اليوم الجمعة 29 مارس 2024م
بث مباشر.. تطورات اليوم الـ 175 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية الصحة: الاحتلال ارتكب 7 مجازر ضد العائلات في غزة راح ضحيتها 71 شهيدا و112 مصاباالكوفية 20 شهيدا بينهم أطفال ونساء بقصف إسرائيلي شرق مدينة غزة وغربهاالكوفية طيران الاحتلال المروحي يطلق النار بشكل مكثف غرب خان يونس جنوب القطاعالكوفية شهيدان ومصابون جراء استهداف الاحتلال وسط بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونسالكوفية طائرات الاحتلال دمرت 21 برجًا سكنيًا من أصل 24 في مدينة الأسرى شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية يديعوت: واشنطن فقدت الثقة بقدرة نتنياهوالكوفية بملايين الشواقل.. سيارات مضادة للرصاص لأمن مستوطنات الشمالالكوفية جيش الاحتلال يكشف عن إصابات جديدة في صفوفهالكوفية مسيرات ووقفات حاشدة في الأردن تنديدا بالعدوان المتواصل على شعبناالكوفية «التعاون الإسلامي» ترحب بالتدابير الاحترازية الجديدة من محكمة العدل الدوليةالكوفية 10 شهداء على الأقل جراء غارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة السنافور شرقي غزةالكوفية الخارجية: إصدار "العدل الدولية" تدابير جديدة فتوى قانونية لتمرد إسرائيل التاريخي على الشرعيات الدوليةالكوفية الإعلام الحكومي: 17 شهيدا بمجزرتين استهدفتا الشرطةالكوفية بالأرقام| «الإعلام الحكومي» ينشر تحديثا لأهم إحصائيات عدوان الاحتلال على غزةالكوفية الأعور: الإعلام العبري يؤكد أن «نتنياهو» هو من يعطل إتمام صفقة تبادلالكوفية ياغي: مخطط الولايات المتحدة إرسال قوات حفظ سلام يستبق اليوم التالي من الحرب على غزةالكوفية مراسلنا: 8 شهداء ومفقودين جراء استهداف الاحتلال منزلا لعائلة موسى في المحافظة الوسطىالكوفية مراسلنا: شهيدة ومصابون جراء قصف الاحتلال مسجد سعد بن أبي وقاص في مخيم جبالياالكوفية مروحية الاحتلال تطلق النار نحو المواطنين ومنازلهم شرق قطاع غزةالكوفية

نهر الجنون

13:13 - 29 نوفمبر - 2020
عادل درويش
الكوفية:

مع اقتراب نهاية أحد أكثر الأعوام تحدياً في التاريخ، أتساءل عما إذا كانت رحلة الفكر التي مرت بمحطات كعصر النهضة، وعصري العقل والتنوير، قد تجاوزت ثمارها مرحلة النضج إلى مرحلة التعفن مع الأجيال الجديدة؟

ما حدث أثناء وبعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وتخبط الحكومات، ديمقراطية وغير ديمقراطية، في التعامل مع وباء «كوفيد - 19 المستجد»، وتصرفات لا منطقية من أكثر المواطنين حظاً في التعليم، وتراجع حرية التعبير، على سبيل المثال لا الحصر، لا تشير بإجابة مطمئنة لسؤالنا الافتتاحي.

وهذا يقودنا لسؤال آخر: هل التجربة الشخصية للأفراد، تدفعهم لتجاهل الحقائق العلمية في التعامل مع المواقف، ومع الآخرين، متراجعين إلى ما قبل عصر النهضة، وما قبل الفلسفة والفكر النقدي، وتتحول إنجازات العلم الحديث إلى مجرد أداة تحاول طمس الحقيقة، بدلاً من البحث عنها كجوهر فلسفة عصر العقل؟

