بدأت "أجراس الفرح" تدق في مقر الرئيس محمود عباس، المعروف باسم "المقاطعة"، استعدادًا لوصول الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوليو 2022، ببيان ترحيبي وهو سابقة فريدة، في زيارة هي الخامسة لرئيس أمريكي منذ تأسيس السلطة الفلسطينية، عندما افتتح الرئيس بيل كلينتون مطار قطاع غزة 1998، زيارة سجلت حضورًا سياسيًا، مهد الطريق لإسقاط حكومة نتنياهو بعدما رفضت تطبيق "تفاهم واي ريفير".
بالتأكيد، لا مقارنة أبدًا بين زيارة 1998 وزيارة 2022، فالفارق بينهما هو فارق حال السلطة الوطنية في حينه بقيادة الخالد المؤسس ياسر عرفات، مع "بقايا سلطة" مبعثرة الأوصال في الضفة وخالية من الحضور في قسمها الذي كان لها جنوبًا، قبل أن يخرج ليقيم حكمًا "مستقلًا" خاًصا بحركة جماعة الإخوان "حماس"، كرأس حربة ينتظر استبدال واقع بواقع.
المشهد القائم لـ " سلطة مبعثرة"، سيكون الحاضر الأبرز في لقاء الرئيس بايدن مع الرئيس عباس وفريقه، ولذا مسبقًا ستكون النتائج بمقاس القائم، الذي ارتضته الرسمية الفلسطينية واقعًا، ومن الممكن تقدير ما سيكون ثمنًا سياسيًا، أو "رشاوي سياسية" مقابل "أهداف سياسية.
قضية "قنصلية القدس الشرقية"، المفتاح الذهبي الذي سيتلاعب به الطرف الأمريكي مع الرسمية الفلسطينية، باعتبارها تبحث عن "مكسب ما" تستطيع أن تخرج به للفلسطيني، تسد به عوارًا شاملًا أصابها، مترافًقا مع بعض وعود "مالية" خاصة بالبعد الإنساني – الاجتماعي، تبدو وكأنها إعادة قناة الدعم المالي المتوقف للسلطة عدا جهاز مخابراتها، كونه يقدم "خدمات جليلة" تستحق المقابل.
أمريكا في لقاء بايدن، ستعيد التأكيد على "حل دولتين" وهمي المضمون مكذبي التنفيذ، مع حديث عن رفض القيام بـ "خطوات أحادية الجانب من أي طرف كان"، وهنا ندخل إلى بيت القصيد الأمريكي، الذي له ومن أجله سيكون "رذاذ الرشوة".
أمريكا، ستبيع للرسمية الفلسطينية كلامًا مقابل مواقف يجب تنفيذها، تبدأ من "عدم القيام بخطوات أحادية"، أي منع الذهاب إلى تنفيذ قرارات المجلس المركزي التي أصابها فقر دم سياسي بعد مرور 7 سنوات، دون أن ترى النور، رغم غضب الرئيس عباس مرارًا وتكرارًا وتهديدًا، كلما شعر بإهمال من هذا الطرف أو ذاك، خاصة "آل واشنطن".
أمريكا ستفرض على الرئيس عباس وفريقه، وبالتالي على بقايا السلطة الرسمية، قضايا محددة منها، منع تعليق الاعتراف المتبادل الذي يمثل سلاحًا هامًا، ومعه وقف إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال، وفقا لقرار 19/ 67 لعام 2012، الذي يمثل النقطة المركزية في قلب الطاولة السياسية للمشهد العام، ويعيد الفلسطيني كرأس حربة كفاحي ضد عدو قومي، ويربك كليا المشروع التوراتي التهويدي، بل سيكسر البعد الانفصالي الذي يترسخ في قطاع غزة، ويحاصر "نزوع حماس" السلطوي الخاص.
منع إعلان دولة فلسطين، مقابل وهم تأييد "حل دولتين" سيسارع في حركة دولاب "التهويدية والانفصالية"، باعتبارهما الأداة المركزية لحصار قيام دولة فلسطين، وخلق واقع مقدسي بدأت عناصره في التكوين لبناء "حلم الهيكل"، ليصبح أي حل ما قادم ينطلق من "واقع البناء القائم"، وليس مما كان قائما قبل عام 2004.
أمريكا، لم توافق على حضور بايدن دون أن يضمن مسبقا "الثمن المطلوب دفعه فلسطينيا"، ولذا ليس مفاجئا أبدا، ان يتوقف الرئيس عباس وفرقته الخاصة عن "التهديد المفاجئ" الذي انتابهم، واعتقد كل من قرأ وسمع أن "انفجارا زلزاليا سيكون"، بعدما أكدوا مرارا أنهم لن يقبلوا ولن يسمحوا باستمرار الوضع القائم، حتى بات الأمر الفلسطيني ينتظر مرسوم "المواجهة الكبرى" مع دولة الفصل العنصري"، تعيد لفلسطين الوطن – القضية والشعب روحا غابت طوال 18 عاما، منذ استشهاد – اغتيال القائد العام للثورة والمشروع الوطني أبو عمار.
"رشاوي زيارة بايدن" ورذاذها سيكون مقبرة لدولة فلسطين رسميًا، ونهاية لكل المطالب التي كانت جزءا من كفاح شعب...وفتح باب توسعة "البعثرة الكيانية"، أي كانت مسمياتها.
"بعد زيارة بايدن" لن يكون كما قبلها، ما لم تكسر حركة فتح، وليس "السلطة المبعثرة"، ركائز المخطط القادم، حماية لما انطلقت من أجله، وقطع الطريق على مشروع مركب الهدف والأدوات، ملامحه تطل بقوة شمالًا وجنوبًا غربًا وشرقًا.