اليوم الخميس 25 إبريل 2024م
عاجل
  • استشهاد 3 أطفال بعد استهدافهم بصاروخ من طائرة استطلاع في محيط المستشفى الإندونيسي
استشهاد 3 أطفال بعد استهدافهم بصاروخ من طائرة استطلاع في محيط المستشفى الإندونيسيالكوفية أهالي جنين يشيعون جثمان الشهيد الطفل عروق إلى مثواه الأخيرالكوفية بث مباشر.. تطورات اليوم الـ 202 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية علاقة قطر مع حماس.. من الرعاية الكاملة إلى الاستضافة المؤقتةالكوفية خطة إسرائيل لاستبدال «أونروا» في التعليمالكوفية الاحتلال يشدد إجراءاته عند حاجز تياسير العسكري شرق طوباسالكوفية الاحتلال يسحب لواء الناحال من قطاع غزةالكوفية الصحة: الاحتلال ارتكب 5 مجازر ضد العائلات في غزة راح ضحيتها 43شهيدا و64 مصاباالكوفية الصحة: نناشد بضرورة التدخل وتوفير الوقود اللازم لاستمرار تقديم الخدمات للمرضىالكوفية الصحة: نحذر من قرب توقف مولدات الكهرباء الخاصة بالمستشفيات نتيجة عدم توفر الوقودالكوفية طائرات الاحتلال تقصف منزلا لعائلة نايفة في شارع الحطبية في مدينة بيت لاهيا شمال القطاعالكوفية فيديو| قوة خاصة إسرائيلية تختطف شابًا من نابلسالكوفية مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليهاالكوفية الهلال الأحمر: نحذر من انتشار كبير للأمراض المعدية بين صفوف النازحينالكوفية تحذيرات من توقف مولدات الكهرباء الخاصة بالمستشفيات نتيجة عدم توفر الوقودالكوفية «التنمية»: بدء صرف مساعدات للأيتام في قطاع غزةالكوفية يتسحاك بريك: الجيش الإسرائيلي يكذب حول أعداد القتلى من حماسالكوفية سموتريتش: يجب قطع العلاقات مع السلطة الفلسطينيةالكوفية غارة إسرائيلية على محيط بلدة دورس شرق لبنانالكوفية مستوطنون يقتحمون الموقع الأثري في سبسطية شمال غرب نابلسالكوفية

تعيش الأوراق في الشرق الأوسط أطول مما يعيش البشر !

08:08 - 19 سبتمبر - 2020
بقلم: ناحوم برنياع
الكوفية:

تعيش الأوراق في الشرق الأوسط أطول مما يعيش البشر؛ فقد قُتل السادات وعجز بيغن، ولكن الاتفاق الذي وقعاه في كامب ديفيد نجا من حربين في لبنان وثورتين في مصر ونار في غزة، ولا يزال باقياً. توفي الملك حسين قبل الأوان، وقُتل رابين، والملك عبدالله غير مستعد ليلتقي برئيس وزراء إسرائيل، ولكن الاتفاق الذي وقع عليه أبوه ساري المفعول وينفذ بعناية على ضفتي النهر. وحتى اتفاق أوسلو البائس، الذي يُحتقر في الطرفين، يواصل الصمود، ان لم يكن كخطة عمل، فكفكرة تركل، وكذريعة يتعلقون بها.

كما أن النجاة الاكثر تأثيراً هي نجاة اتفاق سايكس بيكو، ورقة كتبها قبل 104 سنوات موظفان استعماريان مغروران، غريبان عن الشعوب التي تعيش هنا، وعن الثقافة، وعن الجغرافيا. فقد رسم الاتفاق بيد فظة، وباهمال وبجهل حدود الدول في الشرق الاوسط. وقد نجا من كل ثورات العالم العربي. وفي هذه الاثناء لا بديل له.

سيكون هذا، كما من المعقول الافتراض، مصير الاتفاق الذي وقع، الثلاثاء الماضي، في الساحة الجنوبية للبيت الابيض. وهو سيبقى بعد سنوات حكم ترامب، نتنياهو، محمد بن زايد، حاكم الامارات، وحمد، ملك البحرين. الأوراق تخلق واقعاً: الأحرف الصغيرة تنسى ولكن الإطار يبقى. الاحترام للأوراق.