ورغم تداخل تواريخ العصرين، فإنهما يمثلان مفهومين متميزين في تطور الفكر الإنساني، وإن أكملا بعضهما البعض. عصر التنوير، كنتيجة التطور لعصر النهضة، والثورة العلمية في الرياضيات، والفيزياء والفلك، خصوصاً أعمال رينيه ديكارت (1596-1650) في الرياضيات والفلسفة، مما جعل كثيرين يعتبرونه بداية العصر، وليس تقدير المؤرخين والمفكرين الفرنسيين أن التنوير كان بين 1715 و1789، أي ما بين الثورة الفرنسية ووفاة لويس الرابع عشر (1638-1715)، ويميل الكثيرون إلى قبول التواريخ الفرنسية بسبب الأثر الهائل للفلسفة والفكر الفرنسي. لكن الاتفاق أن مفكري العصر أتموا مهمتهم مع نهاية القرن الـ 18 وبداية القرن الـ 19. عصر العقل، تسلم مقود التقدم الإنساني من عصر التنوير، أي بدأ بالتطبيقات العملية والفلسفية للتنوير. والاسم «عصر العقل» (الترجمة الأقرب لـ«age of reason») عنوان كتاب صدر في أجزاء ما بين 1794 و1807، للفيلسوف والمنظّر السياسي والمفكر الإنجليزي المولد الأميركي الجنسية توماس بِن (1737-1809) ومؤلف «حقوق الإنسان» الصادر في 1791.

عصرا التنوير والعقل لا شك انطلقا من أوروبا، ولم يصلا إلى جنوب المتوسط والمشرق، حتى مقدم نابليون بونابرت في 1798، وبدأ التنوير الحقيقي في منتصف القرن التاسع عشر في مصر ببنيان وتأسيسات محمد علي باشا في كل المجالات.

أي دارس لتاريخ الفترة يدرك نوعية القوى التي حاولت عرقلة حركة التنوير وفلسفة العقل التي بدأتها مدارس محمد علي وأولاده والخديو إسماعيل في مصر، كمقاومة الدولة العثمانية لأي إصلاح تنويري، وتوجس المؤسسات الدينية من الحداثة، وكذلك الحركات القومية التي شاركتها هذه المخاوف، بحجة أن التنوير الأوروبي سيأتي ببدع وتطورات لا دينية.

لكن ما هو سبب تراجع حركتي التنوير وفلسفة عصر العقل في أوروبا وأميركا اليوم، اللتين يتضاءل فيهما دور المؤسسات الدينية، وتغيب عنهما أنظمة الحكم المتخلفة التي حاولت وأد حركة التنوير المصرية في القرنين الماضيين؟

كيف تفسر مثلاً تردي المستوى الصحافي، وشبه غياب المنطق في بريطانيا، حيث يدور الجدل حول الإجراءات التي تتخذها حكومة بوريس جونسون لمحاصرة انتشار وباء «كورونا» المهلك؟

قد نفهم رفض قرابة 60 من نواب الحكومة لإجراءات العزل، وغلق الحانات في دوائرهم الانتخابية، لأسباب اقتصادية تنعكس على شعبيتهم المحلية، أو لأسباب آيديولوجية (الليبرتريون libertarians الرافضون تدخل الحكومة في الحياة اليومية للفرد واختياراته)، لكن كيف تفسر مواقف المعلقين والصحافيين، خصوصاً ومعظمهم خريجو أكسفورد وكمبريدج، وكتاباتهم وأسئلتهم لوزير الصحة ورئيس الوزراء تعطي الانطباع بأن الفيروس شخص عاقل، وبقدرة الحكومة التعامل معه وإخضاعه لأوامرها؟

وكيف تفسر موقف رئيس الحكومة جونسون نفسه، وانتقاله من المعسكر «الليبرتاري» إلى معسكر الاحتراس الوقائي، وفرض القيود على التحركات، وإغلاق الاقتصاد، ومحاولة دعمه على النموذج الاشتراكي؟

التجربة الشخصية؟

كاد «كوفيد - 19» يفتك بجونسون، ونقله للعناية المركزة في المستشفى، فاتبع القول الفلكلوري الإنجليزي «من قرص مرة يصبح خجولاً دائماً».

