د. أحمد عوض
الكوفية:سيكون لدينا هذا العام ثلاث حكومات جديدة ، الاولى امريكية سيكون من اولى مهامها ترميم الخراب الذي الذي تركه ترامب و مداواة الجراح التي لحقت بقلب و جسد الامة الامريكية على خلفية العنصرية و خطاب الكراهية و انتشار البطالة و تركز الثروات بايدي قلة قليلة ، و الثانية اسرائيلية ، و هي حكومة قلقة و غير مستقرة ، و قد تتشكل بصعوبة بالغة نتيجة الجدل و الشروخ الاخذة في الازدياد بين اطياف المجتمع الاسرائيلي الاثنية و السياسية ، و هي حكومة يمينية و متطرفة و لن تتخلى عن هدايا ترامب المجانية ، و هي تستطيع احباط او التشويش على ادارة بايدن ، تماما كما فعلت مع ادارة اوباما لمدة ثمانية سنوات متتالية ، اما الثالثة فهي حكومة فلسطينية ، تاتي على خلفية نتائج الانتخابات التي ندخل اجواءها منذ الان ، و هي حكومة ستلقى عليها اعباء كثيرة و ثقيلة ، فهي ستواجه موجة تطبيع عالية ، و قد لا تحظى بالاعتراف السريع او السلس ، و قد تواجه بانفحارات سياسية او امنية ، و قد تحاصر ، و قد يطلب منها ان تدخل ممرا اجباريا من مفاوضات بلا نهاية او بدون اطر .
الحكومات الثلاث الجديدة التي تتشكل تباعا هذا العام ، هي حكومات مثقلة بالمهام و الازمات الداخلية و مثقلة باستحقاقات صعبة ، فهل تستطيع هذه الحكومات ان تقدم شيئا لعملية التسوية للصراع الفلسطيني الاسرائيلي !
برأيي المتواضع فان ادارة بايدن لن تتجاوز مسالة تخفيض التوتر بين الفلسطينيين و الاسرائيليين من خلال احداث ضجيج كبير حول الاستعداد و التهيئة لمفاوضات قد تشارك فيها اطراف دولية بشكل رمزي لارضاء الفلسطينيين بان ما يطلبونه من كسر الاحتكار الامريكي للمفاوضات قد تم تحقيقه .
و اعتقد ان هذا سيترافق مع تقديم حزمة حوافز اقتصادية للفلسطينيين ، و اشغالهم بضرورة ترتيب البيت الفلسطيني حسب شروط دولية ، و هي مسألة قد تاخذ كثيرا من الاخذ و الرد ، هذا من جهة الفلسطينيين ، اما من جهة الاسرائيليين ، فان ادارة بايدن _ التي يشارك فيها يهود كثيرون بمناصب عالية _ قد تتوقف عن منح اسرائيل هدايا مجانية ، و قد تطلب منها ان تجمد الاستيطان ، و قد تطلب منها ان تتفاوض مع الفلسطينيين ، و لكن ذلك ايضا لن يتم دون ان يطلب من الفلسطينيين دفع المقابل .
برأيي ان ادارة بايدن لن تتبنى خطة ترامب للتسوية و لن تشجعها ايضا و لكنها لن تعود عنها او تلغيها، كما ان اسرائيل و ان جمدت او اجلت صفقة القرن لاعتبارات تكتيكية الا انها تطبقها على الارض دون ان تطلق عليها اسما، اسرائيل تقوم عمليا بانهاء الامكانية لاقامة دولة فلسطينية من خلال تكريس الاستيطان بشكل يغير المكان تماما و تعمل على تغيير ديموغرافي يحمل رسائل سياسية و امنية تجب قراءتها بشكل سريع و دقيق .
ان هذه الاهداف الواضحة التي لا يمكن لعاقل ان يتجاهلها يعني ان حكومات اسرائيل تعمل من اجل تحقيق تلك الاهداف بغض النظر عن ساكن البيت الابيض .
سيقول قائل ان الديموقراطيين يعتقدون ان على اسرائيل الدخول في تسوية ما مع الفلسطينيين لضمان ديموقراطيتها و امنها، و لهذا فان مواجهات لينة او حادة قد تنشأ بين ادارة بايدن و اسرائيل، و حتى لو كان ذلك صحيحا، و هو ربما صحيح بسبب تزايد ما يسمى بالتقدميين و اليساريين في الحزب الديموقراطي، و لكن، و رغم صحة ذلك او عدمه، فان اسرائيل تجاوزت فكرة التسوية على اساس الانسحاب من ارض فلسطينية محتلة .
هذا العام، كل ما قد نشهده هو حوافز و تسهيلات و وعد بالتفاوض على مواضيع نعرف الى حد كبير نتائجها .