جاء أحد قدامى طريق السلام الأميركي الى الاحتفال. ليس الأميركيون هم من دعوه؛ ولا الإسرائيليون؛ الاماراتيون هم الذين دعوه. وقد جاء بسرور: قسم كبير من حياته كرّسه لدفع السلام الى الامام بين إسرائيل والعالم العربي. كل خطوة تتم في هذا الاتجاه تفرحه. ولكن هذه المرة كانت الفرحة مختلفة. «لم يكن بوسعي ألا أفكر بالسادات وبيغن، الحسين ورابين، عرفات ورابين» قال، وأضاف: «هذا لم يكن الأمر ذاته».

وجد صعوبة في أن يجد الكلمات الصحيحة. عندما شاهدت احتفال التوقيع، قلت له، اعتقدت أنني اشاهد صفقة تجارية ناجحة: يوجد رضى، لا يوجد نقاء روحي. وبالاساس، لا يوجد ألم، لا يوجد دم، لا توجد مأساة، لا توجد رواسب داخلية. فخليط الحرب والثكل في خطاب نتنياهو كان زائدا. محاولة فاشلة لأن يشبه نفسه ببيغن ورابين.

نعم، قال. الصفقة قد تكون الكلمة الصحيحة.

في الصفوف العشرة الاولى جلس الطاقم الأول الأميركي: وزراء، موظفون كبار، سناتورات جمهوريون. أما السناتورات الديمقراطيون فلم نرهم. كما لم نرَ عربا أميركيين، بخلاف الاحتفالات السابقة. وفي الخلف جلس اليهود المعروفون، اولئك الذين اتصالهم الوحيد بالواقع في الشرق الاوسط هو التواجد في الاحتفالات. برز بينهم اليهود الجمهوريون، يهود ترامب.

ترامب ونتنياهو شخصان لا يمكن لأحد ألا يكترث لهما. يحبونهما او يمقتونهما. الشحنة العاطفية تجاه كل واحد منهما تغطي على الموقف من الاتفاق. أعرف أناسا، في الولايات المتحدة وفي إسرائيل على حد سواء ممن وجدوا صعوبة في ان يشاهدوا الاحتفال. فسلوك ترامب ونتنياهو يضيّق عليهم الخناق. البشائر الطيبة هي بشائر طيبة، ولا يهم على لسان من تأتي.

الرئيس عاشق

درُج الافتراض بأن ترامب يأتي الى ما هو جاهز. دوره في العمل اليومي بالحد الأدنى. فهو لا يتمتع بالقدر اللازم من الإنصات لإدارة مسيرة وبالتأكيد ليست مسيرة معقدة تحتاج الى صبر، خبرة، ونزول الى التفاصيل. الاحتفال، الصور في التلفاز، التغريدات في الشبكة، هذا كل ما يهمه.

ليس في هذه الحالة. يتبين، وفقا لمصادر مختلفة أن ترامب عشق المشروع الاماراتي. وهو يمارس الضغط على جارد كوشنير وفريقه كي يجلب المزيد من الدول، وأن يمتشق المزيد من الأرانب من القبعة. في تصريح للإعلام تحدث عن «خمس – ست» دول. فالاتفاقات تغذي نرجسيته، وتعزز صورته الذاتية كصانع للصفقات، وعظيم الصفقات في التاريخ، وفنان الصفقات. وفي الهوامش هذه مادة طيبة للانتخابات، للمواجهات التلفزيونية مع بايدن، للإفنجيليين، للناخبين اليهود في دور العجزة في فلوريدا.

محافل في إسرائيل تشير الى المصاعب. لكل دولة مرشحة للتطبيع توجد حواجز خاصة بها. يفترض بعُمان ان تكون الأولى. فقد حكم السلطان قابوس هناك خمسين سنة. وكان ابن بيت في إسرائيل. وكانت إسرائيل ابنة بيت في عُمان، سراً وعلناً. في كانون الثاني من هذا العام توفي قابوس. وصعد الى عرش السلطان ابن عمه هيثم. وطالما لم يثبت حكمه، فانه يخشى تأطير العلاقات مع إسرائيل.