وماذا عن غياب العقل الجمعي لمؤسسات بأكملها، لتعود بمكاسب الفكر الإنساني إلى ظلمات ما قبل عصر النهضة، وشطب إنجازات العقل والعلم بالخضوع لما يعتقد الغوغاء أنه الصواب؟

خذ مثلاً مؤسسات كـ«غوغل» و«تويتر» و«فيسبوك»، ربع قرن فقط بعد أن رحب أصحاب العقول المستنيرة بانطلاق الإنترنت، وشبهناها وقتها باختراع غوتنبرغ للطباعة في 1452، التي مكنت العامة من قراءة ما ظل حكراً على أقلية حاكمة ورجال الدين. استبشر الإصلاحيون بانطلاق الإنترنت، لتتجاوز المعرفة رقابة الأنظمة الديكتاتورية الشمولية القمعية. وإذا حاولت اليوم وضع تغريدة أو «بوست» تشكك في الادعاء بأن التغير المناخي سببه النشاط الصناعي الغربي، أو تشرح أن تصنيع أجزاء وبطاريات سيارة كهربائية واحدة، سيسبب تلوثاً للبيئة مماثلاً لأثر رحلة لمسافة 93 ألف كيلومتر بمحرك احتراق داخلي، أو تتساءل عن سير الانتخابات الأميركية، أو عن احتمال آثار جانبية للأمصال لم تعلن عنها شركات الأدوية؛ «تويتر» و«فيسبوك» ستحجبان عباراتك، وترسلان تحذيرات.

إجراءات «فيسبوك» تشبه وصول اختراع غوتنبرغ إلى الأستانة في نهاية القرن الخامس عشر (مع الإسبان النازحين من اضطهاد فريدناند وإيزابيلا)، واشتراط السلطان بيازيد الثاني (1447-1512) أن تقتصر الطباعة على اللغات الأوروبية والعبرية لليهود، وعدم صدور أي كتب باللغتين العربية والتركية، ولم يطبع أول كتاب بالتركية إلا في 1729 في نهاية العصر البنفسجي (1703-1730) بقرار من السلطان أحمد الثالث (1673-1736).

شاعر البلاط الملكي الراحل تيد هيوز (1930-1998)، وأحد أهم مطوري الأدب الإنجليزي في القرن العشرين، مهدد اليوم بـ«الإيريزيه» (erasing) (الشطب)، إرضاء للحركة الراديكالية «أرواح السود مهمة»، للاعتقاد أن أحد أسلافه استغل تجارة العبيد قبل 400 عام.

هيوز أدرج خطأ في ملف مناهض للعبودية تعده المكتبة البريطانية، التي طور كارل ماركس فلسفته في قاعتها؛ أما الجامعات التي اكتشف فيها فليمنغ البنسلين، ونيوتن قانون الجاذبية، وشهدت مبارزات الأفكار بين العباقرة، فتمارس «اللامنبرة» (الحرمان من منبر التعبير - no-platform) ضد أي بروفسور ناقش مع طلابه أن المتحول جنسياً إلى امرأة يظل ذكراً بتركيبة الكروموزومات، أو ربما عشيقة الجد الأكبر لحماته كان لديها عبيد. هل لأن التعرض للاضطهاد العنصري لأقليات في إدارات الجامعات وضع غشاوة التجربة الشخصية على عدسة قراءة ثلاثة قرون من سنوات التنوير؟ أم أن الجميع، مثل مسرحية توفيق الحكيم (1898-1987) شربوا من نهر الجنون ما عدا الملك ووزيره؛ وبعد حوارهما، يشرب من النهر، فما معنى عقل واحد في عالم بلا عقول؟

"الشرق الأوسط"

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق