لا أحد يستطيع التشكيك بأهلية وصلابة وقدرة الشعب الفلسطيني الذي سطر أكبر ملاحم الصمود والتحدي في وجه الهجمة الاستعمارية العنصرية الصهيونية التي استهدفته ولا زالت منذ قرن ونيف وقدم خلالها و فيها التضحيات الجسام من شهداء واسرى وجرحى بمئات الآلاف من خيرة ابنائه ولازال قادر على تقديم كل اشكال التضحيات من اجل نيل حقوقه الوطنية المشروعة في وطنه بدءا من حقه في العودة والمساواة وصولا الى حقه في الحرية والوحدة والاستقلال وبناء الدولة المستقلة وتحقيق الرفاه والفرح والحياة اسوة بكل شعوب الأرض ، فلا تنقصه المشروعية ، لا التاريخية ولا الإنسانية ولا السياسية ولا القانونية ، فقد اثبت على مدى عقود الصراع أنه جدير بهذه الحقوق ،وهنا في هذا المجال اتذكر قول حكيم افريقيا وأول رئيس لجمهورية السنغال ليوبولد سيدر سنغور في حديث له عن ازمات الدول الحديثة الاستقلال في افريقيا وذلك في صيف عام1980م ... حيث قال ان (ان الدول الحديثة الاستقلال في إفريقيا تواجه ازمات متعددة ومختلفة من الصحة والمرض والفقر والتعليم والسكن والبناء ...الى صناعة الشعب والأمة وتحقيق الوحدة المجتمعية الى النهوض بمختلف ميادين الحياة .... الى آخره من مواجهة الازمات الناتجة عن مخلفات الاستعمار ... مردفا قوله إلا ان هناك دولة وحيدة وفريدة في العالم سوف تولد و تقوم وتنشأ مستقبلا ولن تعاني من مثل هذه المشاكل والأزمات وهي الدولة الفلسطينية المستقلة .. والسبب يكمن في صلابة و وحدة الشعب الفلسطيني ودرجة التعليم التي تميز بها هذا الشعب وقدرته وحيويته وخبرته في شؤون الإدارة والسياسة حيث ابرز وافرز الشعب الفلسطيني قدرات متميزة ونوعية سواء في صموده وكفاحه داخل وطنه أو خارجه و قد ساهم في بناء ونهضة أكثر من دولة في المنطقة .. وحيث وجد الإنسان الفلسطيني كان عنوانا للنجاح والتميز.
اسوق هذه الشهادة لرجل خبر الحياة وخبر صناعة الدولة وصناعة السياسة وشاعر وصاحب حكمة معروف ..على المستوى العالمي وهي تعكس حقيقة الشعب الفلسطيني التي لا يختلف بشأنها كافة العارفين بحقيقة الشعب الفلسطيني الجدير بالحياة وصناعة الدولة والاستقلال و جدير بحقه في المشاركة بإدارة احواله في كل الظروف الصعبة و من حقه ان يستشار بل ان يشارك قياداته ومؤسساته في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بحياته ومستقبله والمتعلقة بكافة حقوقه التي يناضل من أجل انتزاعها ولا يجوز اختزاله بفرد وبمجموعة من الأفراد او غيرها..
الشعب الفلسطيني الذي يربو تعداده اليوم على ثلاثة عشر مليون إنسان من حقهم ان يكونوا شركاء في اتخاذ المواقف والقرارات المصيرية والهامة ولا يجوز ان تفرض عليهم المواقف القرارات المصيرية من أي فرد مهما علا شأنه دون الرجوع الى الشعب والى مؤسساته التمثيلية والقيادية وهيئاته الاستشارية ونخبه المختلفة القادرة على تحديد الصواب وتحديد النافع والضار فيما هو يخوض صراعا مريرا على مستويات وجبهات مختلفة مع كيان استعماري عنصري توسعي يحظى بدعم مطلق من القوى الاستعمارية والفاشية ..
إن حسن ادارة الصراع تقتضي ان يكون الشعب بكل مكوناته شريكا في صناعة القرارات والمواقف المفصلية والهامة والتي يكون تأثيرها وانعكاسها عليه شاملا..
بناء على ذلك لا يجوز ان يدار الشعب الفلسطيني بالشيفرة او عن بعد بالريموت كونترول ولا ان يتم اتخاذ القرارات المصيرية باسمه دون الرجوع اليه والى المؤسسات التي تمثله وتعبر عنه ..
إن حسن إدارة و سلامة آلية عمل اي مؤسسة هي الشرط الأول والأساس لتحقيق اهدافها وغاياتها ونجاحها ..
الشعب الفلسطيني جدير بالمشاركة في ادارة شؤونه وادارة صراعه مع عدوه حتى ينتزع كافة حقوقه الوطنية وهذا يمثل العامل الرئيس في تكريس وحدته وتحقيق اهدافه والانتصار على اعدائه ..
لذا لا بد من مراجعة كافة المواقف والقرارات المصيرية والعودة بها الى الشعب ومؤسساته من اجل اقرارها..