في السعودية يدور جدال: يدفع ولي العهد، محمد بن سلمان، الى التطبيع؛ فالتطبيع سيرمم مكانته في الولايات المتحدة التي تضررت بشدة بسبب قتل الصحافي خاشقجي. أبوه الملك العجوز سلمان يستخدم الفيتو. وهو يرفض التخلي عن مبادرة السلام السعودية، التي اشترطت التطبيع بانسحاب إسرائيل الى خطوط 67. وفي هذه الاثناء يسمح الحكم السعودي للبحرين، الدولة الربيبة، بأن تقطع كل الطريق الى التطبيع. كانت البحرين جائزة من ابن سلمان لترامب؛ سلفة على حساب المستقبل. وفتحت سماء السعودية امام طيران الشركات الإسرائيلية. كل هذه الامور تجري علنا فوق الطاولة، ومن المشكوك فيه ان تقوم السعودية بخطوة اخرى، حاسمة، قبل الانتخابات في الولايات المتحدة.

في السودان تجد الحكومة صعوبة في التخلص من وجود منظمات الارهاب. وهي لا تزال غير ناضجة للاتفاق. للمغرب يوجد عمليا تطبيع طويل مع إسرائيل ولكن الملك لا يسارع ليجعله رسميا.

حتى لو لم تدخل دول أخرى الى دائرة التطبيع في الخمسين يوما المتبقية حتى الانتخابات، فان الميل واضح. لقد فقد الفلسطينيون الفيتو خاصتهم على علاقات الدول السُنية مع إسرائيل. فقدوه في المرة الاولى عندما هبط السادات في البلاد، واستعادوه بعد اتفاق اوسلو، وفقدوه مرة أخرى الآن. غياب التظاهرات في عمان (الاردن) وفي القاهرة وحتى في دمشق يفيد بان الشارع العربي تغير. لم يعد الفلسطينيون يشعلونه.

على الطريق يدفن الاتفاق مبادرة السلام السعودية. فقد تبنتها إدارات أميركية سابقة. وسعت هذه الإدارات لصفقة تبادل اراضي الضفة مقابل السلام الاقليمي. ولكن جهودها فشلت. اما ادارة ترامب فقد سارت في البداية في أعقابها، ولكن عندما رفض ابو مازن صفقة القرن رفضا تاما، لم تسع الادارة لتحسين الشروط. وبدلا من هذا تجاوزته في الالتفافة. لا السلام مقابل الأرض بل السلام مقابل التنازل عن الضم وصفقة سلاح إشكالية. لقد حقق ترامب اكثر مما حقق بوش واوباما.

من يدفع الآن الى تنفيذ سريع للاتفاق هم مندوبو الإمارات: وجهتهم الى الصفقات. متى يمكننا أن نفتح عندكم حسابات بنكية؟ كان هذا احد الأسئلة الاولى التي سألوها. وفهم بنك ليئومي وبنك هبوعليم التلميح وبعثوا على الفور بالوفود الى أبو ظبي ودبي.

يسعى الإماراتيون ليبدؤوا برحلات جوية مباشرة وبالتدفق الحر للسياح. بداية مع فيزا، وبعد ذلك بدونها. يسعون ليستثمروا في التكنولوجيا العليا، وفي البنى التحتية، وفي العقارات، وفي الأمن. في كل ما يدفعهم الى الامام ويجني لهم الارباح. هم في حالة نشوة. قبل اسبوع من الاحتفال في واشنطن زار وفد البلاد. جلبوهم الى وجبة غداء في مطعم الناعورة في ابو غوش. «لا تصوروا»، أمر المرافقون الإسرائيليون. اما الاماراتيون فلم يكن يهمهم. فقد التقطت لهم صور مع الطفل ابن صاحب المطعم الذي ارتدى على شرف الصورة جلابية بيضاء. نموذجهم هو تركيا. وهم يسألون لماذا يمكن لتركيا الإسلامية أن تتاجر بالمليارات مع إسرائيل، وان تملأ جدول الطيران في مطار بن غوريون وتفتح بواباتها للسياح الإسرائيليين، ونحن لا؟ أردوغان يهاجمنا على ما يفعله هو نفسه. فهو مزدوج الأخلاق. ونحن نستخف بذلك.

