الكوفية:خاص: كشفت دراسة أعدها نائب رئيس مركز الناطور للدراسات، د. يوسف يونس، أن القضية الفلسطينية بأخطر مراحلها وأدقها بحكم المخاطر الناجمة عن المخططات الأمريكية والإسرائيلية، وانكفاء الربط بين قضية فلسطين والتطبيع مع إسرائيل، أو الأرض مقابل السلام، لصالح معادلة “السلام مقابل السلام”، وإقامة تحالف بين دول عربية وإسرائيل، ما أخل بالمعادلات التي حكمت الصراع لسنوات طويلة، ما يدفع باتجاه ضرورة إعادة صياغة وتشكيل الموقف الفلسطيني، لمجابهة تلك التحديات الاستراتيجية المحدقة بمستقبل الشعب الفلسطيني.
وقال الباحث، وهو مختص في الشؤون السياسية، إنه بالرغم من هذه الأجواء التصالحية السائدة إلا أن هناك العديد القضايا لا زالت عالقة، وهو ما عزز التساؤلات إن كانت التقارب الفصائلي، يعود لقناعات حقيقية بإنهاء الانقسام لمواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية، أم أنه يعود لوجود مخطط أمريكي إسرائيلي لخلق قيادة فلسطينية بديلة عنهما؟؟!.
وتبحث الدراسة المعنونة بـ"فلسطين في مواجهة تحديات استراتيجية"، في الخيارات الفلسطينية المحتملة، وأهم العقبات والتحديات، ومحددات الاتجاهات المستقبلية، سواء على صعيد الانتخابات التشريعية، إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة تفعيلها، البعد الإقليمي والدولي، ومستقبل السلطة الفلسطينية، وصولا إلى تقديم الرؤية الاستراتيجية وتوصيات لمركز صناعة القرار الفلسطيني.
وتعتبر الدراسة، أن الانتخابات تشكل المدخل الأمثل لتجديد الشرعيات الفلسطينية، وإنهاء الانقسام، وإصلاح منظمة التحرير، وإعادة تفعيلها، والتأكيد على دور السلطة الموحدة، ومحاصرة الاعتبارات العشائرية التي تشكل أحد مكامن الخطر على الهوية الوطنية.
وقسّمت الدراسة، وجهات النظر بخصوص الانتخابات إلى تيارين: الأول يرى سرعة إجراء الانتخابات، باعتبارها الطريق الامثل لتجاوز أزمة النظام السياسي الفلسطيني، ووضع حد للانقسام ومعالجة الخلل في المؤسسات والقيادات القائمة، وقطع الطريق على محاولات فرض قيادة "غير وطنية".
والتيار الثاني يرى أنه لا تتوفر الظروف، لتنظيم الانتخابات في المرحلة الحالية، ويعتقد بضرورة اعتماد مبدأ "التوافق الوطني".
وأشار الباحث في الدراسة، إلى أن هناك اجماعا على ضرورة أن يكون إصلاح وتفعيل منظمة التحرير، على أسس ديمقراطية سليمة، تستند إلى مبدأ الشراكة الحقيقية، وشاملا للهيكل التنظيمي والمؤسساتي، والبرنامج السياسي، وفي المقابل هناك رأي آخر يرى إمكانية الاستفادة من الدورة القادمة للمجلس المركزي لاعتماد الإصلاحات اللازمة في النظام السياسي الفلسطيني باعتبار أن المجلس المركزي لديه صلاحيات المجلس الوطني.
وأوضح، أن خيارات مستقبل الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية تتوزع ما بين خيار تغيير وظيفة السلطة الفلسطينية، وتحريرها من الاتفاقيات، وحصر وظيفتها في المهمّة الإدارية، مع نقل المهمّة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والخيار الثاني الذي يرى ضرورة إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال استنادا إلى شرعية الدولة الفلسطينية في قرار الأمم المتحدة 181 الصادر في 11-1947، وقرار الجمعية العامة 67/19 في اجتماعها السابع والستين في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، والذي قرر منح فلسطين صفة "دولة غير عضو في الأمم المتحدة"، ما يعني تغيير صفة فلسطين من "كيان غير عضو" إلى "دولة غير عضو". وهذا القرار من شأنه أن يعيد توصيف إسرائيل "دولة احتلال" بموجب قراري مجلس الأمن 242 و338، ووقف إجراءات إسرائيل لاعتبار الأراضي الفلسطينية "متنازع عليها" وليست "دولة محتلة"، ومن حق الشعب الفلسطيني ممارسة حقوقه كاملة في مقاومة الاحتلال، وهو ما يمنح الفلسطينيين الحق في إجراء انتخابات "برلمان دولة فلسطين" ، بدلا من "انتخابات المجلس التشريعي".
وتطرح بعض الشخصيات خيار "الدولة الواحدة"، باعتبار أن اليمين الإسرائيلي قوض أسس حل الدولتين، ويرى المعارضون لهذا الخيار أنه يتجاوز المشروع الوطني الفلسطيني الذي وُضِعت أسسه في دورة المجلس الوطني في الجزائر سنة 1988م، وسيُحدث ارباكاً في الموقف الرسمي الفلسطيني.
وقال الباحث، إنه في ضوء المعطيات السابقة، واستنادا إلى أن المحاور والصراعات الإقليمية باتت تشكل محركا رئيسيا لاتجاهات الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، وتحديدا في منطقة شرق المتوسط حيث تستعد واشنطن لتسليم موقع القيادة إلى إسرائيل، حيث ستتقاطع مصالح روسيا والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا وإيران، ومن ثم فإن مستقبل الدور الإقليمي لإسرائيل سيتوقف على مواجهة "التحدي الفلسطيني"، وعلى إدارة علاقات ذكية مع الأطراف الأخرى.
وأضاف، بينما ترى بعض التقديرات بحتمية نجاح سعي الإدارة الأمريكية، لفرض حل إقليمي للقضية الفلسطينية، من خلال إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية في المنطقة، عبر صياغة نظام إقليمي، يضم إسرائيل وبعض الدول العربية في تحالفات إقليمية جديدة، لخدمة مصالحها الاستراتيجية، إلا أننا نعتقد أنه ليس بالضرورة ان يكتب النجاح لتلك المخططات، لأكثر من سبب:
أولاً: أي تغيير إقليمي يجب أن يحقق الأمن الإقليمي، ولكن المحور المقصود هنا سيتصادم مع المحورين الفاعلين في المنطقة، الإيراني والتركي، ما سيدخل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار لن يسمح فيها لأي طرف بالهيمنة غير “إسرائيل”، أما الطرف العربي المتحالف معها فسيكون وقود معركة الاستنزاف.
ثانيًا: الصراع الدولي يزداد سخونة في المنطقة بالتواجد الروسي في سوريا وليبيا وحلفها الحذر غير المعلن مع إيران لمواجهة النفوذ الأمريكي في المنطقة، وفي الوقت الذي كانت الولايات المتحدة تسعى للخروج من المنطقة والاتجاه شرقا لحصار الصين بالتعاون مع القوى الإقليمية هناك وجدت أن الصين تدخل بقوة إلى الشرق الأوسط المحسوب كمنطقة نفوذ أمريكية.
وأوصت الدراسة، بأن استنهاض الوضع الفلسطيني يتطلب أكثر من التوافق، وأكثر من مجرد الشراكة أو تقاسم السلطة، باتجاه إعادة بناء الكيانات الفلسطينية على أسس مؤسسية وطنية وديمقراطية، مع ضرورة إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير، وتجديد شرعية هيئاتها، وإعادة صياغة الخيارات الوطنية. ولذلك فان الانتخابات هي المدخل الأسلم لحسم الخلافات حول القضايا المطروحة، وضمنها الخيارات الوطنية التي ينبغي اعتمادها، بطريقة ديمقراطية، خاصة وأن القضايا ذات الطابع المؤسساتي، تمثل الحلقة المركزية لإخراج الحالة الفلسطينية من أزمتها، وتزويدها بالمؤسسات الوطنية الموحدة، والبرنامج السياسي، وهذا ما يتطلب توفير الشروط والآليات المؤسساتية لتأكيد مبدأ الإئتلاف والشراكة الوطنية وتجاوز السلبيات السابقة.
وجاء في التوصيات أيضًا، أن هناك تخوفا من التركيز على موضوع الانتخابات، دون البحث المعمق في العديد من المعضلات الرئيسية التي تحول دون إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، وهو ما يعني استمرار الانقسام ويعزز من خطورة تطوره ليصبح انفصالاً، ما يخدم المشاريع المطروحة لفرض القيادة البديلة على الشعب الفلسطيني، ولذلك نرى ضرورة الاتفاق على رؤية شاملة تنبثق عنها استراتيجية سياسية ونضالية، وبرنامج سياسي شامل يضمن عملية الإصلاح الداخلي وترتيب البيت الفلسطيني وفق معيار المصلحة الوطنية. وتحديد آليات عمل توافقية ملزمة للوصول إلى استعادة وحدة المؤسسات الوطنية، وتحديد آليات وادوات مواجهة الاحتلال.
واختتمت التوصيات بالتشديد على أن هناك ضرورة لتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية مصغرة تكون مهمتها الأساسية الاستعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية لدولة فلسطين في الضفة وغزة والقدس، وتحقيق الشراكة، وتوحيد المؤسسات الفلسطينية وفق هيكل وظيفي فعال، ومعالجة آثار الانقسام، وتوفير سيادة القانون، وأنه من الضروري التفكير في اجراء الانتخابات الفلسطينية القادمة تحت مسمى "برلمان فلسطين" وليس "المجلس التشريعي"، بعد اعلان "دولة فلسطين تحت الاحتلال" استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية التي أقرت شرعية "الدولة الفلسطينية"، وهو ما يجب استغلاله في المرحلة الحالية.
لقراءة الدراسة كاملة اضغط هنا