ما أن أعلنت حكومة الرئيس محمود عباس في رام الله، عن 19 إجراء لمواجهة خطر الوباء الفايروسي، ومنها الإغلاق التام لمحافظات تشهد انتشار الخطر، سارع محافظي نابلس، الخليل، رام الله وبيت لحم برفض القرار المركزي الحكومي.
قرار المحافظين الأربعة العلني برفض الإجراءات، يمثل، وبلا أي محاولة "تجميل" أو "مكيجة" له، شكلا من اشكال التمرد الصريح، بل تحديا غير مسبوق، مستعينين بأصحاب المصالح التجارية والاقتصادية كسلاح لتغطية التمرد.
من حيث المبدأ، من حق أي جهة وطنية كانت او مؤسسة تجارية، ان تبدي رأيا في القرارات الحكومية للمصلحة العامة، وبما يخدم القرار الرسمي ومصلحة الناس، يحكمها حساب سياسي، وليس بالطريقة التي كشفت رفضا علنيا من أجهزة رسمية تعتبر جهات تنفيذية، ما يمثل ضربة لأي قرار حكومي لاحق.
لا يمكن أن يمر "تمرد الأربعة" كحدث خبري عادي، لا شكلا ولا مضمونا، فقد كشف أن هناك استغلال صريح لضعف القدرة الحكومية على تنفيذ قرارتها، مع ضعف القدرة الأمنية لضمان ذلك، وفي ظل الموقف "التصادمي" العلني مع دولة الاحتلال.
استغلال "الأربعة" أصحاب المصالح التجارية – الاقتصادية كجدار يختبئون خلفه، خطيئة سياسية لا يجب ان تمر مروا عابرا، لأن الصمت عليها وتجاهل ما تركته من "آثار" ضارة، سيكون بداية لمظاهر من "التمردات" في ظل المشهد بالضفة الغربية، ليس فقط تجارا ومؤسسات بل قد تصل الى مواقع أخرى ومسميات أخرى، وكل سيجد له سبب ومبرر.
رفض "تمرد الأربعة" ليس بالضرورة تأييدا لقرارات الحكومة، والتي كان عليها ان تكون مدروسة بعناية ضمن خلية "أزمة" وبالتشاور مع المحافظين والنقابات والقوى السياسية، كون الأمر ليس مهنيا بالشكل التقليدي، بل جزء منه له أبعاد حياتية تتعلق بالمواطن وعجلة الاقتصاد، ومنها ما يرتبط الحالة السياسية المعقدة في تنفيذ القانون، او الإجراء، فليس الأمر تنفيذا أعمى أو قرارا والسلام.
بالقطع، ليس من حق الحكومة "التعنت"، بأنها "سيدة نفسها" وهي غير ذلك تماما، بل أكد "تمرد الأربعة" انها هشة الى درجة تثير الشكوك في قدرتها على تنفيذ أي قرار جوهري لا يرضى عنه البعض، وكان التراجع السريع عن قرارها نتاج ذلك ليعريها امام المواطنين، ويقوي من شوكة كل من لا يرى في قرارتها "مصلحة" بمقاسه الخاص.
التراجع الحكومي السريع بعد التمرد كان أكثر خطيئة من التمرد ذاته، وما كان لها ذلك بتلك الطريقة المهينة لها شعبيا أولا، وهيبة سياسية مع العدو المحتل ودول العالم.
لو كان لها أن تتراجع، كان يجب أن يسبقها معاقبة المتمردين أولا، ثم عقد لقاء طارئ لخلية الأزمة التي يدعون وجودها، ودعوة المؤسسات الاقتصادية لذلك اللقاء، ثم تبدأ حركة تصويب القرار وفق لمصلحة الناس ومصلحة مواجهة الوباء، كي لا يصبح الأمر بلا حساب وتفتح أبواب "الرذيلة السياسية" التي ينتظرها البعض بدعم صريح من أجهزة أمن الاحتلال، لخدمة المشروع التهويدي.
محاسبة التمرد ضرورة، لو اريد محاصرة "فوضى قادمة" يتم الاعداد لها، وتفجيرها ما قبل اعلان دولة الكيان قرارها الرسمي تنفيذ التهويد، حيث ستكون "الفوضى والفلتان الأمني" ركيزة من ركائزها لتمرير المشروع الأخطر وطنيا، وساذج من يتجاهل ما تعده سلطات الاحتلال من "عبث" بالوضع الداخلي الفلسطيني، وتحت كل الشعارات التي تسمح لها بتمرير مخططها التوراتي.
الحساب ليس فعلا شخصيا بل حساب سياسي كي لا يصبح الندم خيارا وطنيا.
ملاحظة: بعض من صغار حماس لا زالوا يمارسون استهبالهم السياسي...حالة انكار نادرة في رفض الاعتراف بالمصيبة التي حلت بجهازهم الأمني...فشتم "أمد" ليس هو الرد يا صغار!
تنويه خاص: ألغت الحكومة "مهرجان" ضد الضم كان يجب عقده في رام الله الثلاثاء، أي كان أثره، بحجة منع التجمعات ولكنها تفتح التجمعات لغير ذلك...مفارقة طريفة!