 

نتنياهو من خلفك

غابي اشكنازي هو وزير الخارجية في حكومة نتنياهو. لم يسافر الى البيت الأبيض، رغم أن الاتفاقات وقعت على مستوى وزراء الخارجية. نتنياهو، في فعل وقح، متعالٍ، وغير قانوني، أخذ كل السلام لنفسه ولم يبقِ شيئا لزملائه. من يأكل وحده يمت وحده، كما درج على القول في الجيش، ولكن نتنياهو اعتاد على أمر آخر. كان يمكن لاشكنازي أن يجلس مساء الثلاثاء في البيت، وحده امام التلفاز، ليشاهد الاحتفال ويأكل قلبه. ولكنه اختار ان يذهب الى مناسبة جماهيرية. كمنت له هناك.

جرت المناسبة في متحف بلاد إسرائيل في تل أبيب. جمعية تسمى «شراكة درع إسرائيلية» تساعد المقاتلين الذين اصيبوا بصدمة قتالية، بادرت الى مشروع صور: مقاتلون ومقاتلات مصابون التقطت لهم صور مع شخصيات اختاروهم، بالاجمال مع سياسيين وفنانين. روبي ريفلين، رئيس الدولة، تصور مع ليئور نير مسعف اصيب في لبنان؛ نفتالي بينيت مع درور كندلشتاين، مقاتل في الهندسة القتالية؛ غابي اشكنازي مع شاحر كنفو، مظليّ. ووقف الوافدون في الطابور لالتقاط صور السلفي مع اشكنازي. وشعر بأنه في البيت.

اثناء اليوم، عندما تبين أن نتنياهو لا يمكنه أن يوقع دون موافقة اشكنازي، كان هناك من أوصاه ان يرفض. هكذا كان سيتصرف نتنياهو. اما اشكنازي فقال ما المعنى؟ قرأ الأوراق، لم يجد فيها مشكلة، تأكد انها ستجتاز إقراراً في الحكومة فوقع.

من ناحية اشكنازي و»أزرق أبيض» للاتفاق توجد آثار بعيدة المدى. قبل كل شيء فانه يشطب الضم عن جدول الأعمال. فالإمارات أوضحت بانه اذا حدث ضم لن يكون هناك تطبيع. دول عربية اخرى لن تأتي ولن تتخذ خطوات مرحلية. نتنياهو لا يقول الحقيقة للإسرائيليين في هذا الموضوع.

وليس الضم وحده لن يكون: فالدينامية الناشئة مع الاتفاق ستجعل من الصعب على الحكومة ان تقرر خطوات من طرف واحد في «المناطق». إدارة ترامب لا ترغب في أن تحرج دول الخليج. هذا سيؤثر على البناء في المستوطنات، وربما على هدم المنازل.

في مفهوم معين يعود حل الدولتين ليكون ذا صلة. وسيتعين على استئناف المفاوضات ان ينتظر على ما يبدو الى ما بعد اعتزال ابو مازن. كل الجهود لاقناعه تلطيف حدة موقفه اصطدمت بالحائط. مندوب الدول المانحة الذي التقاه مؤخرا اقترح ضخ المال للسلطة مقابل استئناف التنسيق الأمني. وهذا أيضا رفضه. ولكن الجيل التالي في القيادة الفلسطينية قد يعيد احتساب المسار. فالفلسطينيون يرون ما يحصل في المحيط، في العالم العربي. في وزارة الخارجية تعمل دائرة للدبلوماسية العامة. وهي تتابع الشبكات الاجتماعية في العالم العربي. يوجد تغيير في الوعي. التطلع الى التقدم، والى التطبيع، يجرف الشباب. هذا يحصل ايضا في الرحاب الفلسطيني.

لقد اضعفت أزمة «كورونا» نتنياهو بين الجمهور. إذا حل الحكومة في تشرين الثاني، من شأنه أن يفقد في الانتخابات كل ما يوجد لديه. في الطريق السياسي الذي يسير فيه، فان بيني غانتس شريك اكثر راحة بكثير من بينيت.

في فترة ولاية الحكومات الانتقالية اعتاد نتنياهو أن يقرر وحده. وزراء «أزرق أبيض» مقتنعون بأن هذه الفترة انتهت. هكذا يبدو الحال من جانبهم: منعوا الضم؛ وفتحوا الباب لاتفاقات سلام؛ وأنقذوا جهاز القضاء؛ وضمنوا أن يقدم رئيس الوزراء الى المحاكمة.

يوجد لهم ما يروونه للأحفاد.

 

عن «يديعوت»

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق