذلك، يقتضي أن تكون «إسرائيل» قد استوعبت فلسطينيي القدس الشرقية، الذين يبلغ عددهم الآن نحو 370 ألفاً، وجعلتهم مواطنين «إسرائيليين».
ولكن بدلاً من حمْل الجنسية، يحمل فلسطينيو القدس وضعية المقيمين الدائمين التي تسمح لهم بالتصويت في الانتخابات البلدية، وليس في الانتخابات الوطنية. وتكشف نظرة عن كثب، التلاعب الدقيق في التركيبة السكانية، لضمان وجود أغلبية يهودية لا تقل عن 70% في جميع الأوقات. ومن خلال سياسات مثل فرض ضرائب باهظة، والمطالبة بإثبات إقامة دائم، ورفض لمّ شمل العائلات، نجحت «إسرائيل» منذ عام 1967، في إلغاء إقامة 14595 فلسطينياً مقدسيّاً. وحالياً، يعمل المشرعون «الإسرائيليون» في الكنيست، الذين ما زالوا قلقين على التركيبة السكانية، على ضمّ ثلاث كتل استيطانية كبيرة تحيط بالقدس، لإدخال 140 ألف مستوطن «إسرائيلي» يهودي في نطاق البلدية، بينما يتم طرد السكان الفلسطينيين الحاليين.
وبينما نستمرّ في مشاهدة تمثيليات الاتهام والحملات الانتخابية لانتخابات 2019 «الإسرائيلية»، ونستمر في سماع الوسم السخيف ل»إسرائيل» بأنها دولة ديمقراطية، علينا ألا ننسى أن حق التصويت لا يُمنح إلاّ ل60% من مجموع السكان، وثلث الفلسطينيين فقط، الذين يعيشون تحت الحكم «الإسرائيلي».
* المديرة المشاركة لمنظمة «كودبينْك»، ومديرة حملات المنظمة من أجل حقوق الفلسطينيين. موقع: «كومون دريمز»
الخليج الإماراتية