- هيئة المعابر: الاحتلال يفرج عن عدد من الأسرى الذين تم اعتقالهم من مختلف مدن قطاع غزة وعددهم 102
- صافرات الإنذار تدوي في حنيتا وشلومي وبتست بالجليل الغربي
متابعات: في كواليس شركة إنتاج سينمائي، لا يتضح جليّاً إن كانت تخرج بروائع على الشاشة البيضاء أو الفضيّة من عدمه، يكشف فيلم "المُساعِدة" (The Assistant)، عن حالة من الإحباط جراء تعفّن منظومة العمل، عبر يوميات "جين" التي ارتفعت كصوت سردي يفرض مسيرته البطيئة والمتسارعة في آن، وكأنه يعرض ساقاً مصابة بـ"الغرغرينا"، وتقاتل من أجل البقاء بعيداً عن مقصلة البتر، وإن كان الإحباط يتملكها في المكان الذي من المفترض أنه يصنع البهجة.
المخرجة كيتي غرين، وفي فيلمها الأول الذي يبدو متقشفاً من الناحية الإنتاجية، تقدم طرحاً يفضح تلك القسوة الكامنة وراء رعب فقدان المهنة، في زمن شحّ الوظائف، جرّاء عدم مواءمتها لرغبات مديرها في العمل، الذي تعتلي النساء عنده السلم الوظيفي تبعاً لحميمية علاقاتهن معه، فـ"جين" (جوليا غارنر)، والتي تتحصل على وظيفة مُساعدة منتج في شركة سينمائية، تعمل باجتهاد لإثبات ذاتها، ولساعات طويلة، ما بين تنسيق، وطباعة، ورد على الهواتف المهنية والمتطفلة، وحتى التنظيف، لدرجة أنها تنسى عيد ميلاد والدها، ومع ذلك تبقى تلاحق حلمها في أن تتحوّل ذات يوم إلى منتجة مشهورة.
لكن المفارقة تتأتى ليس مما تكتشفه من آثار علاقات للمدير العام مع سيدات متعددات، من قرط هنا، وإسورة هناك، وغيرهما، بل عندما يعيّن مُساعِدة جديدة لعلاقة جمعتهما في بلدتها ذات مؤتمر، فيتردد عليها، كما أكد مستشاروه في الفندق الذي حجزت فيه "جين" بنفسها غرفة العاملة الجديدة التي قد تأخذ مكانها، وأكثر من ذلك، وهو ما بدا جليّاً، حين كلمها ذات مساء، وعلى غير العادة، طالباً منها أن تغادر المكتب، ليتضح بعدها أنه على موعد غرامي مع من كانت نادلة، أو غيرها من القائمة النسائية الطويلة في يومياته، وهن في غالبيتهن كما هو وزوجته لا يظهرون إلا في الهامش، بل في هامش الهامش.
إنه فيلم يثير الغضب، فما يحدث مع "جين" في ذلك المكتب بمدينة نيويورك، ليس إلا كابوساً يتكرر مع مئات الآلاف وربما ملايين النساء بالدرجة الأولى، والرجال بدرجة أقل في أماكن العمل، حيث الاضطهاد المتراكم، وببطء انعكس في تركيبة الفيلم ومسيرته، فعشرات الإهانات الصغيرة تتحول مع الوقت إلى رعب كبير، وتوبيخ يتلوه آخر، وإن بدا غير ذي قيمة، يصنع كتلة ورمية يصعب التخلص منها، أو ابتلاعها مع كأس من الشاي أو قدح من القهوة أو صحن من "الكورن فليكس" الملوّن، كما أن الجرح الصغير إذا ما استمر في النزف، فإن "الغرغرينا" قد تستفحل، ولا يكون الخيار حينها إلا بتر العضو المصاب، كي لا يتسمم الجسد بأكمله.. هذا ما حدث مع "المُساعِدة" وفيه.
وعلى ما يبدو فإن الفيلم جاء جزءا من تلك الصرخة التي باتت مدوية ضد التحرش في عالم السينما، ولو بعد حين، وإن كان التحرش هنا ليس بـ"جين"، لكنه يحطم أحلامها، لكونها "ليست ممن يرقن للمدير"، فالإساءات في هذا الاتجاه مستمرة بشكل أو بآخر، ليس فقط في قطاع السينما، وإن كانت "المُساعِدة" تعمل في شركة إنتاج سينمائي، بل في مختلف قطاعات العمل والشركات، فهو فيلم خانق يتكئ على المؤثرات السمعية البصرية، ولغة الجسد.
وفي ظل صمت ليس مطبقاً، ولكنه يبدو مسيطراً في الفيلم الذي حظي بترحاب نقدي كبير، تبرز أصوات الطابعات والقرقعات في المطبخ، وأضواء الماسحات الضوئية (السكانرز)، مع كثير من الهمس، يرمز إلى ذلك الصوت الخافت في مواجهة تسلط ومزاجية رب العمل أو أربابه إذا ما تمّ تعميم تجربة "جين"، التي ابتلعت الجرعات اليومية شديدة المرارة، لقناعتها بأن الصمت والرضوخ هما الوسيلتين لضمان البقاء على قيد الوظيفة، وكأنها حالة تطبيع مع الإهانات في أماكن العمل، حد التستر، بل والاعتذار!