نحن كشعب فلسطيني تعودنا منذ نكبتنا في 1948 وبعد نكستنا في 1967 وتوالت علينا جرائم الاحتلال بالقتل والكسر والتنكيل داخل بيوتنا ثم الحروب الإجرامية التي دمرت كل أحلامنا ولا تزال جرائم الاحتلال في القدس والضفة الغربية تعربد إجراما قاتلة للإنسان ومبتلعة أرضه ومعتقلة للنساء وسحلهم قبل الرجال، وفي غزة تقتلنا في البحر والسهل وفي بيوتنا بين أطفالنا بل ونحن نيام في فراشنا.
كل ما يحدث لنا رغم كل التجارب القاسية التي مرت علينا ونمر بها حتى يومنا هذا، إلا أننا لم نغير نهجنا الهزيل في مناشدة الغير وبقينا نقول ونصرخ ياعرب وأين أنتم وتوسلنا بما أضاع هيبتنا وكرامتنا حتى وصلنا إلى أننا تم بيعنا لأعدائنا دون ثمن.
ولم يكن للشعب وفصائله أي دور خاص يهتم بالاعتماد على النفس.. وحقيقة أن المقاومة لم تقصر وأبدعت في كسر هيبة الاحتلال وأبهرت العالم في إظهار الصورة المشرفة للمقاومة الفلسطينية، لكن هناك تقصيرا عند المقاومة والسلطة والشعب .
الشعب في غزة من حقه أن يعترض وينتقد كل الخدمات التي هي موجودة من أجله، لكنه أصبح جبانا لا يستطيع أن ينطق بكلمة لأنه سيعاقب إما بقطع راتبه أو عقاب بصوره المختلفة. ونتيجة لهذا السلوك ضد الشعب أصبح الشعب مبرمجا على سلوك "وأنا مالي. "
وأصبحنا لا نصرخ إلا إذا ضرب الألم عظام مفاصلنا عندما يكون الداء قد استفحل في كل أجزائنا ونبدأ بكيل الاتهامات التي تذهب أدراج الرياح ولا تصل إلى أي أذن من الأذن المسدودة عن صوت الشعب.
المهم قبل كل ذلك، الجميع يعلم أن غزة ستغرق ونحن نمر في شوارعها وأزقتها ونسكت ولا نتكلم، وفي الحقيقة أننا ننتظر من يتكلم عنا لأن كلنا نقول وأنا مالي غيري يتكلم. لكن لو كانت لجنان الحي أحياء وسمح لها أن تقول أكيد أنها ستقول وتقول وتنتقد وتتوجه بالشكاوى إلى الجهات المسؤولة، لكننا في وطن يقول فيه المسؤول للجائعين :"صحيح ما تكسر ومكسور ما تأكل وكل لما تشبع من رغيف الخبز".
فلا تخفوا تقصيركم وإهمالكم للشعب وراء الاحتلال مع الجزم والتأكيد على أنه سبب ضياع الشعب الفلسطيني وتشتته، لكن دوركم أيها المسؤولون أن تساندوا الشعب المنكوب والمقهور في كل مراحل عمره حتى أصبح لا يجد من يضمن له أدنى متطلبات البقاء وأقل القليل من مقومات الحياة الكريمة. فلا تعلقوا كل شيء على الاحتلال، انشروا العدل وكونوا على مسافة واحدة من جميع الشعب، اليوم نحن في الدنيا وغدا سنكون جميعا في دار الحساب.