كان من بين المساويء الكثيرة، للتفجير الذي اعترض موكب رامي الحمد الله وماجد فرج؛ التشويش المتعمد، على رؤية الشخصيْن اللذين من المفترض أن التفجير يستهدفهما، لحجم الغضب وعمق الجرح المرافق لحياة وأوقات الشعب الفلسطيني في غزة وفي غير غزة، من جراء الأدوار التي يضطلع بهما هذان الصغيران المتنفذان في السلطة الفلسطينية، ومن ورائهما عباس.
سنفترض أن الأيدي التي تقف وراء التفجير، كانت تستهدف هذين الشخصين حقاً؛ عندئذٍ لا بد من الجزم إنها أيدي أغبياء أو موتورين، بحكم أن الشعب الفلسطيني لديه من التقاليد ما يصلح لأن يكون قاعدة تُقاس عليها الأعمال، وتنشأ على أساسها المشاعر. فلا يحترم الفلسطينيون من يستخدم العنف والقتل في الخلافات الداخلية، ولعل هذه كانت سقطة حماس في العام 2007 . فقد ظلت خطايا القتل تلاحقها، وتكبر أو تتورم في الوجدان الشعبي، ولم تنجح أطنان الكلام من فوق منابر المساجد، في تغيير قناعات الناس في انعدام التقوى لدى كل قاتل، وبخاصة ذلك القاتل الذي يلاحق الجريح، باسم التمكين الإلهي، حتى وصوله الى المشفى لكي يُجهز عليه، أو يهاجم مناضلاً ورب أسرة وهو في بيته وبين أسرته، لكي يقتله بالتجزئة، على مسمع من الشعب، كأنه يؤدي فقرة كوميدية من مسرحية هزلية!
الرجلان اللذان يُفترض أنهما مستهدفان، وقد جاءا يمثلان حكومة ورئاسة، لا يختلف اثنان في فلسطين وشتاتها، على كونهما تلعبان أدواراً في غاية القبح والنذالة. فلن تثنينا العاطفة عن المجاهرة بهذا التقييم في أية لحظة. وبالطبع ليس معنى ذلك أن المفخخات المتفجرة هي الحل. فلو قلنا أن فرح والحمد الله، يستحقان استقبالاً بالبيض الفاسد في غزة، لما كنا ابتعدنا عن الصواب. وربما بسبب شُح البيض الفاسد في غزة، وعدم قناعة الناس برمزيته الاحتجاجية؛ كان الرجم بفتات الحجارة، هو الوسيلة المعقوله، لكن سفالة الذين فخخوا وفجروا، عطلت على الناس هذا الشكل من الاحتجاج، وشوشت على الحمد وفرج، الرؤية الصحيحة لوجهيهما في مرآة الضفة وغزة وشتات فلسطين!
لسنا في هذه السطور، بصدد تقديم جرد يُعدد الممارسات التي آذت فلسطين ونظامها السياسي وشعبها ومؤسساتها، بأفاعيل الرجلين المستهدفين، وهي أفاعيل لا تزال جارية، ويقوم عليها في كل ساعة دليل. ولو افترضنا أن من دسوا المتفجرة لموكبهما، هم من الكارهين، وليس من التابعين والعسس التنسيقي، بهدف أن تنشأ للشخصين المأزومْين لقطة بطولية، تستحث التعاطف، وتنشأ لحماس ذميمة أمنية تستحق نزع سلاحها؛ فإن هؤلاء الكارهين عندئذٍ، لا يخدمون أية قضية، هذا إن لم يكونوا قد فعلوا ذلك لتأجيج النزاعات الداخلية، على النحو الذي يريده عباس الذي يرى الفتنة هي الوسيلة الوحيدة المتاحة لكي يترحم الناس على مرحلته السوداء!
العجيب، أن رامي الحمد الله، وهو بطبيعته رجل مأزوم وكيدي وفاسد؛ يأتي الى غزة بغير داع، ويُجهّز لنفسه موكباً يتواضع أمامه موكب الأمين العام للأمم المتحدة أو الرئيس الفرنسي. وعندما يفتش الناس عن سبب للزيارة، ذي علاقة بمحنة الناس في معاشاها وفي حرمانها من الخدمات؛ تجد أن المسألة تتعلق بمعمل لمعالجة المياه العادمة، أو تنقيتها من الأدران لكي لا تكون سبباً في أمراض متفشية، وبالطبع، لا فضل لحكومة المذكور في إنشاء المعمل. فلو كانت كلفة المعمل في يده، لكان الأجدر هو استيراد دفعة جديدة من سيارات الدفع الرباعي للمرافقين وللعسس. فالحمد الله، يحاول استهبال الناس، عندما يقف بعد قص الشريط ليتحدث بكل وقاحة، عن جهوده الجبارة في إسعاد غزة وتوفير الخدمات لها وإنصافها ومراعاة مصالح السكان وتأمين احتياجاتهم.
كان هذا الاستهبال، يستحق بيضة فاسدة تنفجر في وجهه، وليس مفخخة مشبوهة وحقيرة، تساعد على تشويش الرؤية وخلط الأوراق وحرف البوصلة. وهنا تكمن الأهمية في إجراء تحقيق وطني مهني ونزيه، لمعرفة من هم هؤلاء الذين افتعلوا تفجيراً ظاهره استهداف الحمد الله وغايته التسهيل له ولفرج فيما يسعيان!